سلمى الدمشقي
الخيانة الزوجية … إنها العبارة الأكثر شهرة في إثارة الرعب والخوف والقلق والاشمئزار … ماذا تعني أن تكون امرأة ما خائنة لزوجها ولبيتها ومرتبطة عاطفيا بشخص اخر؟ يجب أن تُدان وتُنبذ، وفي بعض المجتمعات أن تُجلد … وتُقتل في أحيان كثيرة.
والخيانة الزوجية عبارة عريضة وواسعة فهي لا تعني فقط العلاقة الجنسية خارج اطار الزواج ، بل مجرد الاعجاب بشخص آخر أو محادثته هاتفياً، أو حتى التفكير به يعتبر خيانة زوجية.
لايمكن وحتى في أكثر مجتمعاتنا تحرراً وانفتاحاً أن تحكي سيدة ما في أحد اللقاءات مع صديقاتها وعلى العلن عن تجربة عاطفية مرت بها وهي متزوجة ، لايمكن لهذا أن يحدث مهما كانت مبرراتها أو كانت علاقتها الزوجية سيئة، لان الخبر سوف ينتشر وسيجر عليها الويلات. يمكن أن تهمس بهذه القصة لاحدى صديقاتها المقربات وهي في حالة تعب وتحتاج لأن تحكي لأحد عن حياتها، وستندم بعد فترة من احتمال أن تفسد علاقتها بصديقتها في يوم ما وتنشر سرها على الملأ.
وعلى الضفة الاخرى، لايتردد أي رجل شرقي من التعبير عن إعجابه بفتاة صادفها بطريقه أو على التلفزيون أو التقاها في احدى الجلسات حتى أمام زوجته، والحديث المفضل للرجال في جلساتهم الخاصة هي عن علاقاتهم الغرامية المتعددة .
العلاقة خارج اطار الزواج للرجل هي تعبير عن رجولته وفحولته وهي مدعاة للتباهي والتفاخر، بينما هي للمرأة تدنيساً للعرض والشرف، والشرف طبعا يُنسب للرجل وعلى المرأة أن تصونه وتحميه من نفسها وأهوائها ، بالتزامها بزوجها وبيتها مهما كانت الظروف التي تمر بها ، والخيار الاصعب أمامها طبعا يكون الطلاق الذي هو أبغض الحلال والذي يخيفها مواجهتهه في مجتمعات مثل مجتمعاتنا حقوق المطلقة فيه منقوصة ومجتزأة، والكل يدينها على تفتيت الاسرة وتشتيت الاطفال.
يمكن أن يُناقش في العائلة موضوع خيانة الرجل لزوجته وأن يُلام في بعض الاحيان ، ويمكن أن تصبح العشيقة زوجة ثانية سرية اذا اقتضت الضرورة ذلك في بعض المجتمعات المحافظة ، ولكن ستجد العائله للزوج من التبريرات ماتشاء لتقنع الزوجة بالسكوت والرضا بالامر الواقع و بعدم هدم بيتها وزواجها، فهو ورجل والرجل لا يعيبه شيئاً، وهو سيندم عاجلا أم أجلا، ومرجوع الرجل لبيته مهما شَرق وغَرب، والمرأة العاقلة هي التي تعرف كيف تستعيد زوجها من أحضان امرأة أخرى بالصبر واللطف والمماهاة في إسعاده.
ومن المَسلمات في مجتمعاتنا أن الرجل لن يذهب الى امرأة أخرى لو كان سعيدا في منزله وبالتالي يقع اللوم على الزوجة التي هي اما مهملة أو نكديه أو غيرها من الصفات السلبية التي ُتنعت بها الزوجة لتلوم نفسها على أنها السبب في خيانة زوجها لها.
ومن الطبيعي أن لايناقش في العائلة موضوع خيانة الزوجة لزوجها فحين يتم كشف هذه الخيانة، وغالبا الصدفة هي التي تكشفها، تكون القرارات سريعة ومحصورة ولاتحتاج لنقاش، في أفضل الاحوال يكون الطلاق الفوري هو الحل السريع، وهذا لدى العائلات المتحضرة نوعا ما ، وفي أكثر الاحوال يكون تجريم الزوجة والتشهير بها وارسالها الى بيت أهلها مُذلة ومُهانة، بالاضافة الى التشهير بعائلة الزوجة وأمها التي ربتها على وجه الخصوص، وطبعا مع اسقاط كافة حقوقها المالية من زوجها وحتى حضانة اطفالها هو الحل الشافي للزوج الُمهان ، وفي بعض الاحيان وخاصة في الريف يكون جزاؤها القتل على يد زوجها أو ابيها لغسل عارها .
