نجاح سفر
عام، ربما الأقسى، مر على سوريا، ذاق فيه أهلها مختلف صنوف العذاب، من حصار ونزوج ولجوء وسجن وقتل وتهجير وجوع وتعذيب، وكانت الحامل الأكبر لهذه المعاناة المرأة السورية كأم وزوجة وحبيبة وشهيدة وسجينة. عام تحملت فيه السورية ما تعجز عن حمله الجبال، لكنها وهي تعد الأيام في خيمتها أو غربتها لا تعلم اليوم من الغد والسنة الماضية من القادمة، تستحق أن نلقي بعض الضوء على معاناتها ونتمنى لها عاماً أفضل، عاماً نأمل فيه الخلاص للجميع.
النزعة التنافسية
تستهل الكاتبة والصحفية أمينة بريمكو أمنيتها بقولها: “منذ تعرفي على نساء سوريا الرائعات من خلال عدة مؤتمرات خاصة وأنا في حالة دهشة. ما زلت اسمع صدى اصواتهن في اروقة الذاكرة، نساء انيقات، ذكيات، لديهن سرعة البداهة، يتقدمّن على أطراف الدهشة وهن يساهمن بخياطة ثوب الامل لسوريا الامل. الآن وفي هذه اللحظة لدي امنية وحيدة بعد كل التجمعات المدينة النسائية، فقط أريد أن أخبر كل نساء سوريا الرائعات بان يخففن من التفكير بالنزعة التنافسية التي تورطهن في ازمة الضغط النفسي وهدر امكاناتهن الهائلة في التفكير الدائم كيف يستطعن ان يكن الافضل ويحصلن على مساحة اكبر من الحضور. صدقوني الساحة واسعة لدرجة بانها تسع لكن ولكل نساء البلدان المجاورة ، لو أردن المشاركة في الوجع السوري. الساحة واسعة وخلاقة وتسع الجميع، فقط لو ننزع ابرة التنافس من سترتنا التي نعلقها سهواً فوق مشجب الامتيازات والمناصب. هل تفكرين بان تجدي لك مساحة لتكوني مساهمة في احلام السوريات؟ صدقيني لست بحاجة لتدفعي غيرك الى العتمة فالضوء كثيف وملهم ويتسع لك ولغيرك. أتمنى أن تتحقق أمنيتي في عام 2015 وان تتخلص كل نساء سوريا من النزعة التنافسية والتي تدمر إمكانياتهن”.
المعركة الحقيقية
ويوجه الصحافي بشار عبود مطالبته المرأة السورية وهي على أبواب 2015 قائلا: “لا أحد ينجو في الأزمات والحروب والثورات… الخسائر تطال الجميع بلا استثناء، لكن وفي مجتمعنا السوري الذي لم يتشكل على أساس العدالة والاحترام والمساواة بين المرأة والرجل، فإن خسارة المرأة كانت الأكثر وضوحاً بعد أربع سنوات من عمر الثورة السورية. وقد تعرض المجتمع السوري ولا يزال، في هذه الثورة، لأقسى وأوضح اختبار مجتمعي وإنساني له منذ عقود، ومعه وجدت المرأة السورية نفسها أمام مواجهة كمّ هائل من الأسئلة والتحديات، والتي لم تتهيّأ أو تتسلح لمواجهتها، فكانت أول دافعي ضرائب هذا الانفجار.
“يتوهّم المجتمع، حين يعتقد أنه سيكون أكثر قدرة على مواجهة صعوبات الحياة، بقبوله لهيمنة الرجل على المرأة، وتتوهّم المرأة أكثر حين تظن أنها بقبولها أن تكون صفاً ثانياً ستصل يوماً إلى حقوقها التي سلبها منها المجتمع الذكوري في طبيعته، لذلك فإن مساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات، لم يعد ترفاً تبحثه الصالونات الأدبية أو الاجتماعية، بل أصبح ضرورة قصوى وحاجة ملحّة لتطوّر المجتمع، وسلامة أبنائه الذكور والإناث على حد سواء. هذه المساواة في الحقوق والكرامة بين المرأة والرجل هي ما يجب أن نحارب جميعاً لأجله نساءً ورجالاً، هذه ليست أمنية أطلقها على باب العام الجديد 2015، وإنما هي معركتنا الحقيقية لمستقبل نأمله”.
مواطنة من الدرجة الأولى
تتحدث الناشطة أليس مفرج عن أمنيتها بقولها: “حين أتحدث عن المرأة السورية أعني سوريا الأنثى اللتان لا تنفصلان، المرأة التي عانت الويلات بسبب قمع النظام وانتهاكاته ..وصولا إلى النزاع المسلح وإلى التطرف الإسلامي والفكر الداعشي الذي حرف ثورتنا عن بوصلتها فحملت المرأة العبء الأثقل .. أتمنى لها في الزمن القادم والقريب ..أن تكون ناجية لا ضحية. وأن يتقوض حزنها بعودة معتقليها ومعتقلاتها وجميع المختفيين قسرا . أن تحتفل بالحياة وألا تزغرد لموت أبنائها ..أن تعود لبيتها من بلاد اللجوء الظالمة، وإن كان مهدماً لتبني خيمتها على أنقاضه، وتعمل على وقف القتل. وتحمي طفلاتها من التزويج والمتاجرة بهن والعمل على المضي لمستقبل حر. أن تكون مشاركة حقيقية للدفع بالحل السياسي في عملية بناء السلام والانتقال الديمقراطي الذي ينهي جميع أشكال الاستبداد بوصولها لمركز صنع القرار لتغيير منظومة القوانين المهينة بحقها وتفعيل صوتها لتصبح مواطنة من الدرجة الأولى”.
الأمل خيارنا
أما المحامية والناشطة منى أسعد، فتلقي الضوء على بعض معاناة المرأة السورية: “سبق لي أن تفاءلت للعام 2014 بأن يكون عاماً جديداً وأفقاً جديداً تنبعث فيه المرأة السورية كالعنقاء من بين الأنقاض والرماد لتحلق في سماء الخلق والإبداع. لكن الأيام مرت وتلتها الشهور وواقع المرأة السورية يزداد بؤساً وسوءاً، فعدا عن القتل والموت جوعاً والخطف والاعتقال والتهجير وتدمير البيوت فوق ساكنيها من قبل النظام وأجهزته الأمنية والعسكرية والميليشيات المتحالفة معه، باتت المرأة في سوريا تواجه الجلد والقتل والرجم باسم الدين والدفاع عن أخلاق الإسلام من قبل الجماعات المتطرفة المسلحة من داعش وغيرها. وباتت سلعة تعرض وتُباع لمن يدفع ثمنها سواء في أسواق النخاسة أو في مخيمات اللجوء، كل هذا على مرأى ومسمع العالم الحر ومنظماته الدولية الإنسانية منها والحقوقية والنسوية.
“واقع مفجع وكارثي عاشته المرأة السورية خلال العام المنصرم، بعد سنتين من الألم والوجع، واقع عاشته بمرارة وصمت بعدما عجزت صرخاتها ونداءات استغاثتها على إيقاظ ضمائر قادة العالم وساسته. إلا أن ذلك كله لم يدفع بنساء سوريا والسوريين عموماً إلى اليأس أو التردد، بل زادهم إصراراً على المضي في ثورتهم من أجل تغيير الواقع وخلق مستقبل أفضل للأجيال القادمة، مستقبل تنعم فيه المرأة والرجل بالعدالة والحرية والمساواة والكرامة الإنسانية في دولة المواطنة المتساوية والديمقراطية الحقة.
ونحن كسوريات وسوريين نكتشف كل يوم، أننا لم نعد نمتلك ترف اليأس واستسهال الإحباط، إذ أصبح الأمل خياراً وطنياً وإنسانياً بعمق وجدارة، حتى لو استمر العالم في إغماض عينيه وصم أذنيه عن معاناتنا. لذا دعونا نأمل أن يكون عام 2015 عام الفرج والحرية لسوريا بنسائها أيقونات الحرية، وأطفالها ورجالها الأحرار”.
سقف آمن
نوار البحرة تكتب أمنيتها المتواضعة (حسب وصفها) للنساء السوريات في العام المقبل بقولها: “أمنيتي الوحيدة في عيد الميلاد للنساء السوريات هذا العام و كل عام يلي أن يصبح عندهن وطن، و يكن مواطنات متساويات حرات مع جميع السوريين، محميات بالقانون آمنات هن وأحبائهن جميعاً. أن يكون عندهن عملٌ يناسب قدراتهن و يدر عليهن دخلاً بمقدار جهودهن، و فوق رأس السوريين جميعاً سقفٌ آمن لا يقصفه أي وحش، و لا سقف لهذا الوطن غير السماء”.
