جمانة علي
مثل غيرها من الهاربين من الحرب المستعرة في سوريا، لاذت أميرة بالفرار باتجاه أوروبا برفقة عائلتها. وها هي تروي بعض تفاصيل رحلة هروبها. اليوم تعتبر أميرة لاجئة سورية عمرها 20 عاما، وصلت إلى ألمانيا منذ أقل من شهر، وهي واحدة من عدد قليل من النساء رغبت في الحديث للصحفيين عن تجربتها خلال رحلتها الصعبة والطويلة إلى أوروبا.
ذهبت عائلة “أميرة” من تركيا إلى اليونان، وعبروا الحدود إلى “المجر” من “مقدونيا” قبل وصولهم أخيرا “ميونيخ” ثم إلى “بون” على متن قطار.
كان الجزء الأكثر صعوبة بالنسبة لـ “أميرة” هو المكوث في السجن المجري مع مئات من اللاجئين ومعظمهم من الذكور، لعدة أيام.
وقد فر معظم اللاجئين القادمين إلى أوروبا من الحرب السورية، البلد الذي يصنف في مرتبة 139 من أصل 142 دولة في تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2014.
وتخوض هذه الرحلة نساء من العراق وأفغانستان والصومال وعدد من الدول الأفريقية والشرق أوسطية الأخرى.
وذكرت الحركة العالمية لحقوق الإنسان: “من الصعب توثيق جرائم العنف الجنسي في السياق السوري حيث غالباً ما تتردد الناجيات للغاية في الحديث عن تجاربهن، خوفاً من وصمة العار والضغوط الثقافية والاجتماعية والدينية”.
وتتواجد غرف مشتركة مما يعتبر جواً غير آمن للنساء والأطفال، وفقا لمنظمات الرعاية الاجتماعية، و ليست هناك غرف خاصة لإبقاء النساء آمنات ولا توجد قوانين لحماية طالبات اللجوء من سوء المعاملة.
واقترحت بعض المنظمات فصل الإقامة للرجال والنساء، وضمان أن الرجال لا يستطيعون الوصول إلى مناطق الإقامة النسائية.
يعتبر التحرش الجنسي أحد أبرز أزمات الهجرة واللجوء في أوروبا، لم تسلم منه فئة من النساء، فالأوروبيات وقعن ضحايا للتحرش، كما عانت اللاجئات أيضًا من الاستغلال الجنسي.
وأعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، عن وصول عدد اللاجئين والمهاجرين الذين قدموا إلى أوروبا في 2015 عبر البحر المتوسط إلى أكثر من مليون شخص. فقد أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقريرًا مشتركًا مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ومفوضية اللاجئات يوم 20 يناير، يؤكد على أن النساء والفتيات اللاجئات والمهاجرات المتنقلات في أوروبا “يواجهن خطراً كبيراً بالتعرض للعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس”.
وأجرت المفوضية وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومفوضية اللاجئات تقييماً ميدانياً مشتركاً للمخاطر التي تواجهها النساء والفتيات اللاجئات والمهاجرات في اليونان وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة، في نوفمبر 2015، وتبيّن أن “النساء من أكثر الفئات المعرضة للخطر والتي تتطلب إجراءات إضافية في مجال الحماية”.
وأفاد التقرير بأن العديد من النساء والفتيات اللاجئات والمهاجرات تعرضن لأشكال مختلفة من العنف الجنسي سواء في بلدانهن الأصلية أو بلدان اللجوء الأول أو خلال رحلتهن إلى أوروبا وتنقلهن فيها.
ورفضت بعض النساء والفتيات الإبلاغ عن جرائم العنف الجنسي أو العنف القائم على نوع الجنس أو التماس العناية الطبية خوفاً من تأخير رحلتهن أو رحلة أسرهن.
بلغت نسبة النساء والأطفال ما يزيد عن 55 % من طالبي اللجوء في الفترة حتى حتى 15 يناير الجاري ، مقارنة بـ27 في المئة فقط في يونيو 2015.
وأوصى التقرير بتكليف موظفين ووضع إجراءات لمنع العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس، وتحديده والاستجابة له بالإضافة لتوفير السبل القانونية للحماية من العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس.
كما أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً يوم 18 يناير قالت فيه “تتقاعس الحكومات وهيئات المعونة عن تقديم حتى أبسط أشكال الحماية للاجئات القادمات من سوريا والعراق أثناء سفرهن”.
ويبين بحث جديد أجرته منظمة العفو الدولية أن النساء والفتيات اللاجئات يتعرضن للعنف، والاعتداء، والاستغلال، والتحرش الجنسي في كل مرحلة من مراحل رحلتهن، بما في ذلك أثناء مراحل سفرهن في الأراضي الأوروبية.
وأجرت المنظمة الشهر الماضي مقابلات مع 40 امرأة وفتاة من اللاجئات في ألمانيا والنرويج كن قد سافرن من تركيا إلى اليونان ثم تابعن رحلتهن عبر البلقان.
ووصفت جميع النساء شعورهن بعدم الأمن طوال الرحلة وأفادت كثيرات منهن بأنهن تعرضن في جميع البلدان التي مررن بها تقريباً للاعتداء البدني، والاستغلال المالي أو الضغط عليهن لممارسة الجنس على أيدي المهربين أو أفراد الأمن أو اللاجئين الآخرين.
وأبلغت إحدى النساء منظمة العفو الدولية بأن بعض اللاجئين الرجال يراقبون النساء عندما يذهبن إلى دورة المياه في أحد مراكز الاستقبال في ألمانيا.
واضطرت بعضهن إلى الامتناع عن الطعام أو الشراب لتفادي الذهاب إلى دورة المياه حيث يشعرن بعدم الأمان.
لذا قررت الحكومة الألمانية توفير حماية أفضل من الاعتداءات الجنسية للنساء والفتيات في مساكن اللاجئين مثل فصل مراحيض النساء وأماكن نومهن عن أماكن الرجال، نقلاً عن موقع دويتشه فيله.
وقالت وزيرة شؤون المرأة الألمانية مانويلا شفيسيج إن المخيمات تكون مكتظة وفيها رجال ونساء في صالة واحدة ويستخدمون المرافق الصحية نفسها.
وأضافت “هؤلاء النسوة في حاجة إلى حمايتنا” لقد هربن من الحرب والإرهاب والقمع، وكثيرات منهن تعرضن للعنف في طريق الفرار.