هند مجلي
بدأت أعتاد إجابات النساء بالنفي، لا نريد العودة إلى سوريا مهما كانت الأسباب، ربما سنذهب في زيارات سياحية، ربما سنأخذ أولادنا ليعرفوا موطنهم الأصلي، ربما، فقط، مدركة حجم الأهوال التي سببتها الحرب في سوريا، والتي دفعت فيها النساء الثمن الأكبر من اعتقال واغتصاب وتشرد ونزوح وفقر وجوع وثكل وترمل. وبعد استفاضتهن بالحديث عن أنفسهن، توضحت الصورة أكثر عن معاناة وألم عشنه، ولم تكن الحرب في سوريا هي المسبب الأول له، فقد كانت حياتهن قبل الحرب نوعاً آخر من الجحيم، لماذا أعود؟ هل أعود للفقر والذل؟ هل أعود لأسكن في بيت أهل زوجي؟ هل أعود خادمة لزوجي وأهله؟ كنت أعيش العبودية، لا احترام ولا كرامة أو حقوق، لم أعرف أو أتذوق طعماً للاستقرار أو السعادة.
رندة، امرأة ذات جمال وحضور لطيف، بعد قرابة سنتين من هجرتها إلى أمريكا، وقد كانت لها معاناتها في بداية الاغتراب والاندماج إلى جانب كم كبير من الشوق والحنين، تقول اليوم: “باختصار، لقد أصبحت إنسانة هنا، ولست حيوانة يضربني زوجي صباحاً ومساء، وأسكت كيلا يطلقني فينبذني الناس، ويدفع أولادي ثمن طلاقي في مجتمع لا يرحم.
لقد استأجرت بيتاً، لدي سيارة وعمل، وعندي صديقات، الحياة صعبة جداً هنا، أخرج من البيت عند الخامسة صباحاً وأعود عند السادسة مساء، لكنني أشعر بالراحة لأنني أستطيع أن أصرف على نفسي وأوفر أيضاً دون أن أحتاج أحداً. يكفيني الشعور بأني لي احترامي، وأنني محمية في دولة تحرص على حقوقي وكرامتي، والناس هنا لا تفكر بطريقتنا، بل يبدون من التعاطف والاحترام قدراً كبيراً للمرأة وخصوصاً حين تكون مع أولادها بلا زوج.
أقدر ظروف المرأة في سوريا، وأقدر معاناتها، لأنني مررت بها، ولكن أنصحها إذا كانت ظروفها مناسبة أن تكون لها القدرة على الدفاع عن نفسها وصون كرامتها، وألا تسكت عن إهانتها أو مسبتها، وإن كانت مستقلة مادياً أنصحها بالتصرف فوراً والطلاق، طبعا حين يسيء معاملتها. ستكون أفضل حالاً دون وجوده في حياتها محبِطاً ومدمراً لشخصيتها. لم تتغير قناعاتي بالنسبة للدين، أخاف الله ولا أؤذي أحداً، وأحترم كل القناعات الأخرى للناس من حولي”.
يارا، امرأة شابة وجميلة، بدأت ثورة التغييرات على حياتها منذ وصلت إلى لبنان مع أسرتها وزوجها وأولادها، وما لبث زوجها أن تركها وعاد إلى سوريا. بحثت عن عمل تعيل به أسرتها ووجدت فرصة للعمل في مطبخ تابع مطعم لبناني، كان العمل شاقاً وأوقات الدوام طويلة، وما لبث أن اعترض إخوتها على خروجها للعمل، فواجهتهم بأنها ستتوقف، لكنهم مقابل ذلك سيكونون مسؤولين عنها، من كافة النواحي، من مأكل ومشرب ولباس لها ولأولادها. لم يجد الإخوة حلاً سوى أن يوافقوا على عملها وخروجها اليومي من المنزل، لانعدام فرص العمل أمامهم بسبب الظروف الأمنية في لبنان، وصعوبة التنقل فيه، فكانت معيلة لأسرتها لمدة سنتين، ثم سافرت إلى بلد أوربي.
تقول يارا: “لا أبداً لن أعود إلى سوريا مهما كانت الأسباب، لو عادت مثل السابق ولو انتهت الحرب، أنا هنا إنسانة محترمة، صرت أحترم نفسي وأقدرها بعد أن عشت حياة قاسية مع زوج، يعمل يوماً ويقعد أياماً. كنت أجوع ولا أستطيع أن أعبر، كان يتفنن في إذائي وضربي والإساءة لي، بسبب أو دون سبب، لا أستطيع أن أدافع عن نفسي، ولا يمكن لأهلي أن يفعلوا شيئاً من أجلي، فهم فقراء ومساكين، والتفكير بالطلاق محرم نهائياً، هذا نصيبي وكان علي أن أرضى به. لكنني اليوم في الجنة حقاً، أولادي في مدارسهم مع رعاية شاملة من جميع النواحي، مادياً ونفسياً وصحياً، تغيرت نظرتي للحياة والكثير من المفاهيم الخاطئة التي لقنوني إياها، باسم العادات والتقاليد والمجتمع والدين. أنا مسلمة، أقوم بعباداتي، ولا أحد يتابعني أو يراقبني، أذهب إلى المدرسة لتعلم اللغة، وأنوي أن أتعلم مهنة أعمل بها مستقبلاً، لا ينقصني شيء على الصعيد المادي، إلى جانب والرعاية والاحترام الكبير الذي أحظى به هنا، أنا اليوم أعرف ماذا أريد ولي هدف أسعى لتحقيقه، هل ما أحصل عليه قليل؟”.
