إعداد: ليال يوسف
تجارة أعضاء البشر قضية قديمة، لكنها تزدهر في أوقات الحرب والفوضى، وهذا ما يحدث هذه الأيام في الدول التي تجتاحها الحروب أمثال سوريا، العراق، ليبيا وغيرها. وآخر ما تم كشفته هي تجارة الأعضاء في إقليم كردستان، وهذه المرة كان معظم ضحاياها من النازحين واللاجئين إلى الإقليم فيما يتقاسم الوساطة في هذه التجارة أشخاص من بغداد والأقليم.
أصبح في متناول عصابات تجارة البشر في العراق فرصة ذهبية للحصول على أرباح كبيرة من خلال المتاجرة بالنازحين واللاجئين المقيمين في إقليم كردستان الذي يضم أكثر من مليون نازح محلي ولاجيء سوري.
وقد ابتكرت تلك العصابات في إقليم كردستان طرقاً أسرع للربح وبكلف أقل من خلال بيع وشراء الكلى.
ولا ينكر المسؤولون الحكوميون والشرطة في الإقليم إن العصابات كثّفت تحركاتها بعد وصول الأعداد الكبيرة من النازحين من مدن وسط وغرب العراق لكنهم من النادر أن يقعوا في شباك الشرطة وقوات الأمن.
وكشف مكتب حقوق الانسان في كرميان وهي إدارة شبيه بالمحافظة تقع جنوب شرق مدينة السليمانية عن تسجيله (31) حالة بيع كلية في المنطقة المتاخمة لمحافظة ديالى.
القنوات الإعلامية في الإقليم نشرت التقرير وأشارت إلى إن بائعي الكلى هم من النازحين العرب لكن المكتب سرعان ما أعلن توضيحاً في 16 حزيران (يونيو) قال فيه إنه لم يذكر أسم النازحين العرب بل ذكر فقط إن بائعي الكلى هم من خارج إقليم كردستان.
الموقع الجغرافي لكرميان ومركزها مدينة كلار قريب من منطقة محافظة ديالى الشاسعة وتمثل بوابة الوصول إلى بغداد التي يأتي منها وسطاء بيع الكلى إلى إقليم كردستان ويجدون مع الوسطاء الأكراد من يشترون الكلى المعروضة للبيع.
وقال كاروان محمد مدير مركز الكلى الصناعية في كرميان “ليس لدينا دلائل مثبتة حول المتاجرة بكلى النازحين في إقليم كردستان ولكن ما نسمعه من المراجعين الذين تمت زراعة الكلى لهم إنهم حصلوا عليها من بغداد”.
وينص قانون وزارة الصحة في إقليم كردستان على أن يتمتع مانحو الكلية بشروط صحية واجتماعية حتى تتم العملية في مراكز زراعة الكلى ومنها أن لا يقل عمر المانح عن 18 سنة وأن يرافقه أحد أقارب اسرة الشخص المستفيد وأن تكون العملية طوعية دون مقابل مادي، وإذا ما اكتشفت اللجنة التابعة لوزارة الصحة التي تشرف على عمليات منح الكلى إن المانح طلب مقابلاً مادياً فإنها سترفض العملية بأكملها.
وتقع مسؤولية ايجاد اشخاص يبيعون كلاهم على عاتق الوسطاء العرب اللذين استغلوا الوضع غير المستقر في مدن وسط العراق واقنعوا الكثيرين ببيع كلاهم مقابل مبلغ من المال قد تصل إلى أكثر من خمسة ملايين دينار وإن معظم الذين يبيعون كلاهم هم من النازحين والمشردين بسبب الحرب ضد داعش، إذ يصل سعر بيع الكلية الواحدة من قبل الوسطاء بين (20-25) مليون دينار يذهب الجزء الأكبر منه إلى الوسطاء فيما يتسلّم بائع الكلية الجزء القليل.
أما الوسطاء الأكراد في مدن دهوك وكركوك ثم السليمانية وأربيل فدورهم ينحسر في التوسط بين الوسطاء العرب والمحتاجين للكلى.
وقال سركوت أحمد المتحدث باسم شرطة السليمانية التي تضم عشرات الآلاف من النازحين “ألقينا القبض على الكثير من تجّارالكلية في المدة السابقة لكننا لم نتوصل لأحد منهم منذ أربعة اشهر ويبدو أنهم وجدوا طرقاً لتفادي الشرطة”.
وأضاف “حين لا نملك دليلاً لا نستطيع أن نمنع الذين يبيعون الكلى والمرضى المستفيدين منها”.
وقال مسؤول في وزارة الصحة في الإقليم طلب عدم ذكر اسمه إن الوسطاء يلجأون إلى الإتفاق مع أهل المريض الذي سيتم زراعة الكلية له لإتمام الإجراءات القانونية بشكل يبعد شكوك الشرطة ووزارة الصحة ويزورون الكثير من الوثائق في سبيل ذلك.
تافكة عمر المديرة العامة للدائرة القانونية في هيئة حقوق الإنسان أكدت وجود أنواع أخرى من المتاجرة بالبشر في الإقليم وخاصة الفتيات والنساء إذ تُمارس تلك الظاهرة تحت تسمية الزواج حيث تُباع الفتيات مقابل مبلغ من المال أو سلعة أخرى فضلاً عن المتاجرة بالأطفال بنسبة كبيرة، فهناك أطفال يعملون في الشوارع لمصلحة الكبار.
سوران عمر رئيس لجنة حقوق الإنسان في برلمان كردستان قال “هناك مشروع قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية ومشروع قانون منع المتاجرة بالبشر في برلمان كردستان وقد أجرى البرلمان القراءة الأولى لهما”.
وأضاف لا يمكنني القول إن حالات المتاجرة بالبشر في الإقليم أصبحت ظاهرة ولكن هناك مخاوف من أن تتطور تلك الحالات وتستغل العصابات الوضع غير المستقر للوصول إلى النازحين والمتاجرة بهم كيفما تشاء واعتقد إن القوات الأمنية ضعيفة في مواجهة قضية المتاجرة بالبشر وليست بالمستوى المطلوب”.