في كلمته بمناسبة اليوم الدولي للأرامل، أكد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة على أنه:”وبسبب ما تتضمنه خطة التنمية المستدامة لعام 2030 من تعهد بعدم إغفال أحد، فقد لاقت صدى خاصاً لدى الأرامل، لكونهن من بين أكثر الفئات تعرضاً للتهميش والعزل.”
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” إلى أن كلمة الأمين العام تعكس مدى معاناة الأرامل، فالعوامل الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في مختلف دول العالم تؤثر وبشكل مباشر على حياة الأرامل وأطفالهن، فالتمكين الاقتصادي للنساء وخاصة الأرامل وعدم حرمانهن من حقوقهن الإرثية وتسهيل عملية تملكهن للموارد والعقارات والأراضي وتوفير فرص عمل ستسهم جميعها في تحسين أوضاعهن الاقتصادية وبالتالي أوضاع أطفالهن، كما أن مساعدتهن لمواجهة أعباء الحياة وتقديم الرعاية الصحية والخدمات التعليمية وتغيير صورة المجتمع النمطية تجاههن ستؤدي حتماً إلى الاعتراف بأدوارهن في خدمة أسرهن ومجتمعاتهن.
وتابعت الجمعية، أن الممارسات الثقافية والأعراف في العديد من الدول تضع الأرامل في مواجهة مع مجتمعاتهن إستبعاداً وتهميشاً ونبذاً، ويكون فقدانهن لأزواجهن بمثابة إعلان عن بدء هذه المواجهة التي تجردهن من أغلب مكتسباتهن والتي إرتبط حصولهن عليها بمراكزهن الإجتماعية لمراكز أزواجهن، فيحرمن من الميراث ويتعرضن للإعتداءات الجسدية التي قد تصل لحد القتل، ويجبرن في حالات أخرى على الزواج بأقارب أزواجهن، ويعاني أطفالهن من صعوبات صحية وتعليمية وتضطرهن الظروف ومن أجل إعالة أسرهن للعمل أو دفع أطفالهن للعمل وطفلاتهن للزواج المبكر، إضافة إلى المعاناة النفسية والمعاملة القاسية لهن ولأطفالهن.
وإذ تشير “تضامن” إلى أن الفقيرات في العالم يشكلن (70%) من مجموع الفقراء البالغ عددهم مليار ومائتي فقير / فقيرة يعشون / يعشن على أقل من دولار واحد في اليوم، إلا أن الفقيرات من الأرامل يصل عددهن الى (115) مليون أرملة. وتتزايد أعداد الفقيرات منهن بسبب أميتهن وعدم إنخراطهن بالحياة الإقتصادية، ويتعرضن بعد فقدانهن لأزواجهن لإنتهاكات جسيمة كالإنتهاكات الجسدية والجنسية والمعنوية حيث تعرضت (81) مليون أرملة لإعتداءات جسدية.
وفي كثير من المجتمعات فإن الأرامل يعتبرن فريسة سهلة للإستغلال والإتجار بهن والإعتداء عليهن جنسياً وإغتصابهن، مما يؤثر سلباً على حقوقهن الصحية ويعرضهن لأمراض قاتلة. ومن جهة أخرى فإن أوضاع بعضهن الإقتصادية قد تدفعهن الى العمل في مجالات جنسية كالدعارة.
وتعتبر الصراعات والنزاعات المسلحة والحروب رافداً أساسياً لكي تصبح النساء أرامل، وفي أغلب الأحيان يترافق مع فقدانهن لآزواجهن إنتهاكات صارخة لحقوقهن الإنسانية كمشاهدتهن لعمليات تعذيب وقتل أزواجهن، وقد يتعرضن لمختلف أنواع التشويه والتعذيب والاعتداءات الجنسية، ويعشن بسبب النزوح أو اللجوء بظروف قاسية أو مهينة أو غير إنسانية، وقد يستخدمن كأدوات حرب، وقد يتعرضن لضغوطات إستغلالية هن وأطفالهن.
وتشير التقديرات إلى أن (50%) من النساء في بعض مناطق جمهورية الكونغو الديمقراطية هن من الأرامل، وأن نحو (3) ملايين أرملة في العراق، ويقدر عدد الأرامل في مدينة كابول لوحدها في أفغانستان بحوالي (70) ألف أرملة، وأن عدد الأرامل من السوريات يقدر بالآلاف بسبب النزاع المستمر في سوريا وما زالت أعدادهن مرشحة للزيادة في ضوء ذلك.
وبينت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن 2015 وجود نحو 252.511 ألف أرملة من مجموع السكان البالغ 9.531.712 نسمة، وبنسبة بلغت 5.63% من الإناث، وفي مقابل ذلك فقد بلغ عدد الأرامل من الذكور حوالي 27756 أرمل وبنسبة 0.55% من الذكور.
وأكدت “تضامن” على الحاجة الملحة للإهتمام بهذه الفئة من النساء والتي أضطرتهن الظروف الى الدخول في نفق مظلم، فالمجتمع الدولي والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني لا تولي العناية الكافية بهن، فلا ترصد أعدادهن وإحتياجاتهن المادية والنفسية، ولا توثق الإنتهاكات التي يتعرضن لها، ولا تعمل على التوعية بمشاكلهن وإيجاد الحلول المناسبة لها، ولا تمكنهن إقتصادياً أو توفر فرص عمل لهن، ولا تعمل على تغيير الصورة النمطية والسلبية السائدة في المجتمع تجاههن، ولا تجعل من حصولهن على فرص التعليم والرعاية الصحية والتأمينات الإجتماعية أمراً سهل المنال.