ومن اللافت للانتباه أن المرأة ترفض وبشدة موضوع خيانة الزوجة لزوجها ويمكن أن تكون المسبب في كشف احدى الخائنات سواء كانت قريبة أو جارة وستساعد بشتى الوسائل في انزال العقاب بالزوجة الخائنة بينما يمكن للرجل أن يساعد زميله في اخفاء خيانته والتستر عليه .
والسؤال الذي يطرح نفسه وبعد هذا السرد كله هل العلاقة خارج اطار الزواج للزوجة هي نادرة في مجتمعاتنا؟ ربما ما يثير التعجب أن هذه العلاقة المحرمة شرعا وقانونا لم تكن في الماضي أو الان نادرة، بل هي موجودة ومتفشية رغم احاطتها بالاسرار والكتمان وقد ازدادت نسبتها كثيرا في السنوات القليلة الماضية مع تناقص عدد الازواج بسبب الموت والهجرة وخروج المرأة وحيدة من بيتها لتعيل أطفالها.
وتتعدد اسباب خيانة الزوجة لزوجها من اهمال في معاملتها، أو سوء المعاملة وقسوتها، أو لحاجتها الى كلمات الحب والحنان والاعجاب التي تفتقدها بعد زواجها بأشهر قليلة، أو لطبيعة فيزيولوجية خاصة بها، أو بسبب التزمت والتعصب الزائدين حين تبقى المرأة في منزلها لساعات وايام طوال حيث لايسمح لها بالخروج وحيدة ، فيكون فعل الخيانة بالنسبة لها هو متنفس من الظلم الذي تعانيه. وفي أحيان أخرى حالات التحرر المزيف الذي تعيشه المرأة المترافقة مع حالة ثراء طارئة ونقص في الثقافة والتعليم يكون فعل الخيانه بالنسبة لها دليل تحرر ثقافي. ويبقى أكثر الاسباب شيوعا هو خيانة الزوج لزوجته سابقا وعلمها بهذه الخيانة حيث لاتجد امامها من متنفس وثأر لكرامتها أمام خوفها من شبح الطلاق سوى الخيانة على مبدأ المعاملة بالمثل.
ومن المثير للاستغراب ان فعل الخيانة الزوجية بالنسبة للرجل يعني في أغلب الاحيان ممارسة الجنس بينما المرأة عندما تبحث خارج المنزل فهي في اكثر الاحيان تبحث عن الحب والرومانسية وعن الاهتمام والمشاعر العاطفية، تبحث عما تفتقده في منزلها وفي حياتها
من منا لم يشاهد فيلم “على جسر منهاتن” وعاش مع بطلته “ميريل ستريب” التي خانت زوجها بخوضها علاقة استمرت يومين مع رسام غريب عاشت خلالهما أجمل لحظات حياتها.
احدى الزميلات حكت لي وهي المتزوجة مذ كان عمرها 18 عاماً لزوج يكبرها بعشر سنين وأم لفتيات مراهقات أن أجمل اللحظات التي تعيشها حين تصلها كلمة صباح الخير من شاب تعرف عليها على الفيس وقد عبرت عن هذا بقولها: “إحساسي بأن هناك أحد يفكر بي ويفرح للقائي حتى لو افتراضياً يمنحني السعادة فزوجي وبناتي يحتاجوني لتلبية طلباتهم فقط “. ورغم تمضيتها لباقي نهارها مع احساس بتأنيب الضمير، الا أن حرمانها العاطفي من قبل زوجها بعد زواج عشرين عاماً، وهي لاتزال بذروة انوثتها لا تعوضه سوى هذه الرسائل القصيرة.
وبغض النظر عن تبرير أو تجريم فعل الخيانة الزوجية فهو موضوع شائك و يحتاج لدراسة مستفيضة وخاصة الان مع تدهور بنية العائلة خلال السنوات الماضية، أصبحت الحاجة ماسة لتعديل قوانين الاحوال الشخصية تجاه انصاف المرأة بالمواد المتعلقة بالزواج والطلاق وحضانة الاطفال ، بدلا من وضع رؤوسنا بالرمال كالنعامة وتجاهل هذه الظاهرة الخطيرة كعادتنا في اخفاء العيوب والاخطاء بانكاروجودها.
خاص “شبكة المرأة السورية”