سوسن: الواصلة حديثاً إلى أوربا مع أولادها، تاركة زوجاً في المعتقل منذ ثلاث سنوات، ورغم مشقة الحياة في المخيمات، ورغم أنها تجربتها الأولى في الاعتماد على نفسها، لأول مرة تكون دون ولي أمرها، تقول:
الظروف صعبة في المخيم، أفتقد بيتي وأشيائي كثيراً، أفتقد عائلتي التي كانت ترعاني في غياب زوجي المعتقل، إلا أنني أرى سعادة أولادي وأرى الرعاية والاهتمام بهم. أصبح لديهم الكثير من الألعاب، خائفة عليهم من الغرباء هنا في المخيم، لا أفارقهم لحظة، نخرج معاً إلى السوق، ونستمتع بالطبيعة الجميلة هنا، يجب أن أصبر، هي مرحلة مؤقتة وسأكون في بيت مستقل مع أولادي. فقط حزينة من أجل أهلي وأتمنى أن يكونوا معي، لن أفكر بالعودة، لا شيء يغريني بعد أن وجدت نفسي هنا، لقد اعتمدت على نفسي وأنا أدير أموري وأمور أولادي، هنا لا أخاف من شيء. لم أعترف لأحد قبل الآن بأن علاقتي مع زوجي كانت سيئة للغاية، كان يضربني ويكيل لي الشتائم، وأنا أخفي ذلك عن الجميع. حتى أهلي.
كنت أخاف كثيراً من الطلاق في مجتمع قاس وظالم ولا يرحم، اليوم أتمنى أن يخرج سالماً من معتقله، كما أتمنى لجميع المعتقلين، لكني لن أكون معه أبداً، يكفيني ما تحملته”.
رائدة، سعيدة مع زوجها وتتمنى أن يعودوا إلى سوريا، ولكن، هل ستلقى الرعاية والاهتمام بعائلتها وبابنها المعاق في سوريا ؟ تجاوب عن سؤالها: “أولادي سعداء في مدارسهم، ولا ينقصهم شيء، ابني المعاق يحظى برعاية فائقة واهتمام لم أحلم به يوماً ولا في الخيال، هنا لا نخاف أن نجوع في يوم من الأيام، لن أعود لأن مصلحة أولادي هنا”.
المرأة هي الضحية الأولى لانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، سواء من قبل الأسرة أو الشارع أو المؤسسات الحكومية، أو نتيجة تواطؤ الفكر الذكوري وهيمنته على واقع المجتمع السوري، ولاحقاً الانتهاكات التي مورست من قبل النظام وميليشياته المسلحة وتأثرها الكبير على النزاعات الطائفية والسياسية والوضع الأمني الحالي.
بالتوازي مع مجلة “سيدة سوريا”
4 Responses
تقرير تافه ويتناول الموضوع من منظور ضيق
لو سألت كل الرجال بالمقابل هل ستعودون إلى سوريا يوماً، لكانت الإجابات كلها بالنفي وهناك مليون سبب وسبب آخرين لم يتم ذكرهم في المقال.
المرأة السورية دفعت فاتورة أعلى بكثير من فاتورة الرجل وعانت خاصة وأنها قبل الحرب همشت وتركت لتكون بلا تعليم وبلا عمل وجاءت الحرب لتضعها أمام تحدي الموت أو البحث عن حل لها ولأيتائها وهنا كانت المأساة ماذا تفعل وهي اعتادت ان يكون الرجل هو المسؤول وهو الذي يمتلك العلم والخبرة والمال ، اضطررت للعمل في ظروف سيئة جدا وهذا عرضها للمهانة والتحرش والزواج الغير متكافئ .. المرأة السورية التي خرجت الى نور الحرية لن تعود لسورية التي تحتاج لسنين لترميم الخراب وتغيير المفاهيم وبناء الانسان .. المرأة السورية ستفلح في الغرب لأنها مثال المرأة الجلودة الصابرة وبقليل من التعب مع ذكاءها المتميز ستبني لنفسها ولأبنائها مستقبلا أفضل .. للأسف هذه حقيقة يجب ان نقبل بها رغم مرارتها
شو الحكي طلعت المرأة السورية ماكلا خرا قبل … حرام و الله لا ارجعي ع البلد أبدا لأن لو فيكن أصل ما عملتن هيك .. شوفيلك شي أوروبي او أمريكي و صاحبيه احسن من زوجك المعتقل.. بالفعل انتو قحاب و عاهرات
if you dnt mind please name this website the syrian bitch .. because all of ur articles are shit like you and bitchy ..
thnx