الباب – سنا السلام
تروي سلمى من خيمتها في مدينة الباب لـ”شبكة المرأة السورية”، قصة زواجها الفاشل، فبعد سبع سنوات اتخذت قرارها بالعودة إلى منزل أهلها في مدينة الباب بريف حلب الشرقي مخلفة أطفالها في مدينة الطبقة بريف الرقة مع زوجها المنتمي لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش.
عانت سلمى لسنوات من العنف المعنوي واللفظي من زوجها وعائلته، ليختم سنواته السبع معها بالزواج من إحدى السيدات الأرامل الموجودات بدار الضيافة، وهن السيدات اللواتي فقدن أزواجهن في القتال مع تنظيم الدولة فبات لزاماً عليهن الزواج من مقاتل آخر مرغمات. تركت سلمى أطفالها في منطقة محاصرة داخل مدينة الطبقة ترزح تحت سيطرة تنظيم الدولة، على أمل أن تتحرر تلك المنطقة يوماً ما وتعود للقاء طفليها.
أما صفاء، 18 سنة، فتقول: “الله لا يسامحه ظلمني، عدت إلى خيمة والداتي قبل ولادتي بأربعة أيام، وذلك لأن زوجي أحبَ فتاة جزائرية تسكن في تركيا. الضيق الذي نعانيه داخل المخيم دفعه لخيانتي، عندما واجهته بالحقيقة، اتصل بي هاتفياً وأخبرني أني طالق طلاقاً بائناً لا رجعة فيه. أحبه ولكن لن أعود إلى شخص غير مسؤول مع طفلي الرضيع، كيف لي أن أتابع مسيرة حياتي معه؟”.
بينما سئمت إلهام من ضرب زوجها وإهاناته المتكررة طيلة أعوام عدة، ورغم ظهور الكدمات على جسدها لم تكن تخبر أسرتها خوفاً من عدم تفهمهم لحالتها، فالأنثى بنظرهم مخطئة دائماً والرجل لا ذنب له.
بقيت إلهام صامتة حتى سقوط مدينتها دوما في الغوطة الشرقية بيد قوات نظام الأسد، حيثُ خُيّر الموجودون بتهجير نحو الشمال السوري أو البقاء تحت سلطان الأسد في دوما، فاختارت أسرة إلهام الخروج فيما اختار زوجها البقاء.
عندها تشجعت إلهام وروت لأسرتها معاناتها الجسدية والنفسية مع زوجها، فتفهموا الأمر، وأجبروا زوجها على التخلي عنها وأخرجوها معهم إلى الشمال السوري، حيث روت قصتها من خيمتها التي أصبحت منزلها الجديد.
لا تتوقف المأساة عند تلك الأمثلة، فبداخل المخيم يوجد عشرات ضحايا الزواج الفاشل، والتي أسهمت الحرب في تكريسه عبر ظاهرة الطلاق المتصاعد والخيانة. ومن أسباب الزواج الفاشل أيضاً فقدان التوافق بين الزوجين من الناحية الاجتماعية والتفاوت في المستويات الثقافية والاقتصادية، بالإضافة إلى فارق العمر أحياناً، وعدم الوعي لمسؤوليات الحياة الزوجية، عدم النضج والزواج المبكر.
كما يعتبر سوء الوضع الاقتصادي من الأسباب الأبرز لفشل الزواج، ومن الأسباب التي ظهرت حديثاً ثورة الاتصالات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تحولت من نعمة إلى نقمة.
وهكذا نرى أن الحرب لم تكتفِ بتدمير بيوت السوريين ومدنهم فقط، هذا أن كانوا قد نجوا بأنفسهم طبعاً، بل وصل الدمار لنسيجهم الاجتماعي وحياتهم الزوجية. وقد جمعت مخيمات النزوح في الشمال السوري الكثير من قصص هؤلاء المدمرين، حيث تعددت أشكال العذاب والقهر فيها، كما تختلف مشارب ومدن هؤلاء النازحين الذين، أٌخرج معظمهم في إطار التهجير القسري الذي فرضه نظام الأسد على مناطقهم.
ورغم أن الجميع عانوا من تأثيرات الحرب، إلا أن المرأة كان لها الحصة الأكبر، حيث تتمثل الغالبية العظمى من ضحايا النزاعات الأسرية من النساء، فازدادت نسبة المطلقات والمعنفات بين السيدات لأسباب مختلفة.
وساهم مسلسل التهجير المتنقل في تدمير الكثير من حالات الزواج أو الأسر، حيث تخلى العشرات من الرجال عن زوجاتهم أو العكس بسبب اختيار أحدهم مصيره بالخروج للشمال السوري فيما آثر الشريك البقاء في المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام في الفترة الأخيرة بأرياف دمشق وحمص ودرعا وفرضت على ثوارها الخروج.
خاص “شبكة المرأة السورية”