Search
Close this search box.

التسوية هاجس مخيف  أًُجبرت عليه المرأة في الجنوب السوري

التسوية هاجس مخيف  أًُجبرت عليه المرأة في الجنوب السوري

هبة العلي

فوضى نفسية ورفض خفي في مجتمع ريفي يحافظ على عاداته و تقاليده امام تلك التسويات التي يفرضها النظام و يلزم الآلاف بها, قد يكون ذلك مقبولا او عاديا بالنسبة للشباب او الذكور في هذا المجتمع  و لكن ينقلب رأسا على عقب امام النساء , ليبدو خطوة او مرحلة جديدة  قد يتقبلها البعض و يرفضها البعض الاخر انطلاقا من تردد سؤال بسيط مفاده:”هل حملت تلك النساء السلاح؟”.

وفاء ابنة درعا احدى المتطوعات في الدفاع المدني تبلغ من العمر 24 ربيعاً تقول: “أرغمت منذ ايام على عمل تسوية مع النظام في مدينتي , و لم يكن ذلك على قناعة مني , و لكن اضطرتني الظروف على عمل تلك التسوية , لم يتسن لي الهجرة الى خارج سوريا لان اسمي لم يكن ضمن الاسماء التي تم التوافق عليها مع اصدقائي , و لم استطيع الهجرة الى ادلب لانني بالنهاية ابنة الريف الحوراني و خروجي وحيدة اليها  يتنافى مع عاداتنا و تقاليدنا خاصة و اني عزباء فالواقع الاجتماعي قد فرض علي البقاء هنا واجبرني على عمل بعكس قناعاتي فقد أستسلمت لهذا الواقع مبدئيا و ننتظر لعل الله يحدث بعد ذلك امراً”.

التسويات  اسلوب جديد يلجأ اليه النظام في محافظة درعا  في الاونة الاخيرة ليبسط سيطرته الكاملة على الاشخاص المعارضين من المدنيين بعد فرض سيطرته على الارض و استطاع عن طريق تلك التسويات ان يحصر فئة من المعارضة على الارض في داخل المحافظة.

بتول معلمة و ربة اسرة  توقف راتبها منذ سنتين  لاسباب تجهلها او لا تكاد تعلم ما هي  و مع ذلك تابعت عملها  في التعليم مبادرة منها   على اعتبارها مهنة انسانية   و الان وجدت نفسها مرغمة على التسوية لتتابع عملها في التدريس  أملا منها  في استلام ما فاتها  من اجور و رواتب على مدى السنتين الماضيتين لتدارك ما فاتها من ديون و تحسين وضعها المادي.

فهي  كعائلة صغيرة تحتاج الى ذلك المبلغ في هذا الوقت , كما أن الوضع الاقتصادي و الامني يجبرها  على  تغيير مواقفها  و لو شكليا او التخلي عن بعض من مبادئها…فالحياة هنا جحيم من نوع آخر في ظل هذه الظروف التي وجدت فيها  نفسها منهكة  و متعبة في ثنايا قسوتها و اليوم حسب تعبيرها مختلف عن الامس و المادة تسيطر على حياة الجميع و تسهم في تغيير مسار الاشياء “.

ايمان اعلامية كاتبة و مراسلة عملت لمدة اربع سنوات بتوثيق جرائم النظام غير الانسانية من خلال تقارير كتابية و مصورة لعدة مؤسسات اعلامية و بشكل تطوعي في معظم الاحيان , و نظرا للتضييق الذي يمارسه النظام على الاعلاميين اضطرت لتسوية وضعها مرغمة و ذلك  لعدم وجود جهة تضمن حماية الاعلاميين و تؤمن لهم خروجاً آمناً من سوريا , فالجميع يعلم انتهاكات النظام ضد الاعلاميين و الصحفيين , و الخوف مستقبلا من الاعتقال او القتل تسبب لها بفوبيا من المستقبل الذي تجهل لحظاته, و هي اليوم احوج الى راحة نفسية بعد فوضى و اضطراب لأكثر من ست سنوات و هي فترة اعتقال زوجها.

لينا زوجة معتقل من بداية الثورة و ام لثلاثة اطفال  تصف بكل شفافية ما وراء الكواليس في تسوية وضعها و تقول: “عملت في احدى المنظمات الانسانية لرعاية اطفالي بحكم اني المعيل الوحيد لهم , و بعد توقف عمل المنظمات في الجنوب لم يعد لدي اي مورد مالي او دخل , مما اضطرني الى عمل تسوية حتى يكون لدي حرية الحركة في البحث عن عمل جديد , لم املك العزيمة و الارادة الكافية للتهجير الى ادلب , فوضعي الاجتماعي يحول دون ذلك, و لم استطع ترك اطفالي و الذهاب وحدي , فعائلتي الفقيرة لم تملك القدرة على اعالة اطفالي و من المحتمل ايضا ان لا اتوفق بعمل هناك فأكون مع اطفالي عالة على المجتمع.

خوف و رعب و قهر يسود تلك النفوس الهشة التي انهكتها الحرب من تلك التسويات بسبب انعدام الثقة او انعدام الضامن فضلا عن التقارير التي يتم تقديمها للنظام عن نشاطهن في الايام الماضية و بالتالي  يجدن  انفسهن مجبرات على عمل يبدو و كانه مسير  بدون قناعة او تفكير.

و يذكر ان تلك التسوية  لم تكن  في الوقت الحالي سوى  التفاف حول الناشطين و الناشطات ليتم حصرهم و بالتالي السيطرة الكاملة عن طريق قمعهم على اعتبارهم خلية اولى  و لبنة اساسية في التغيير لواقع هو الاحوج للتغيير.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »