غالية الريش
تنحو الدانمرك في ظل حكومة “حزب الشعب الدانمركي” بتشديد إجراءاتها حيال الأجانب اللاجئين من السوريين والفلسطينيين، بتسع نقاط مقترحة بهدف عودتهم إلى بلدانهم الأصلية مع كل ما تتصف به تلك البلدان من إنعدام الأمان، والإضطرابات التي تعصف بها.
وما يرجح ثقل كفة الحزب المعروف بميوله العنصرية واليمينية المتشددة، أن أكبر أحزاب المعارضة في يسار الوسط “الحزب الاجتماعي الديموقراطي” يبدي تأييده، وينظر بإيجابية إلى أغلب النقاط المقترحة، وهو منعطف سياسي ينظر إليه أغلب المراقبين “رضوخاً” أمام المد اليميني الشعبوي وتأثيراته على السياسة الدانمركية.
تخلٍ صريح عن مبادئ حقوق الانسان، وبذريعة الإجراءات الوقائية التي يتبعها حزب الشعب الدانمركي الحاكم بحق الأجانب اللاجئين على أراضيها، يذهب إلى “حافة” الاتفاقات والمعاهدات الدولية على النقلة النوعية في سياسة الهجرة والتي توصف ب” التحول السياسي الكبير”.
هذا ما أكده “ح ش د” مراراً وتكراراً منذ الإعلان عن تشديد قوانين الهجرة واللجوء، وهو لايرى أن على الدانمرك تصحيح وتعديل نهجها السياسي في حال خسارتها قضية في محكمة حقوق الإنسان الأوربية كنتيجة للإجراءات الصارمة الجديدة في مجال الهجرة.
رئيس الكتلة البرلمانية للحزب “بيتر سكاروب” أعلن بصريح القول: “من جانبنا على الأقل، لن يحدث هذا التغيير بصورة تلقائية، فقط لأن محكمة حقوق الإنسان ترى الأمور بشكل آخر. سنشعر بالأسف حقاً، في حال صدر حكم يفيد بأن علينا التراخي في سياستنا”.
يُشار إلى ان المحكمة الاوربية لحقوق الإنسان تنظر في قضايا تقيّد وامتثال الدول لميثاق حقوق الإنسان.
وجاء في موضعين اثنين في نص اتفاق قانون”المالية” أن الحكومة ماضية إلى حافة الاتفاقات والمعاهدات الدولية في إجراءاتها الصارمة: من جهة إقرار سقف العمليات لعمليات لمّ شمل أسر اللاجئين والذي يمكن تفعيله في حال تدفق كبير للاجئين إلى الدانمرك. ومن جهة أخرى القانون الذي يقول بمنح اللاجئين إقامة مؤقتة فقط في المستقبل وسحب تصاريح الإقامة عندما يكون ذلك ممكنا في إطار التزام الدانمرك بالمعاهدات الدولية.
أما ثالثة الأثافي فتأتي من خلال إقتراح “غيتوي” :إنشاء مركز ترحيل على جزيزرة ” ليندهولم” للاجئين المرفوضين والذين لا يمكن ترحيلهم إلى أوطانهم للتقليل من تنقلاتهم وتحركاتهم.
وفي إيقاع “ترامبي” وجواباً على سؤال وجوب تعديل وتصحيح السياسة وفق الأحكام القضائية أجاب ” بيتر سكاروب” أن لا صريحة و”ترامبية”: هناك عدد كبير من البلدان الأخرى التي لا تقوم بذلك.
ووفقاً ليوناس كريستوفيرسن المحامي ومدير المعهد الدانمركي لحقوق الإنسان لاتوجد شرطة حقوق إنسان أوربية لتأتي وتحاسب الدانمرك إذا هي تجاهلت احكام المحكمة.
ويرى كريستوفيرسن أن على الدانمرك تصحيح مسارها “إذا كانت هي راغبة في احترام إلتزاماتها الدولية”.
لكن قبل وصول القضية إلى محكمة حقوق الإنسان الأوربية، يجب أن تمر القضية عبر النظام القضائي الدانمركي. أكد سكاروب” أن لاخيار أمام السياسيين في حال خسرت الدولة دعوى أمام المحكمة الدانمركية العليا، عليهم الإمتثال لقرار المحكمة العليا سواء أحبوا ذلك أم لا، وإذا صدر قرار يخالف تخفيض المعونات أو تحديد سقف لمّ شمل أسر اللاجئين، سنتحدث في الأمر. لكننا لا نعد مسبقا بأننا سنقوم بتصحيح أو تعديل سياستنا”.
ويطلق سياسيو حزب الشعب الدانمركي على محكمة حقوق الإنسان اسم “متجر آخر”.
تظاهرات مضادة ونداء الدانمركيين لإخوتهم اللاجئين في الإنسانية:
مقابل هذا الزخم العنصري والمنافي لأبسط قواعد حقوق الإنسان جاءت دعوات المنظمات المدنية والإجتماعية الدانمركية للتظاهر للتضامن مع بقاء اللاجئين وإلغاء الإجراءات التعسفية والنقاط ال9 المقترحة.
فيما يلي نداء صادر عن السيدة كارين يورت من مدينة غنص على صفحتها في الفيس بوك:
أعزائي وأصدقائي اللاجئين جميعاً!
يجب أن لاتخافوا من المستقبل.
لاتحتاجون للبكاء الآن.
كثير منا يقاوم من أجلكم، ولا نتفق مع السياسيين.
في العام القادم، هناك انتخابات في الدانمرك، وقد نحصل على حكومة جديدة. يمكننا تغيير الدانمرك إذا ساعدنا بعضنا البعض.
لن يكون هناك بوليس يقومون بإحضارك في منتصف الليل.
لن يقوم أحد بإرسالك إلى جزيرة مهجورة.
أنتم الذين أتيتم من سورية لن يتم إعادتكم غداً، أو الأسبوع القادم أو هذا العام.
ثقوا بأن هناك الكثير من الدانمركيين يرغبون في مساعدتكم.
ثقوا أن الأمور ستكون على مايرام مرة أخرى.
أهم شيء الآن:
أخرج في مظاهرة الأثنين( 10/12/2018) ولكن لاتكن غاضباً وتتعارك.
لأن هذا الذي يريده حزب الشعب الدانمركي وإينكا ستوي بياو.
لاتفعل الأشياء التي يأملون ان تقوموا بها.
تصرفوا بطريقة لائقة.
اكتبوا إشارة ولافتات تخبرهم بما تريدون القيام به في الدانمرك.
اكتبوا بأنكم راغبون في العمل، ودفع الضرائب وأن تكونوا جزءا من المجتمع الدانمركي.
أظهروا أنكم حزينون.
قولوا انكم خائفون.
سوف يكون هناك صحف وتلفزيون وسوف يكتبون عنكم. دعهم يتكلمون عن قصتكم، دعهم يكتبون لم هربتم من بلادكم، دعهم يكتبون لماذا من الجيد للدانمرك أن تعيشوا هنا.
الدانمرك للجميع – عيد الميلاد على الأبواب- وهذا وقت المتعة، وقت الأسرة، السعادة، الطعام اللذيذ، والهدايا. عليكم الاستمتاع بذلك أنكم مدعوون للفرحة.
ستكون الأمور على مايرام.(1)
20الف دولار لكل لاجيء سوري يغادرالدانمرك إلى سورية!
في مستجد القضية اليوم أن الحكومة الدانمركية اتفقت مع حزب الشعب الدانمركي، اليميني المتشدّد، على تعديل إجراءات تأهيل العودة للاجئين السوريين إلى بلادهم في موازنة العام المقبل، ليصبح من الممكن للاجئين السوريين المقيمين بصفة مؤقتة في البلد الحصول على مساعدة مالية تصل إلى أكثر من 133 ألف كرونة ما يعادل نحو 20 ألف دولار أميركي لكل شخص بالغ (فوق 18 عامًا) يعود إلى سوريا.
ويفضل حزب “الشعب” دفع مبالغ مالية كبيرة لمرة واحدة للاجئين العائدين على استمرار إقامتهم في البلاد، متذرعًا بالتكاليف المالية الكبيرة، مع اعتقاده بـ”استحالة دمجهم في المجتمع”، ضمن مواقفه النقدية والصارمة في مسألة الأجانب في الدنمارك، واعتبر “مارتن هنريكسن” القيادي في الحزب أنَّ التعديل الجديد خطوة في الاتجاه الصحيح، مشيرًا إلى ضرورة تشجيع السوريين على العودة إلى بلادهم مجددًا في ظل الوضع الحالي للمجتمع الدنماركي الذي يخلق الكثير من الإحباطات للاجئين.
ورغم تحذيرات أطلقتها منظمات حقوقية ودولية، بما فيها الأمم المتحدة، بما يخص عودة اللاجئين، حيث أكدوا في وقت سابق أنَّ الأوضاع في سوريا لا تزال “غير آمنة”؛ فإنّ حزب “الشعب” دفع لتعديل، كشرط لمنح أصواته البرلمانية لمصلحة مشروع الموازنة يوم 19 ديسمبر / كانون الأول الحالي، بعنوان “المساعدة في العودة إلى الوطن”.
وتُبرز وسائل الإعلام الدنماركية، قول مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، إنه من بين خمسة ملايين لاجئ سوري في الجوار لم يعد سوى أربعين ألفًا، ورغم اعتبار المؤسسات الدولية سورية “غير آمنة” لعودة اللاجئين، يرى هنريكسن أن “لا مشكلة أخلاقية في منح المال لإرجاعهم إلى بلدهم”؛ كما يعتبر مجلس اللاجئين الدنماركي من ناحيته الخطوة “صعبة الموازنة بين مكافآت مالية للعائدين، وعدم أمان البلد الذي يرجعون إليه (2)
(1) ترجمة السيدة نادية مراد- الدانمرك
(2) المصدر وكالات
خاص “شبكة المرأة السورية”