Search
Close this search box.

بحثاً عن الأمان … نازحات بين الجبال والأراضي الزراعية في إدلب

بحثاً عن الأمان … نازحات بين الجبال والأراضي الزراعية في إدلب

نايف البيوش
دفع التصعيد العسكري والقصف المستمر على القرى والبلدات القريبة من خطوط التماس في محافظة إدلب، لنزوح العديد من النساء اللواتي آثرن أن يعشن ضمن ظروف معيشية غاية في الصعوبة بحثاً عن الأمن والاستقرار.
ولجأت هؤلاء النسوة للعيش في المرتفعات والأحراش الجبلية وبين الأراضي الزراعية نتيجة افتقارهن للمأوى والسكن الآمن، وهو ما دفعهن للعيش ضمن ظروف صعبة وقاسية تفتقر لأدنى المقومات الأساسية للحياة.
وعلى مقربة من مخيمات بلدة مشهد روحين شمال إدلب، تعيش سمر عرفة (35عاماً) برفقة أطفالها في خيمة قماشية منفردة بنتها في إحدى الأراضي الزراعية، بعد أن تسبب القصف العشوائي بدمار منزلها الواقع في بلدة البارة الواقعة على خطوط التماس جنوب محافظة إدلب.
تقول سمر لشبكة المرأة السورية إنها وبعد خسارتها لمنزلها لم يبق لها أي مكان تلجأ إليه سوى هذه الخيمة التي تأويها مع أطفالها الأربعة، التي تعد المسؤولة الوحيدة عنهم بعد مقتل والدهم بإحدى القذائف الصاروخية التي سقطت بالقرب من مكان عمله منتصف العام الحالي.
“ماضل عندي شي أخسره غير حياتي وحياة ولادي”، تلخص سمر معاناتها التي دفعتها للهرب بأطفالها نحو مناطق أكثر أمناً بعد أن خسرت زوجها ومنزلها، إذ أن العيش ضمن هذه الظروف يبقى أفضل من المجازفة والعودة إلى مناطق الإشتباكات والقصف.
وأضافت أنها تعيش ظروف معيشية واقتصادية صعبة نتيجة افتقارها لمعظم المواد الأساسية للحياة مثل الماء والكهرباء والتدفئة وغيرها، في حين اضطرت لبيع قسم كبير من أثاث منزلها للإنفاق على نفسها وأطفالها.
وأشارت إلى أنها لم تتلق أي مساعدات إنسانية من المنظمات العاملة في شمال غرب سوريا، وهو ما ضاعف معاناتها الناتجة عن النزوح وغياب الاستقرار، إذ أنها بحاجة ماسة لمواد التدفئة بالدرجة الأولى خاصة وأنها تعيش ضمن خيمة قماشية لاتقيها حر الصيف ولا برد الشتاء.
ولا تخفي النازحة تفكيرها في استئجار منزل يأويها، ولكن سوء أوضاعها الاقتصادية التي تعيشها وارتفاع الإيجارات حال دون ذلك، إذ أن مبلغ 200 دولار أمريكي للشهر الواحد يفوق قدرتها المالية بأضعاف.
ووفقاً لإحصائيات محلية، فإن العمليات العسكرية الأخيرة تسببت بمقتل 42 مدنياً بينهم أكثر من عشر نساء و15 طفلاً في مناطق متفرقة من قرى وبلدات إدلب، في حين اضطر أكثر من 80 ألف شخص للنزوح باتجاه مناطق أكثر أمناً، وسط ظروف معيشية صعبة.
لم تكن حنان الأصفر (36عاماً) أفضل حالاً من سابقتها، حين اضطرت هي الأخرى للنزوح من منزلها والسكن في خيمة قماشية في إحدى المناطق الجبلية بالقرب من مدينة سرمدا شمال إدلب، وذلك نتيجة كثافة القصف وتضرر منزلها الواقع في بلدة بليون المحاذية لخطوط الإشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام.
وبمثل ” شو جابرك على المر إلا الأمر منه” تلخص حنان معاناتها في التأقلم مع نزوحها وسكنها الذي تصفه بأنه غير مؤهل للعيش البشري، نتيجة غياب المقومات الأساسية والضرورية للحياة في ظل افتقارها للسند والمعيل بعد أن فقدت زوجها العام الفائت، بسبب إصابته بفيروس كورونا، لتجد نفسها المسؤولة الوحيدة عن أطفالها الثلاثة.
تقول حنان الأصفر لشبكة المرأة السورية إن ظروفها الحالية تبقى أفضل من العيش تحت أصوات القذائف والصواريخ التي سببت لها ولأطفالها أزمات نفسية، إذ أنهم كادوا أن يفقدوا حياتهم نتيجة إحدى القذائف التي سقطت بالقرب منهم والتي أدت لأضرار جزئية وتصدعات بالمنزل الذي يقطنوه.
وأضافت أنها لم تتمكن حتى الآن من التأقلم مع حياتها الجديدة التي فرضت عليها، إذ أن الخيمة القماشية التي تسكنها لا توفر لها أدنى مستويات الراحة والاستقرار، حيث يسبب بعد خيمتها عن المناطق المأهولة مخاطر جمة لها أبرزها مهاجمة الكلاب الضالة لأطفالها بشكل مستمر.
وأشارت إلى أن جميع محاولاتها في الحصول على سكن ضمن المخيمات المأهولة، باءت بالفشل نتيجة عدم توفر مكان شاغر في معظم تلك المخيمات التي تشهد كثافة سكانية عالية، وهو ما يجبرها على السكن ضمن هذه البيئة نتيجة عدم وجود أي خيارات متاحة أمامها.
من جانبها أكدت سوسن عبد العزيز (29) عاماً وهي موظفة في إحدى المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب، على ضرورة تأمين مساكن دائمة للنازحات المعيلات اللواتي تفتقدن السند والمعيل، مشيرةً إلى أن العديد من النساء آثرن البقاء في ظل الخطر نتيجة غياب السكن الذي يضمن لهن الاستقرار.
وأوضحت أن الأوضاع المعيشية والاقتصادية للنساء النازحات تزداد صعوبة نتيجة قلة الدعم المقدم إليهن مقارنة بحجم الاحتياجات الأساسية المطلوبة، وهو ما يضع جميع المؤسسات والفرق والدوائر الرسمية الإنسانية أمام مسؤولية حقيقية في مساعدة هذه الفئات التي تعتبر الأكثر تضرراً في المجتمع.
وأشارت إلى أن وضع النازحات يزداد صعوبة مع قدوم فصل الشتاء الذي يشكل معاناة دائمة للنازحين، إذ أن بقاء وضعهن على ما هو عليهن يضعهن أمام خيارات صعبة وخطرة قد تشكل أضراراً صحية عليهن وعلى أطفالهن.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »