Search
Close this search box.

ريا الحسن… سيدة في وزارة الداخلية (استلم التحدي)

ريا الحسن… سيدة في وزارة الداخلية (استلم التحدي)

غالية الريش

أن تتبوأ سيدة من لبنان موقع وزارة الداخلية خطوة غير مسبوقة في عالمنا العربي، وتطور مهم على صعيد الشكل. ولعل السيرة الذاتية للسيدة ريا الحفار الحسن هو ما يمنح تقييمنا وتوقعاتنا، لمضمون وصولها إلى هذا الموقع، تقديراً لايقل أهمية على صعيد الشكل في بلد يحفل بأزمات عاصفة، واستقطابات إقليمية ودولية حادة، فضلاً عن الأعباء السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تثقل كاهل لبنان (النزوح السوري- التهديدات الاسرائيلية- الأزمات المعاشية والفقر وهشاشة البنية التحتية).

لم يكن اختيار السيدة ريا لهذا المنصب الصعب إلا لكونها سيدة فولاذية من طراز جديد في عالمنا العربي، وذات قدرات على تحمل الضغوط، ومزاياها الأكاديمية والأخلاقية تمثل عصب القوة في شخصيتها من حيث تأهيلها الاكاديمي وتفانيها في عملها، وطريقة إدارتها الهادئة والمتزنة والمدروسة، فضلاً عن نزاهتها المشهود لها لكل من عملَ وتعاون معها، ومثابرتها على حل الملفات الموضوعة على طاولة عملها، وهو ماتعكسه فترة استلامها وزارة المال.

ولدت ريّا حفار الحسن في يناير/كانون الثاني سنة 1967 في طرابلس- لبنان، وحصلت في العام1987 على شهادتها الجامعية في إدارة الاعمال من الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم حصلت على ماجيستير  في إدارة الاعمال من جامعة جورج واشنطن الأمريكية عام 1990.

وقبل التحاقها بالعمل في وزارة المالية عام1992 كانت مسؤولة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع رئاسة الحكومة اللبنانية.

وصلت الوزيرة ريا الحسن إلى قمة هرم وزارة المالية، بعد تدرجها في هذه الوزارة فترة طويلة من الزمن، إذ بدأت عملها موظفة عام 1992 واستلامها لمهمات ووظائف على رأس منظمات إقليمية ودولية.

أما المنصب الأخير الذي كانت تشغله قبل أن يتم اختيارها في حكومة العهد الأولى، منذ عام 2015 رئيسة لمجلس إدارة ومدير عام المنطقة الإقتصادية في طرابلس، بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء – في حينها- تمام سلام.

كمثل القشدة على وجه الحلوى

بعد توليها وزارة المالية عام 2009 نفت أن يكون السبب في ذلك كونها امرأة وأكدت في أحاديث صحفية: “لا علاقة لكوني امرأة باستوزاري، ولن يكون تحدياً أكبر كوني امرأة، بل خبرتي وعملي هما أكبر برهان لتحديد مدى قدرتي على العمل، وحتى لو كنت امرأة لما فكر الحريري في تعييني، إذا لم تكن لدي هذه الخبرة من التسعينات إلى اليوم، ربما زاد ذلك من حظوظي، بحيث كان مثل القشدة على وجه الحلوى، لكن الحلوى موجودة أصلاً”.

وعن الفرق في العمل بين الرجل والمرأة قالت الحسن إن للمرأة صبراً أكبر على متابعة المسائل التي تعمل عليها، بطريقتنا يمكننا التحاور من دون وجود عصبية، وبهدوء لإيصال فكرتنا، وإذا كنا متمكنات من القضايا التي نناقشها ولدينا القدرة للنقاش فلا يوجد مشكلة، لأننا سننجح بالتأكيد، والمرأة حين تتولى مركزاً أو مسؤولية يمكنها أن تظهر قدرة على العمل بجدية. وتكون محاطة بطريقة جيدة، وكونها امرأة في أجواء تغلب عليه الذكورية لا تحس بأي فارق، فهي طيلة حياتها كانت تعمل في أجواء تطغى عليها الشوفينية، ولكنها صبرت وعملت كثيراً.

