أسامة العاشور
تمر ذكرى اليوم العالمي للمرأة ولا تزال المقتلة السورية مستمرة من الغوطة إلى إدلب إلى عفرين وقبلها حلب وحمص وحماة ,والرقة ودير الزو والحسكة حتى أضحى الوطن السوري كله مثخناً بالجراح بعد ما يقرب من مليون شهيد وشهيدة ومليون معاق ومعاقة ونصف مليون معتقل ومعتقلة و نزوح ما يقرب من نصف سكان سورية من مساكنهم ولجوء حوالي 5 مليون منهم نصفهم من النساء إلى كل اصقاع المعمورة.
ورغم الدمار الهائل في البشر والحجر استمر النظام السوري باعتماد الحل الأمني العسكري رافضأً الحلول السياسية الدولية وحتى تلك التي رعاها حلفائه الروس والايرانيين فارتقى في عام 2017 وحده 10204 مدنيين منهم 2298 طفلا و1536 امرأة كما استخدمت قوات النظام العنف الجسدي والجنسي والاغتصاب في تعذيب النساء والأطفال وحتى الرجال للنيل من كرامتهم وكسر ارادتهم وترويض المجتمع سعياً لاستعادة هيبته المفقودة بممارسات ذكورية همجية قمعية ترقى الى مصاف الجرائم ضد الانسانية.
وازدادت التدخلات الاجنبية في سورية بذريعة مكافحة الارهاب كغطاء لتقاسم النفوذ والمصالح التي تقاطعت عملياً على مبدأ واحد هو “أنه كلما زاد الدمار في سورية زادت مكاسب إعادة الإعمار” متناسين أنه ما إن تلقي الحرب اوزارها فسيقف الشعب السوري ليحاسبهم ويسألهم ومن سيعمّر الانسان في سورية من سيعيد الشهداء الى أحبائهم ومن سينصف الجرحى والمصابين ومن سيعوض المعتقلين والمعتقلات والمغيبين والمغيبات والمغتصبات في سجون النظام المجرم أوفي مخابئ ومجاهل التنظيمات الارهابية المتطرفة عمّا قاسوه ومن سيعيد لهؤلاء و للسبايا في القرن الواحد والعشرين كرامتهن المسفوحة و من سيعيد لنا رزان زيتونة وسميرة الخليل وغيرهن الكثير
ومازالت في 2017 الناشطات السلميات السوريات يواجهن القهر بانواعه كلها السياسي والاقتصادي , المجتمعي والثقافي الذكوريين من خلال عملهن اما كمعيلات وطاهيات وناشطات في المجال الاغاثي وكمدرسات في المدارس المؤقتة و المخيمات وكممرضات وطبيبات في المشافي الميدانية وكرائدات في المشاريع التنموية الصغيرة ومراسلات صحفيات في أشد المناطق خطورة وتهديدا للحياة الانسانية وكمحررات ومذيعات في المجال الاعلامي وكمدافعات عن الحقوق والحريات أوكاتبات وداعمات نفسيات للأرامل والمعنفات والنازحات واللاجئات أوكمتظاهرات ومعارضات وسياسيات ومفاوضات معانقين أجمل ما في الروح السورية من توقد وتمرد وانبعاث وحازت الناشطات السوريات في الاعوام 2011-2015 على 34 جائزة دولية من مجموع 64 تكريماً حصل عليه الناشطون السوريون اي ما نسبتة 53.2% من عدد الجوائز ومرات التكريم
ورغم ان الحرية والكرامة والمساواة الكاملة بين المواطنين رجالاًونساءًوتمثيل المرأة بشكل عادل وفعلي في الحكم والتشريع والإدارة كانت من القضايا الملهمة للثورة
إلا أن الطابع الذكوري للحرب وتغول السلطة السورية في الإرهاب المنظم واستدعاء الميليشيات الطائفية و ظهور التنظيمات الاصولية المتشددة أدى الى انعدام الاستقرار الأمني وتغييب أية مرجعية قانونية محلية كانت او دولية وحتى أخلاقية مما أدى الى ضيق مساحات التعبير عن الرأي وضعف تمثيل المرأة في المؤسسات الغير الحكومية حديثة الولادة كالمجالس المحلية وصولاً الى تمثيلات المعارضة بكل قواها السياسية يمينها ويسارها بما فيها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والحكومة المؤقتة والهيئة العليا للمفاوضات
ولاتزال المرأة السورية في الداخل والشتات وحتى التي لجأت الى اوربا تواجه تمييزاً مجتمعياً حاداً انطلاقاً من بنية ذكورية تعتبر المرأة تابعة للرجل وفي بعض الاحيان ملكية له وتعتبر خروج المرأة عن طاعة الرجل في ممارسة أبسط الحقوق التي توفرها البيئة الجديدة من تعليم أو تدريب أو عمل أو حتى طلبها الطلاق من الرجل في حال تعذر العيش المشترك مسّاً بكرامته وشرفه وعارا يلحق به ويخوله ممارسة كل اشكال العنف ضدها أو حتى القتل.
إن الحركة النسوية السورية تدعو جميع السوريات والسوريين إنقاذاً لحاضرنا وتأسيساً لمستقبل ديمقراطي عادل إلى رفض كل هيمنة او أفضلية مزعزمة لجنس على آخر لأنهما متساويان في الوجود والكينونة والقيمة وبالتالي في الحقوق والواجبات و التي يجب تنعكس في قانون يضع حدودا رادعة للتمييز والعنف ضد النساء و يصون الكرامة الانسانية لجميع المواطنين دون استثناء و يساهم بتنشئة صحيحة وصحية للأفراد وبما يتوافق مع ما ذهبت اليه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عام 1979 التي تهدف لإنهاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة في الحياة العامة والخاصة و في الأسرة،وتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل – ليس في القوانين، فقط بل في الواقع أيضاً.
الرحمة للشهداء والشفاء للجرجى والنصر للثورة والحرية للمعتقلين والمغيبين والمساواة للنساء
وعشتم و عاشت سورية حرة ديموقراطية
8 آذار 2018