مصطفى الحاج
دمشق – “وقاية، حماية، ومشاركة‘‘، ثلاثة مفاهيم أساسيّة ترتكز عليها الحملة الترويجيّة، الّتي يقوم بها راديو سوريّات وانطلقت في الأسبوع الأخير من فراير/شباط الماضي 21/2/2015 تحت عنوان ’’حقّنا ولازم نطالب فيه‘‘، للتّعريف بمفاهيم القرار 1325 الخاصّ بالمرأة والسلام والأمن، الصادر عن مجلس الأمن الدوليّ في عام 2000، والمطالبة بتطبيق بنوده باعتباره من الأدوات المهمّة للمساواة بين الجنسين في حالات الصراع وما بعد النّزاع.
وتعتبر هذه الحملة، الأولى من نوعها في سوريا، خصوصاً في ظلّ الظروف السياسيّة والعسكريّة الّتي تعصف في البلاد، إذ وجد القيّمون عليها أنّه الوقت الأمثل لتعزيز المطالبة بتطبيق بنود هذا القرار الّذي وافقت عليه سوريا، بعد إقراره من مجلس الأمن ولم تطبّق بنوده في الواقع وينص أحد أهم بنوده على توعية قوات حفظ السلام والشرطة والسلطة القضائية بخصوصية المرأة في الصراع واتخاذ تدابير لضمان حمايتها والالتزام بحقوق الإنسان للنساء والفتيات.
لقد اعتمدت الحملة بصريّاً على عدد من “التّصاميم البصريّة” البسيطة، حيث شكّلت عبارات (الوقاية، الحماية، والمشاركة)، إضافة إلى بعض الرموز الأنثويّة البسيطة، إطارها العام. وفضلاً عن برامج الرّاديو الأسبوعيّة، تمّ إطلاق عدد من المرفقات الصوتيّة الترويجيّة، الّتي تتطرّق في شكل مباشر إلى المفاهيم الثلاثة السّابقة الذكر، وتمّ نشرها على صفحات الرّاديو على وسائل التّواصل الاجتماعيّ خلال فترات البثّ اليوميّة.
وعن سبب تنظيم هذه الحملة، قالت مديرة الرّاديو أميرة مالك لـ”المونيتور”: أتت الفكرة من ضرورة تمكين المرأة وتوعيتها على حقوقها وتعزيز مفاهيم القرار رقم 1325 (الوقاية والحماية والمشاركة) الخاصّ بالمرأة في ظلّ النّزاع الدائر في سوريا، حيث تشدّد المفاهيم على مراعاة خصوصيّة المرأة، وإشراكها في عمليّات الحفاظ على الأمن وبناء السلام، وتوعية قوّات حفظ السّلام والشرطة والسلطة القضائيّة، على خصوصيّة المرأة في الصراع، واتّخاذ تدابير لضمان حمايتها والتزام حقوق النّساءوالفتيات. كما تأتي هذه الحملة كوسيلة ضغط على الحكومة لاعتماد خطّة وطنيّةخاصّة بتطبيق هذا القرار”.
وتستمرّ الحملة التي أطلقت في 22 شباط على مدى سبعة أيّام من نهاية كلّ شهر من (فبراير/شباط – مارس/آذار –أبريل/ نيسان)، واختارت في أسبوعها الأوّل التّعريف بمفهوم وقاية المرأة من العنف لمنع كلّ أشكال العنف ضدّ النّساء والفتيات، بما في ذلك العنف الجسديّ والعنف المبنيّ على الجنس والعنف اللفظيّ، والعنف الّذي تتعرّض له النّساء وقت الحروب. أمّا القسم الثاني فتناول مفهوم الحماية، وبدأ في الأسبوع الأخير من مارس/آذار الماضي. أمّا المرحلة الرّابعة من الحملة فتنتهي في الأسبوع الأخير من أبريل/نيسان الجاري وستركز على ضرورة مشاركة المرأة وتمثيل نساء المجتمعات التي شهدت صراعات مسلحة لإسماع أصواتهن في عملية تسوية الصراعات ولتكن جزءا من جميع مستويات صنع القرار كشريك على قدم المساواة لمنع الصراعات وحلها وتحقيق السلام المستدام .
لقد تنوّعت النّشاطات الّتي أقامها الرّاديو، بالتّعاون مع شركائه في الحملة، وهي اعتمدت في شكل أساسيّ على تطويع برامج الرّاديو الّتي تبثّ على مدار الأسبوع لخدمة أهداف الحملة في كلّ مرحلة من مراحلها على حدة، وبثّها عبر الإنترنت عبر رابط بثّ خاصّ بالرّاديو، وأيضاً عبر صفحة الراديو على “فيسبوك“، والقناة الخاصّة به عبر موقع sound cloud، إضافة إلى إنشاء حدث للحملة على موقع التّواصل الإجتماعيّ “فيسبوك“، والّذي جمع حتّى الآن عدداً لا بأس به من المتفاعلين مع الحملة، مستخدماً مع صفحة الرّاديو وبقيّة صفحات الشركاء هاشتاغ #حقّنا_ولازم_نطالب_فيه.