كما قالت الحسن في تصريحات لها عقب توليها وزارة المالية عام 2009 إنها بحثت الأمر مع زوجها وما إذا كان توليها الوزارة سيؤثر سلبا في العائلة، وقالت: “لكننا اتفقنا واتخذنا قراراً بعدم الرفض لأنها فرصة يجب ألا نضيعها، أضف إلى ذلك أنه لا يوجد شيء سيؤثر في العائلة لأن أفرادها معتادون على انشغالاتي كوني أعمل منذ زمن طويل ولأوقات طويلة، وأصبح لدى أولادي استقلال في حياتهم اليومية”.

قراءة في كلمة مستهل الإستلام

لانبالغ في التقدير، كم لخصت السيدة الوزيرة في مؤتمرها الصحفي بتاريخ 2019/2/6 أثناء مراسم الاستلام والتسليم، سماتها القيادية، وعمق بصيرتها، وأسلوبها المميز في مقارباتها، وفي التأكيد أن يكون لها بصمتها الخاصة في قيادة هذه الوزارة التي تكتظ بمواجهة ملفات صعبة ومتشابكة على الصعيد الأمني والإداري، ومنعكساته على الأداء الإقتصادي والاجتماعي والسياسي، إنطلاقاً من هواجسها كمواطنة ومسؤولة التي هي هواجس كل مواطن لبناني، في إطار الخطة الأمنية التي ستشرف على صياغتها، وتنفيذها بدءاً من الملف المروري الشائك الذي يلقي بمتاعبه على كل المواطنين والعاملين، مروراً بمكافحة الجريمة المنظمة، إلى الحزم في مواجهة السلاح المتفلت “مع خط التشديد”، إلى ملف السجون وإصلاحها، بحيث تتحول إلى مؤسسة إصلاح وإعادة تأهيل السجناء لإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم المحلية، وصون كرامتهم خلال مدة تنفيذ عقوبة السجن.

مع الإشارة إلى أن الأمن لايتعارض مع احترام حقوق الإنسان، وحرية التعبير، لأن الأمن فوق أي إعتبار بالنسبة لها، ما يؤكد الثقة بتعزيز خط الحريات العامة وتأمينها بمنطق القانون وسيادته، أحد أهم سمات الداخل اللبناني والذي بدأ بالتآكل، والتقلص مع سيادة الصراعات الطائفية البينية، وتعارض الخيارات الاستراتيجية للدولة اللبنانية، خاصة ما يتعلق بسلاح المقاومة، والخلاف على حصريته من عدمها.

أنا سأحميكم من أي شخص

لكن الإشارة اللافتة في كلمة استلام الوزيرة الجديدة في الداخلية لمهامها الجديدة، في تناول ملف تعنيف المرأة “المنفلت من أي عقال أومساءلة في لبنان” باستعدادها لحماية كل سيدة من العنف، بتوجيه إلى كل المراكز الأمنية والمخافر، للعناية بكل سيدة تقدم شكوى بسبب العنف أو أي أمر آخر.

من كل ماتقدم، وكإمرأة عربية، يتعزز عندي الثقة في ثبات جدارة السيدة ريا الحسن لمنصبها الجديد في وزارة الداخلية والبلديات، وتذليل التحديات التي ستواجهها، والأهم في كسر الصورة النمطية والتقليدية في موروثنا أو ثقافتنا العربية، عن قيادة المرأة العربية ورياستها، التي لاتزال للأسف موضع استخفاف وشكوك. وهي درس لكل فتاة وإمرأة عربية بأن التعليم والتحصيل الدراسي مفتاح لإثبات الذات والجدارة، والتفوق.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »