القاهرة – سامر مختار
لا بد أن معظم السوريين سمعوا بالرحلة اللغز، الرحلة التي انطلقت بتاريخ 6/9/2014، من شواطئ الإسكندرية، متجهة إلى إيطاليا، وعلى متنها عدد غير معلوم من المهاجرين السوريين والفلسطينيين والمصريين والسودانيين، في رحلة هجرة غير شرعية باتجاه أوروبا. لكن السفينة اختفت فجأة، لتتضارب بعدها المعلومات عن مصير من كانوا على السفينة المفقودة، فهناك من يقول أنها غرقت في عرض البحر، لكن أين الجثث؟ وهناك من يقول أنها أعيدت إلى مصر وتم احتجاز من كل عليها في سجون مصر حيث لا يصدر منها أي خبر يطمئن أهالي من كان على متنها. بالمقابل لا يوجد إحصائية، أو معلومات تؤكد عدد المهاجرين السوريين المحتجزين – أو الذين لاقوا حتفهم بعرض البحر – حتى الآن.
القضية شائكة ومعقدة فيما يخص السوريين المقيمين في مصر تحديداً، إذ أنهم لا يستطيعون إثارة هذه القضية، والإحتجاج بشكل مباشر، تخوفاً من أي قرارات مفاجئة من السلطات المصرية، قد تؤثر على أوضاعهم الصعبة في طبيعتها في الوقت الراهن.
وقفة احتجاجية
ورغم الأوضاع الأمنية والقانونية في مصر، والتي تحظر التجمعات والتظاهرات دون موافقة أمنية مسبقة، إلا أن أهالي المفقودين اتفقوا على تنظيم وقفة أمام مكتب النائب العام المصري لكشف مصير المفقودين الذين كانوا على متن الرحلة 6/9، ولم يتجرأ على الذهاب إلى تلك الوقفة سوى أهالي المصريين، فالسوريين والفلسطينيين يعجزون عن الحركة نظراً للأوضاع الأمنية السائدة، التي يمكن أن تتسبب بتوقيفهم أو ترحيلهم.
وجاءت الوقفة لحث النائب العام المصري على التدخل وحسم أمر غياب ذويهم، ممن شرعوا في الهجرة عبر مراكب التهريب إلى إيطاليا، والذين ما زال مصيرهم غير محسوم حتى الآن، إن كان قد تم القبض عليهم من قبل شرطة السواحل البحرية بالإسكندرية، أو لاقوا حتفهم غرقاً .
الوقفة الاحتجاجية شكَّلت إلى حد ما تظاهرة كبيرة أمام مكتب النائب العام بوسط القاهرة، حيث ضمت قرابة الثمانين شخصاً. يقول الحاج سعيد السيد إن ما يعيشونه من حالة عدم الاستقرار حول مصير أبناءهم أسوأ حالاً مما لو كانوا يعلمون أن أبناءهم قد تم القبض عليهم، ويبيتون طيلة الخمسة أشهر الماضية في السجون، أو إن كانوا ماتوا غرقاً “ليحتسبوهم عند الله شهداء”، حيث أجج هذا الغموض غليل القلق الدائم، الذي يعيشونه طيلة تلك الليالي الماضية.
لازال على قيد الحياة
أما الحاج عبد المنعم رمضان والذي لا يعلم عن مصير ابنه – 16عاماً – شيئاً منذ 6 سبتمبر/ أيلول الماضي، قال إن ابنه لا زال على قيد الحياة حيث علم من أحد العاملين بجهاز الشرطة، أن الهاربين على السفينة المذكورة تم القبض عليهم، وترحيلهم إلى قسم شرطة الأنفوشي بالإسكندرية، ثم إلى جهاز الأمن الوطني بمنطقة شبرا، مضيفاً أن جهاز الأمن الوطني لا يدلي بأي معلومات تخص المفقودين، ولا مصيرهم، حيث يتطلب ذلك مخاطبة من النائب العام المصري للأمن الوطني للإفصاح عن مصير ذويهم.
وقد تقدم الأهالي بأكثر من طلب للنائب العام المصري لمخاطبة جهاز الأمن الوطني، ليأتي الرد طيلة تلك الشهور من النائب العام :” الأمن الوطني لم يرد على خطاباتنا “، وتسائل عبد الفتاح عطية : “إذا كان النائب العام لا يستطيع حسم تلك المسألة فمن يستطيع حسمها إذن؟”
لم يقف الأهالي عند ذلك الحد، بل اتجهوا إلى رئاسة الوزراء حيث تقدموا بطلب لرئيس الوزراء المصري، وجاء الرد محبطاً بحسب ما قالوا : “لا يوجد رد”.
على أمل الردود من الجهات المصرية المختلفة، نأمل أن يتم كشف النقاب عن مصير جميع من كان على متن هذه الرحلة، التي باتت تشكل لغزاً في تاريخ الهجرة غير الشرعية للسوريين وغيرهم من الجنسيات المقهورة.
خاص “شبكة المرأة السورية”