نظّمت الحركة السياسية النسوية السورية فعالية سياسية ونسوية رفيعة المستوى بعنوان “طريقنا نحو المساواة والعدالة والديمقراطية” يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2025 في مقر هيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك، بمشاركة واسعة من البعثات الدائمة لـبلجيكا، كندا، الدنمارك، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، إيرلندا، لوكسمبورغ، إسبانيا، المملكة المتحدة، إلى جانب أكثر من 20 منظمة نسوية ومدنية دولية وإقليمية.
هدفت الفعالية إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه النساء السوريات في ظل النزاع، وتقديم رؤية نسوية للانتقال السياسي، وبحث سبل حماية المدنيين ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ضمن إطار سلام شامل وعادل يراعي العدالة الجندرية.
افتتحت الجلسة مريم جلبي، إحدى مؤسسات الحركة ويسّرت الجلسة بايفي كونيستو من هيئة الأمم المتحدة للمرأة. وتحدثت في النقاش كل من وجدان ناصيف، دوريس عواد، وعد الخطيب، والقت عضوة لجنة التنسيق والمتابعة سميرة زعيركلمة شبكة المرأة السورية ،
وشهدت الفعالية كلمات من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات المدنية، من بينهم إبراهيم العلبي، كريستينا ماركوس لاسين، فيرغال ميثن، هيكتور غوميز، أود مايو-كوليش، كونراد أرز فون شتراوسنبورغ، بارت دي وولف، جاي دارمادهكاري، آن فرانسواز دوستيرت، ومحمد النصيري.
كلمة شبكة المرأة السورية – الأمم المتحدة، نيويورك، 28 أكتوبر 2025
هذه الكلمة موقف لمجموعة من منظمات المجتمع المدني السورية النسوية: مركز أمل للمناصرة والتعافي – شبكة الصحفيات السوريات – شبكة المرأة السورية – النساء الان من أجل التنمية – بدائل
السيدات والسادة، الزميلات والزملاء،
أقف أمامكم اليوم باسم شبكة المرأة السورية، التي تأسست عام 2013 حاملةً صوت النساء اللواتي يواجهن يوميًا منظومة من العنف والتهميش، في ظل صراع طال أمده، ومجتمع تحكمه بنى ذكورية متجذرة في السياسة والثقافة والمؤسسات.
لطالما حُرمت المرأة السورية من المشاركة السياسية الفعالة، سواء من حيث العدد أو التأثير. وتجلى هذا التهميش بشكل صارخ في عمليات السلام، مثل محادثات جنيف وأستانا، حيث كانت النساء إما غائبات أو حاضرات بشكل رمزي. وفي عملية اختيار عضوات وأعضاء مجلس الشعب الأخيرة، لم تحظَ النساء سوى بـ 5% من المقاعد، ما يكشف استمرار الهياكل السياسية في تهميش أصواتهن، وتكريس الإقصاء بدلًا من الإصلاح.
لكن المرأة السورية ليست مُستبعدة فحسب، بل مُستهدفة أيضًا. في ظل الفوضى الأمنية المستمرة، تواجه النساء تهديدات متزايدة: من الاختطاف، إلى العنف الجنسي، إلى التحرش والترهيب. هذه ليست أفعالًا عشوائية، بل ذات دوافع جنسانية وسياسية، تُستخدم لإسكات النساء وتقييد مشاركتهن في الشأن العام. لذلك، تدعو الناشطات السوريات الهيئات الدولية إلى مواصلة رصد هذه الانتهاكات، والإبلاغ عنها علنًا، وضمان المساءلة عن الجرائم المرتكبة بحق النساء.
حتى في الفضاء الرقمي، حيث يُفترض أن تكون حرية التعبير مكفولة، تواجه النساء حملات تنمر ممنهجة، لا تهاجم مواقفهن، بل تهاجم شخصياتهن، أجسادهن، وخياراتهن الشخصية. يُستخدم الإعلام الرقمي لتشويه النساء السياسيات والناشطات المدنيات ، في محاولة لإخراجهن من المجال العام، وإعادة إنتاج الصمت.
ورغم كل ذلك، تواصل المجموعات والشبكات النسائية المحلية العمل في الخطوط الأمامية، تحمي النساء المعرضات للخطر، توثق الانتهاكات، وتقدم خدمات دعم أساسية. في ظل غياب هياكل حكومية فاعلة، تُعد هذه الشبكات أساسية وحاسمة. ومع ذلك، لا تزال منظمات المرأة مهمشة، وتفتقر إلى الدعم القانوني والمالي والمؤسسي اللازم لمواصلة عملها، والدفع باتجاه قوانين وطنية تحمي حقوق المرأة، وتجرّم العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتضمن إنفاذًا فعليًا.
إننا في شبكة المرأة السورية لا نطالب فقط بالحماية، بل نطالب بالاعتراف، وبالعدالة، وبإعادة بناء المؤسسات على أسس غير ذكورية، تضمن التمثيل الحقيقي والمشاركة الفاعلة للنساء في صياغة مستقبل سوريا.
نحن نؤمن أن الانتقال السياسي لا يمكن أن يكون عادلًا دون تفكيك البنى الذكورية التي تحكم المجتمع والدولة. لا يمكن بناء ديمقراطية تُقصي نصف المجتمع، ولا يمكن الحديث عن سلام دون مساءلة من مارس العنف ضد النساء، سواء في السجون، أو في المجالس، أو على الشاشات.
وفي هذا السياق، يجب أن يكون قرار مجلس الأمن رقم 1325 بمثابة درع وخارطة طريق، يحمي النساء السوريات من العنف، ويضمن مشاركتهن في رسم مستقبل البلاد. إن تطبيق مبادئ القرار 1325 ليس خيارًا، بل ضرورة لبناء أي انتعاش مستدام في سوريا بعد الصراع.
نطالب اليوم بما يلي:
• إدماج النساء في جميع مراحل العملية السياسية، بنسبة لا تقل عن 30%، وبصلاحيات حقيقية.
• مساءلة من مارس العنف ضد النساء، سواء في مواقع السلطة أو في الفضاء العام.
• دعم الحركات النسائية المستقلة، التي لا تُختزل في أدوار رمزية، بل تُعترف بها كقوى تغيير.
• تفكيك الخطاب الذكوري في الإعلام والسياسة، وإعادة بناء سردية وطنية شاملة وعادلة.
• توفير دعم قانوني ومالي ومؤسسي مستدام للمجموعات النسائية المحلية، وتمكينها من صياغة سياسات وطنية عادلة.
إن النساء السوريات لا يطلبن امتيازات، بل يطالبن بحقوقهن، ويقدمن يوميًا نماذج في القيادة، والصمود، والرؤية السياسية البديلة.
فلنستمع إليهن، لا كضحايا، بل كصانعات مستقبل.
شكرًا لكم/ن