المساواة الجندرية
ويطرح الناشط المدني والسياسي أسامة عاشور أمنيته بقوله: “بعيدا عماً مضى من خيبات بعيدا عما انقضى من انكسارات وهزائم لنجعل من عامنا القادم عاماً للثقة بإنسانية المرأة عاما للعمل من اجل حقوقها كإنسانة أولاً، عاما لوقف القتل في سوريا ومحاكمة القتلة وإطلاق سراح المعتقلين في سجون الاستبداد مهما كان توجههم أو زيهم. عاما لإنصاف المظلومين وبناء الحرية والعدالة في وطن موحد. عاماً لا تعود فيه المرأة سلاحاً لقهر الخصم وإذلاله. عاماً لا تتشرد فيه المرأة ولا تنزح ولا تلجأ إلى من لا يجيرونها من الجوار أو المنافي البعيدة والقريبة. عاماً لا تقتل المرأة فيه أو تعتقل. عاماً لا تغتصب فيه المرأة أو تضطر لبذل جسدها من اجل أن يعيش أبناؤها. عاماً لا تستعبد فيه القاصرات تحت مسميات الزواج أو عقود العمل المزيفة أو الإجباري في ميلشيات قاتلة. عاماً لا يفرض فيه على المرأة النقاب أو الحجاب أو الجلباب أو خلعهم. عاماً لا تحاكم أو تسجن أو تمنع امرأة من نشر نص كتبته أو موقف عاشته وتضطر أن تسحبه وتعتذر تحت ضغط المجتمع وأعرافه وتقاليده أو قانون جائر. عاماً لا تُجلد فيه امرأة أو تُسبى أو تُرجم. نريده عاما للأمن والحياة والمستقبل الممكن عاما للسلام والحرية والعدالة والمساواة الجندرية”.
السلام والحرية
تعبر الأخصائية والمعالجة النفسية رشا علوان عن طموحها للمرأة السورية في عام 2015: “أن يكون عام بلا عنف تتمتع به المرأة السورية بالسلام وان تنعم المرأة السورية بحريتها التي فجرت الثورة من اجلها فليكن عام 2015 عام الاستقرار والسلام والبناء للمرأة السورية”.
قولي “لا”
أما الصحافية مها علوان فهي تودع العام السابق مرحبة بالقادم: “عام جديد قادم و عام منصرم كل الأعوام قد اتفقت على أن المرأة عماد المجتمع لا يتوازن و لا يقوم إلا إذا كان عماده قوي و متين، في الوقت الذي اتفقت هذه الأعوام في الوقت ذاته على ترسيخ أفكار و مسلمات تثقل كاهل المرأة. أمنياتي للعام القادم للمرأة السورية، التي تكافح في الذود عن أبنائها و حريتها في ظل الدمار، أن تساعد المجتمع على تقبل السلام و المحبة، أن تكون قوية في وجه من يريد معاقبتها على حريتها برمي أحمال المنزل و العمل و التعليم و تدبير الحياة اليومية في آن معاً على عاتقها. أن تقوى على قول لا في وجه مجتمع يأبى أن يكمل نصفه الجميل”.
جرعة أمل
وتختم سناء حويجة بقولها: “رحل عام مليء بالاحزان، والآن نقف على عتبة عام جديد والأماني كثيرة. أن نمسح الدمع عن امهات سورية … أن نوقف نزف جراحنا ونضمد جراحنا بالمحبة … وأن ياتي هذا العام محملاً بالحلول السياسية، بدء من وقف القتل والافراج عن المعتقلين السياسيين، ملفنا المؤلم واخراج كل التنظيمات الارهابية والعمل على تحقيق دولة الكرامة والمواطنة.. كم نحن بحاجة لجرعة امل”.
خاص “شبكة المرأة السورية”
One Response
قبل وداع عام القهر والذل أقف وقفة اجلال وتقدير للمرأه السوريه ام الشهيد والشهيدة ..وأم البطل والبطله.. وأم الجريح والجريحه.. وام المعتقل والمعتقله.. وأم الجائع والجائعه…. والام السجينة التي نسيت آلامها وحرقتها وخوفها من القادم…. لايمكن وصف معانات المرأه السوريه بكلمات فالواقع اكبر بكثير.
أني ارجو وأتمنى ان يكون 2015 عام كسر قيود كل المعتقلين والمعتقلات ..عام انتصار الثوره ونهاية مآسي المرآه .. وبدء العوده لحضن الوطن الموحد والمشاركه في اعادة بناءه