دمشق – مصطفى الحاج*
من خلال صفحة على “فيسبوك”، تقوم مؤسّسة “أونلاين” للإعلام بعرض سلسلة كرتونيّة سياسيّة ساخرة من إنتاجها تحمل اسم “سياسة نص كمّ“، تؤدّي دور البطولة فيها شخصيّات سياسيّة حاضرة في المشهد السوريّ مثل الرّئيس بشار الأسد و الأمين العام لـ”حزب اللّه” السيّد حسن نصر الله ورئيس الائتلاف الوطنيّ السوريّ المعارض خالد الخوجة ورئيس تيّار بناء الدولة السوريّة المعارض لؤي حسين، مع تركيز واضح على شخصيّة بشار الأسد كشخصيّة محوريّة للنّقد والسخرية.
ويشرف على السلسلة الكرتونيّة شبان معروفون لدى الجمهور السوريّ المعارض عموماً، وفي مقدّمهم سمير المطفي أو المعروف باسم سونغا، ,وهو مدير الصفحة المعارضة الساخرة الشهيرة “الثورة الصينيّة ضدّ طاغية الصين” التي أنشأت في شهر كانون الثاني 2012 ويشرف عليها بنفسه، وهي من أوائل الصفحات التي نادت بإسقاط النظام السوري بطريقة ساخرة، واكتسبت جمهوراً واسعاً في بداية الثورة السوريّة.
ويقوم سونغا بخلق الأفكار وكتابة سيناريو حلقات برنامج سياسة نص كم، في حين يعمل الشاب حازم على رسم الشخصيّات، ويتولّى مهمّة التحرّك الشابّان خالد ويوسف، ويخرج العمل صبحي. أمّا مهمّة تقليد أصوات الشخصيّات فيقوم بها خالد، باستثناء شخصيّة الأسد الّتي يقوم به “سونغا” بنفسه، ويعمل جميع الشبّان تحت أسماء وهميّة لضرورات أمنيّة.
ويسعى برنامج “سياسة نص كمّ” إلى مواكبة آخر التطوّرات في المشهد السياسيّ السوريّ. وفي هذا السّياق، قال سونغا في لقاء مع “المونيتور”: “بدأنا التّأسيس لبرنامج سياسة نص كمّ فعليّاً في منتصف مايو/أيّار من هذا العام، وكانت البداية بخطاب الأسد في ذكرى عيد الشهداء في 3 مايو/أيّار، وكانت شخصيّته هي الشخصيّة الأولى الّتي تمّ رسمها، حيث أنتجنا الحلقة الأولى حول هذا الخطاب وقمنا بنشرها في 20 أيار، ثمّ توالى إنتاج حلقات أخرى تبعاً للأحداث الّتي تتصدّر المشهد السياسيّ السوريّ، والّتي كان آخرها حلقة بعنوان “سوريا في المزاد العلني” تناولت الخطاب الأخير للأسد أمام رؤساء المنظّمات الشعبيّة والنقابات المهنيّة وأعضائها في 26 يوليو/تمّوز الماضي.
ويهدف البرنامج منذ حلقته الأولى في 20 أيار بحسب سونغا إلى “قولبة الأحداث السياسيّة ضمن قالب كوميديّ من خلال التّركيز والسخرية على ما يقوم به النّظام السوريّ وحلفاؤه”، وقال سونغا لـ”المونيتور”: “ولكن في الوقت ذاته، كنّا نستهدف بحلقات البرنامج شخصيّات سسياسيّة من المعارضة السوريّة، حيث قمنا بإنتاج حلقة ساخرة بعنوان “أنت مش أنت وأنت جوعان” 20 أيار حول المؤتمر الّذي جمع رئيس الإئتلاف الوطني السوري المعارض خالد الخوجة مع رئيس تيار بناء الدولة السورية لؤي حسين في مايو/أيّار الماضي، بعد حادثة إزاحة علم الثورة خلال المؤتمر، والّتي أحدثت ضجّة في الأوساط الإعلاميّة المعارضة”.
