القاهرة
في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحياة النيابية المصرية أعلنت لجنة الدفاع والأمن القومي في 3 مايو الجاري أن قضية “العنوسة” أصبحت قضية أمن قومي وأنها سوف تتصدي لها وهو ما أدي إلي ارتباك بين المحللين حيث أن هناك من يري أنها قضية اجتماعية واقتصادية من المقام الأول وهناك من يري أن الظاهرة أصبحت خطر يهدد الأمن القومي .
وتعاني مصر من أزمة اجتماعية طاحنة يطلق عليها “العنوسة” وهي أن تتخطي الفتاه سن الثلاثين دون زواج وفي بعض المناطق في قري وصعيد مصر يكون سن “العنوسة” أقل من ذلك ,عششت الكآبة خلف أسوار العديد من المنازل المصرية التي أصاب أهلها الغم والحزن ,بسبب نظره المجتمع للعانس والتي تنحصر بين الشفقة من جانب الأصدقاء والمكايدة من جانب الأعداء ,وكلما تقدم السن بالفتاة كلما زاد توتر الأسرة وزاد اللهث في البحث عن الزوج المنشود بتوسيط الأقارب والأصدقاء لترشيح الفتاه كزوجة لأحد الشبان فيما يعرف “بزواج الصالونات”وكلما فشلت محاولات إتمام الزيجة ذادت الحالة النفسية للفتاه سوءً.
وبعد أن استفحلت المشكلة وأصبحت نسبة العوانس في مصر تتخطي 8 مليون فتاه بما يقدر ب40% من الفتيات في سن الزواج ,قامت وسائل الإعلام المصرية المختلفة بما فيها صناعة الأفلام ومنها فيلم ” بنتين من مصر” بدق ناقوس الخطر دون تغير يذكر في ثقافة المجتمع , لتصل الأزمة إلي أحضان مجلس النواب وإلي لجنة لم يتوقعها أحد وهي لجنة الأمن القومي .
عن هذا الشأن تحدث العقيد أشرف جمال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب “أن هذه الظاهرة أصبحت قضية أمن قومي لما تشكله من تهديد لكيان واستقرار الأسرة المصرية بسبب الآثار النفسية السلبية علي الأسرة المصرية وكذلك التداعيات الخطيرة علي الأمن القومي من انتشار جرائم الاغتصاب والتحرش بسبب الكبت الجنسي أو الدخول في علاقات غير شرعية ينشئ عنها ما يعرف بظاهرة لا تقل خطورة تعرف بأطفال الشوارع وكذلك جرائم السرقة من أجل تكوين المهور اللازمة لتأسيس متطلبات الحياة الزوجية “
وأضاف جمال ل”المونيتور”أن لجنة الأمن القومي الحالية لديها رؤية جديدة غير نمطية ,فنحن نري أن مفهوم الأمن القومي أوسع من قصره علي ما يتعلق بالجيش والداخلية وأمن المواطن, فكرتنا الأوسع عن الأمن القومي هي أن لا نركز فقط علي الجوهر ونترك الأطراف التي تغذي الجوهر , لذا فإن كل صغيره وكبيره تخص المجتمع المصري هي من اختصاص الأمن القومي ,ولن يقتصر دورنا عند قضية “العنوسة” بل لدينا خطط لعودة “القيم والأخلاق” للمجتمع المصري, وقد يقول قائل ما شأنكم والقيم والأخلاق لستم أوصياء علي المجتمع ؟ وأقول له أنه إذا عادت القيم والأخلاق المصرية القديمة سوف تقل نسبة الجريمة وعلي سبيل المثال كانت المرأة المصرية ترتدي ما تشاء من الملابس التي قد تكون قصيرة ومثيره ولم يكن هناك حالات تحرش لأن المجتمع كان يتمتع بقيم مثل انه ليس من الرجولة أن تتعرض لأنثى في الشارع.
وأضاف جمال أن لجنة الأمن القومي نظرا لكثرة المهام المكلفة بها قسمت نفسها إلي فرق عمل داخل اللجنة فهناك أعضاء مكلفين بالأمن الداخلي الذي ينقسم إلي ثلاث مجموعات “أمن سياسي , أمن جنائي , أمن تشريعي ” وأمن خارجي ينقسم إلي خمس مجموعات ” شئون الدفاع والإرهاب , الأمن الاجتماعي , الأمن الاقتصادي, المناطق الحدودية , الحياة النيابية “
وأوضح جمال أن هناك عدد من النواب من مجموعة الأمن التشريعي يقومون بعمل دراسات واتصالات بجميع الأطراف المعنية فيما يخص أزمة “العنوسة” وذلك بالتنسيق مع عدد من اللجان الأخرى في مجلس النواب مثل لجنة التضامن والأسرة واللجنة الدينية بهدف الوصول إلي جوهر المشكلة وسن تشريعات قابلة التنفيذ تساعد في الحد من مشكلة “العنوسه”
فيما رفض اللواء فؤاد علام وكيل جهاز أمن الدولة ومدير أمن بورسعيد الأسبق هذا الطرح من قبل لجنة الدفاع والأمن القومي قائلا “أن “العنوسة” هي قضية اجتماعية اقتصادية يتم معالجتها من خلال تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تشجع علي الزواج مثل عمل إسكان شباب حقيقي منخفض التكلفة ويتم سداد قيمته علي فترات زمنية طويلة , وكذلك تغيير ثقافة المجتمع فيما يخص المغالاة في المهور وليس عن طريق سن تشريعات جديدة غير قابلة للتنفيذ “
وأضاف علام ل”المونيتور”إذا تدخلت لجنة الأمن القومي في ظاهرة “العنوسة” تحت شعار أنها تهدد الأمن القومي فعليها أيضا أن تتدخل في انتشار ظاهرة الطلاق الأوسع تأثيرا وتدميرا للأسرة المصرية والتي تتسبب في خروج أجيال من الأطفال غير الأسوياء ,حيث أصبحت مصر تحتل المركز الأول عالميا في معدلات الطلاق ب 240 حالة طلاق يوميا أي حالة طلاق كل ستة دقائق وهو ما يؤثر في الأمن القومي دون أن يكون دور اللجان المختصة بالأمن القومي مواجهتها إنما تواجه هذه الظاهرة من خلال متخصصين حتى لا تنحرف هذه اللجنة عن دورها الرئيسي في حماية الأمن القومي.
فيما قال د. عبدالحميد زيد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الفيوم ونائب مجلس النواب سابقا ل”المونيتور”أن هذه الظاهرة لا علاقة لها بالأمن القومي حيث أن هناك مجموعه من الشباب لم يستطيعوا اللحاق بقطار الزواج في سن مبكر خلال حقبة زمنيه معينة نظرا لظروف اقتصادية واجتماعية ترتبط بتدني الأجور في الوقت الذي زادت فيه متطلبات الزواج وتجاوزت الأساسيات مثل توفير المسكن والأثاث المناسب لتنشأ خلافات حول أمور فرعيه مثل تكاليف حفل الزفاف, الأجهزة الكهربائية , الذهب الذي يقدم للعروس
وأضاف زيد أن قضية الأمن القومي الحقيقية هي أن 70 % من الناخبين لا يجيدون القراءة والكتابة ويقومون بانتخاب أشخاص كل معرفتهم بهم الرمز الانتخابي , ليأتوا بنوعية من النواب لا يوجد لديهم ثقافة الأولويات ووقت الطرح , وتتشابك لديهم الأمور ويطرحون مثل هذه القضايا في وقت يواجه فيه المجتمع خطر الإرهاب.
المصدر: موقع المونيتور