نور سعدي – امستردام
بحر واسع وسكون مخيف في وسطه قارب مطاطي صغير ووجوه حزينة تائهة وأطفال ترتجف من الخوف والبرد. يكسر هذا الصمت أغنية هولندية مرافقة وكثير من دموع منهمرة من الحاضرين عندما توالت صور انتشال الغرقى ممن كانوا ماضين في رحلتهم بحثاً عن حلم بحياة جديدة أكثر أماناً لهم ولأطفالهم من وطنهم الأم.
بهذه الدقائق من الفيلم الوثائقي ابتدأ حفل التأبين والصلاة على أرواح اللاجئين الذين قضوا غرقاً وهم في طريقهم إلى أوروبا. حفل أقيم في الأول من تشرين الثاني في هولندا في مدينة امستردام بحضور شخصيات دينية هولندية بارزة منهم القس أريان بلايزير سكرتير الكنائس البروتستانتية في هولندا والمونسينيور جان هندريكس من مطرانية هارلم الكاثوليكية وعضو مجلس الشيوخ السيدة تينيكة ستريك وشخصيات أخرى مهمة. وقد شاركت شبكة المرأة السورية بهذه الفعالية ايضا عبر ممثلتها الدكتورة نور سعدي.
أقيم النشاط برعاية عدة منظمات هي: منظمة “الكنيسة تفعل”, ومنظمة “العدل والسلم” الهولندية, والبيت العالمي للبروتستانت أبرشية أمستردام, ومنظمة العمال الكاثوليك.
تم تقسيم الحفل الى قسمين: القسم الأول في مبنى الكنيسة البروتستانتية والقسم الثاني منه في الهواء الطلق أمام نهر أمستل مقابل متحف الهارميتاج.
منذ العام 1990 يسجل مقتل ألف لاجئ سنويا بل أحيانا يتضاعف هذا الرقم والسبب الرئيسي هو سياسة الهجرة الصارمة في الاتحاد الأوروبي التي يضطر بسببها اللاجئ إلى اتخاذ طرق محفوفة بالمخاطر للوصول الى بر الأمان. تم عرض واقع اللجوء بلغة الأرقام وعن الخطط والمعوقات أو التسهيلات الكائنة وذلك من قبل البرلمانية السيدة تينيكي ستريك. وبعد الانتهاء من العرض فتح باب النقاش للحضور. كما كانت هناك كلمات أخرى بذات المحور لمشاركين آخرين تم فيها ايضاح الصورة المأساوية للذين غرقوا أو ماتوا وهم يطرقون أبواب أوروبا بطرق مختلفة وذكرت اسماء أشخاص حقيقين وأشخاص آخرين لم يتم التعرف على شخصياتهم وأسماءهم بكثير من الأحيان.
وقد قامت الدكتورة نور سعدي بقراءة مقطع من انجيل متى باللغة العربية يرد فيه أن السيد المسيح هو أيضا لاجىء حيث اضطرت أمه ويوسف خطيبها للهروب به الى مصر عندما كان طفلا خوفا من بطش هيرودس حاكم القدس آنذاك كما تقول الرواية الانجيلية. كما قامت الدكتورة سعدي وباللغة الانكليزية بعرض الخبرة الشخصية لها كنموذج عن العائلات السورية التي اضطرت للخروج من بلدها بسبب الحرب.
في نهاية الفعالية، وبينما كانت التراتيل متواصلة، بادر الحضور بإلقاء الورود في نهر أمستل كتحية وكرسالة تذكر إلى أرواح جميع الذين غرقوا في المياه وهم في طريقهم لأوروبا.
وقد كان هناك حضور كبير من اللاجئين السوريين ومن الجنسيات الأخرى وعدد كبير من الحضور من الشعب الهولندي المساند للاجئين. وكان أثر الفعالية على الحضور متشابهاً، حيث أجمع الحضور على نجاح المناسبة في إبراز الواقع الأليم للاجئين، وعززت تعاطف الشعوب الأوروبية وتضامنها معهم وأكدت على انتصار الانسانية على كل المعوقات الأخرى ومافيها من خلافات واختلافات.
خاص “شبكة المرأة السورية”