ويقوم منتجو البرنامج بالتقاط الأحداث السياسيّة وكتابتها في سيناريو كوميديّ يصل إلى أعلى مستويات السخرية، الّتي تبدأ من خلال الرّسم الكاريكاتوريّ للشخصيّات، ثمّ تحريكها بطريقة تظهر فيها عيوب هذه الشخصيّات وطريقة نطقها وحركات أيديها وتعابير وجهها بطريقة حرفيّة، ويتمّ التّركيز في شكل كبير على لغة الجسد لدى بشار الأسد وتلعثمه الشهير أثناء لفظه لحرف السين. ويصبح المشاهد أمام وجبة كوميديّة، مع استثمار واضح لكلّ ما ينشر من أخبار، فنرى مثلاً في إحدى حلقات البرنامج التي نشرت في 24 أيار شخصيّة الأمين العام لـ”حزب الله” بجانب مشاهير كرة القدم ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، وكيف يسخّر نصرالله في خطابه الكرتونيّ بطولات هؤلاء النّجوم لصالح أهداف المقاومة والممناعة، في حين نكتشف في حلقة أخرى نشرت في 16 حزيران الماضي ما هو السبب الخفيّ وراء ضرب المعارض وليد العمريّ لخالد الخوجة الذي حدث فعلاً أثناء اجتماع الهيئة العامة للائتلاف في اسطنبول في 13 من حزيران الماضي، إثر خلاف بين عضو الإئتلاف العمري مع رئيس الإئتلاف الخوجة تحول إلى عراك.
وعن سبب التّركيز على شخصيّة الأسد الّتي تؤدّي دور البطولة في معظم الحلقات، قال سونغا لـ”المونيتور”: “إنّ الأسد بالنّسبة إلى مؤيّديه ورجال أمنه وجيشه هو العمود الفقريّ والشخص المقدّس المنزّه عن الأخطاء والبعيد عن أيّ نقد، ونحن لم نعتد مسبقاً على رؤية أحد ينتقد شخص الرّئيس بهذا الشكل. لذلك، نقوم بضرب صورة الديكتاتور، ونحاول تدميرها في عيون الرماديّين والمحايدين الّذين ما زالوا إلى الآن يخافونه، وإزالة هذه الهالة الّتي صنعها مؤيّدوه حوله”.
كما يركّز برنامج “سياسة نص كمّ” حتّى الآن على الأحداث السياسيّة فقط، وقال سونغا لـ”المونيتور: “نحن الآن في مؤسّسة أونلاين بصدد إنتاج مجموعة برامج متنوّعة، منها السياسيّ، ومنها الاجتماعيّ، ومنها الثقافيّ، ومنها الثوريّ. لدينا 5 برامج نقوم بالإعداد لها، أحدها سيرى النّور خلال أسابيع قليلة، وسيحمل اسم كاشّاي، وهو برنامج إجتماعيّ – سياسيّ ساخر سأقوم بأداء دور البطولة فيه برفقة المخرج صبحي من خلال الشخصيّات الكرتونيّة الّتي سنقوم بصنعها”.
لا يتبع البرنامج لأيّ جهة سياسيّة. وعن تمويله، قال سونغا لـ”المونيتور”: “نحن مجموعة من الأصدقاء، كلّ منا يقوم بالعمل الّذي يستطيع أن يقوم به بحسب اختصاصه. نحن نحصل على بعض الدّعم الماديّ من أحد الأصدقاء الميسورين، وهذا مكسب كبير لنا لنكون مستقلّين بأفكارنا وطريقة طرحنا واختيارنا للشخصيّات الّتي نسخر منها. وإنّ خطّنا السياسيّ هو خطّ الشعب السوريّ، الّذي خرج ضدّ الظلم والقتل والتضييق والفساد”.
يعاني البرنامج كغيره من المشاريع الّتي ظهرت خلال الثورة السوريّة من بعض المشاكل الماديّة. كما أنّ تشتّت فريق العمل في دول مختلفة تجمعه شبكة الإنترنت، يشكّل عائقاً آخر. ورغم ذلك، يحظى البرنامج منذ انطلاقه في 20 مايو/أيّار الماضي باهتمام كبير ومتابعة على مواقع التّواصل الاجتماعيّ، إذ بلغ عدد المتابعين حوالى 16,292 ألف متابع على “فيسبوك” حتى تاريخ كتابة المادة.
عن موقع “المونيتور”