اسطنبول – تركيا
ذكرت الأمم المتحدة وفق إحصاء لها، أنّه يوجد أكثر من 4 ملايين سوريّ في حاجة إلى التعليم داخل سوريا وخارجها. بعد لجوء قرابة 3 ملايين سوريّ إلى الأراضي التركيّة بحسب الأمم المتّحدة، أصبت تركيا البلد الأكثر إيواء للسوريّين من الدول المجاورة لسوريا، ويمثّل الأطفال والشباب دون الـ18 عاماً قرابة نصف نسبة اللاجئين في تركيا (المصدر السابق نفسه)، ممّا جعل الملفّ التعليميّ مهمّاً، وذي أولويّة بالنسبة إلى السوريّين، حيث أنّه تمّ إنشاء العديد من المدارس ضمن الأراضي التركيّة لاحتواء الأولاد فيها، وذلك لتفادي مشكلة اللغة التي باتت حاجزاً في وجه السوريّين للاندماج في المجتمع التركيّ. وقد تحدّث “المونيتور” عبر الهاتف إلى الدكتور نجدت واعظ، وهو أستاذ جامعيّ وعضو مؤسّس في الهيئة السوريّة للتربية والتعليم “علم”، حيث قال: “ليس لديّ إحصاء دقيق لعدد المدارس السوريّة في تركيا، ولكنّها تتجاوز الألف، وقد قامت الهيئة السوريّة للتربية والتعليم “علم” بتنقيح الملايين من الكتب وطباعتها، وكذلك الحكومة الموقّتة وبعض المنظّمات العاملة في المجال نفسه. فالمناهج السوريّة تعتبر من المناهج الجيّدة والقادرة على تخريج جيل جيد من الشباب السوريّ، إذا تمّ تنقيحها من دروس حزب البعث، وقد تمّ الدعم عن طريق هيئة قطر الخيريّة ومؤسّسة عبد القادر سنكري والحكومة الموقّتة. أمّا الكوادر من المدرّسين، فمعظمهم من طلبة الجامعات المتطوّعين وطبعاً يوجد الكثير من المدرّسين الأكفّاء والإداريّين العاملين ضمن سلك التعليم، كما أنّ هناك تعاوناً ودعماً كبيرين من الحكومة التركيّة لمجال التعليم”.
ينظر البعض إلى المدارس في تركيا على أنّها تخدم توجّهات الداعمين لها، حيث أنّهم يحاولون ترويج أفكار معيّنة لدى الأطفال لتجنيدهم سياسيّاً أو دينيّاً في المستقبل والاستفادة من طاقاتهم وعددهم. وقد كتبت الكاتبة ليلى الرفاعي عن المدارس في اسطنبول، واصفة إيّاها بالمداجن، وقالت: “المؤسّسات/المعاهد الشرعيّة تقوم في تعاطيها مع أتباعها على قاعدة الشيخ والمريد، المريد الذي يسلم عقله ونفسه وشخصيّته لهذا الشيخ”.
وفي حديث لها إلى “المونيتور”، قالت سمارة العنبي، وهي أمّ سوريّة لولدين تعيش في اسطنبول: “اضطررت إلى إخراج ولديّ من المدرسة السوريّة المجّانيّة، ووضعتهما في مدرسة تركيّة خاصّة، بعدما اطّلعت على المناهج المعطاة والتي تقتصر على المواد الدينيّة والفقه والجهاد، وتستبعد موادّ الفيزياء والكيمياء والتكنولوجيا لترسيخ فكرة أنّها موادّ معادية للدين، والعمل على الحصول على الولاء المطلق من الطفل للشيخ الذي يأخذ مكان المدرّس”. وتطرح العنبي حلّاً للمشكلة عن طريق “وضع المدارس السوريّة تحت رقابة الأمم المتّحدة وإشرافها في شكل مباشر، ومنع قيام مشاريع تعليميّة في شكل خاصّ، من دون التنسيق مع الحكومة الرسميّة للبلد للتأكد من معايير التعليم السليمة”.
ليس بمقدور كافة الطلاب السوريين الالتحاق بالمدارس التركية، كونها مدارس حكومية فهي تطلب من الطلاب أوراق رسمية كجواز السفر وأوراق السنوات السابقة، التي من الممكن أن يكون الطالب قد فقدها بسوريا كون معظم السوريين خرجوا نتيجة ظروف قاهرة في مدنهم وبلداتهم، حتى أن بعضهم لا يمتلك أوراق ثبوتية، مما يحيل دون قدرته على استخراج إقامة في تركيا.
روني الياس من مدينة القامشلي ومقيم في اسطنبول حالياً أخبر المونيتور بما حصل مع ابنه ذو التسعة أعوام حيث قال “دخلت بشكل غير قانوني إلى تركيا هرباً مما يجري في مدينتي القامشلي من صراع وتفجيرات وانعدام وسائل المعيشة، وصلت مع زوجتي وابني إلى اسطنبول، واضررت لأن ادخله مدرسة سورية نظراً لعدم قدرتنا على إدخاله مدرسة تركية كونه لا يمتلك جواز سفر، رغم اننا نعلم أن جو المدرسة ومنهاجها لا يناسبه كونه طفل مسيحي والكتب ذات طابع اسلامي، لكنه بقي فيها شهرين حتى حصلنا على جواز سفر له من القنصلية السورية في إسطنبول وقمنا بعدها بتسجيله بشكل نظامي في مدرسة تركية”.
قامت الحكومة التركيّة باتّخاذ خطوات لتسوية العمليّة التعليميّة، وتسريع اندماج الأطفال السوريّين بالمجتمع التركيّ، اعتباراً من العام الدراسيّ الحاليّ 2016-2017، وذلك من خلال إخضاع الطلّاب إلى دورات لغة تركيّة مكثّفة، ومن ثمّ تدريسهم المنهاج التركيّ نفسه. كما قامت الحكومة التركيّة بتدريب ما يقارب 290 مدرّساً سوريّاً بإشراف اليونيسيف لتقوم بعدها بتوزيعهم على المدارس السوريّة، في إطار رفدها بالكوادر المناسبة وتعزيز القدرات.
أسعد حنا
المصدر: موقع المونيتور