وعن مدى تأثير الحملة وانتشارها بين أوساط المهتمّين بقضايا المرأة، قالت مالك لـ”المونيتور”: “تلقى الحملة رواجاً وقبولاً جيّداً لدى وسائل الإعلام المحليّة. وبدأت العديد من النّساء التّواصل معنا للتعرّف على هذه المفاهيم الثلاثة (وقاية، حماية، ومشاركة) ورغبة منهنّ في المشاركة للتّرويج لهذه الحملة. كما يظهر صدى الحملة من خلال زيادة عدد شركائنا في الحملة من قبل منظمّات المجتمع المدنيّ ومن خلال التّعليقات والمشاركات من المهتمّين على صفحاتنا”.
وعن النّشاطات الرّديفة للحملة، قالت مالك لـ”المونيتور: “إنّ حملتنا ليست فقط إعلانيّة، بل تتضمّن نشاطات وفعاليّات ملموسة على أرض الواقع تشارك فيها نساء من خلفيّات وخبرات مختلفة. كما تأتي في الوقت المناسب لخلق وعي مجتمعيّ حول دور المرأة في السلام وطرق حمايتها ووقايتها أثناء الصراعات المسلّحة”.
وأقام الرّاديو، بالتّعاون مع الشركاء، بعض النّشاطات الّتي تنصبّ في عمق أهداف الحملة، حيث أقيمت ندوة حواريّة في 8 آذار، اجتمعت فيها مجموعة من النّساء المهتمّات في شأن المرأة، وتمّت مناقشة مفاهيم القرار 1325. كما أقيمت جلسة حواريّة في مدينة حلب شاركت فيها نساء ناشطات في العمل المدنيّ النسائيّ، ناقشن فيها مفاهيم القرار 1325 وأساليب نشره. واستضاف الرّاديو، ضمن نشاطات الحملة في يوم المرأة العالميّ، مجموعة من الطبيبات والاختصاصيّات ضمن فعاليّة “صحتِك جزء من حمايتِك” لتقديم استشارات طبيّة وتجميليّة وتربويّة إلى السيّدات والفتيات. وهدفت الفعاليّة إلى دفع النّساء للاهتمام بصحتهنّ والإجابة عن تساؤلاتهنّ الطبيّة. كما تمّ نشر عدد من المقالات التعريفيّة بمفاهيم القرار عبر مجلّة “التّفكير لسوريا“، فضلاً عن عرض مجموعة من الأفلام المتعلّقة بقضايا المرأة في “منتدى البناء الثقافي“، وهو أحد الشركاء في الحملة.
وعن النّشاطات اللاّحقة، قالت مديرة الرّاديو لـ”المونيتور”: “ستعقد أيضاً جلسة حواريّة في مدينة السويداء خلال الأسبوع المقبل، بالتّعاون مع منظّمة “جذور السويداء” المدنيّة، وستتضمّن محاضرة تعريفيّة بمفاهيم القرار. كما سيختتم الشهر الأخير من الحملة (أبريل/نيسان الجاري) بمعرض فنيّ تشكيليّ ستشارك فيه مجموعة كبيرة من الفنّانات التشكيليّات السوريّات، وسيقام بالتّعاون مع “منتدى البناء الثقافيّ“، الّذي يقيم نشاطات دوريّة في العاصمة دمشق”.
تشكّل حملة “حقّنا ولازم نطالب فيه” خطوة متقدّمة لجهود راديو “سوريّات” كأوّل إذاعة مجتمعيّة متخصّصة في شؤون المرأة السوريّة، وهو مشروع مستقلّ تأسّس بمبادرة من ملتقى “سوريّات يصنعن السلام” في أواخر العام الماضي في ديسمبر/كانون الأوّل، ويبثّ من دمشق عبر الإنترنت ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، ويستهدف الجمهور العامّ ضمن إطار قضايا المرأة السوريّة في شكل معمّق.
وأكّدت مالك لـ”المونيتور” أنّ الرّاديو لم يأت للتّرويج أو الدعاية لنشاطات ملتقى “سوريّات يصنعن السلام” الّذي تأسّس في عام 2012، معتبرة أنّ الرّاديو “هو منصّة لطرح القضايا النسائيّة، وهو مشروع للملتقى ضمن خطّة التّغيير من خلال الفنّ”.
لقد رعى هذا المشروع نشاطات ومبادرات عدّة سابقة مثل “جدران السلام“. ويأتي الرّاديو اليوم كرديف موازٍ لعمل الملتقى بطريقة تركّز على المرأة السوريّة أكثر من المبادرات الأخرى، خصوصاً أنّ معظم وسائل الإعلام الأخرى في سوريا “تركّزعلى قضايا النّساء كقضايا ترف هامشيّة”، ولا تعتبرها أساساً لكلّ المشاكل المجتمعيّة.
وأشارت مالك إلى أنّ الرّاديو يعتمد على العمل التطوعيّ ويسعى إلى الحصول على ترخيص حكوميّ لتسهيل عمله وتحرّكات العاملين فيه داخل سوريا، وليتمكّن من الوصول إلى شريحة أكبر من النّساء السوريّات.صحتهن والاجابة عن تساؤلاتهن.
عن موقع “المونيتور”