Search
Close this search box.

التمييز ضد المرأة يمتد إلى الرعاية الصحية

التمييز ضد المرأة يمتد إلى الرعاية الصحية

ترجمة وإعداد: هالة الحسن
رغم التقدم الملحوظ في مجال الطب والرعاية الصحية الذي يشهده العالم الآن، إلا ان صحة المرأة ما زالت لا تؤخذ بالجدية الكافية. حيث أظهرت الدراسات أن مخاوف المرأة فيما يخص صحتها غالباً ما يتم تجاهلها أو تشخيصها بصورة خاطئة أو التأخر في الوصول للتشخيص الصحيح. وتعد تلك المشكلة إحدى أكبر العوائق في أنظمة الرعاية الصحية والتي تؤثر بدورها على نتائج الدراسات والأبحاث الطبية وعلى الوعي العام بصحة المرأة.
يعود التمييز ضد المرأة في مجال الطب والعلاج إلى عهود طويلة تم فيها تجاهل المرأة في الأبحاث الطبية وتجارب الدواء، ففي عام 1990 قام المعهد القومي للصحة بالولايات المتحدة الأمريكية بتأسيس هيئة أبحاث خاصة بصحة المرأة لتناول مشكلة عدم تواجدها بصورة أساسية في الأبحاث السريرية التي يدعمها المعهد مما أدى إلى نتائج بحثية وقرارات تخص صحة المرأة ولكنها مبنية على دراسات أجريت على الرجل بدون أي دليل واضح على كون تلك القرارات تلائم المرأة، وقد تم تبرير ذلك لسنوات طويلة بذبذبة الهرمونات لدى المرأة خلال دورتها الشهرية مما أدى إلى استبعادها من تلك الدراسات لتجنب إضافة المزيد من المتغيرات. وبالطبع فقد انعكست تبعات ذلك الأمر على صحة المرأة بصورة سلبية حيث أن معايير تشخيص الأمراض اعتمدت على معطيات تم تحصيلها من الرجال فقط رغم أن طبيعة نفس المرض والأعراض التي يظهر بها قد تختلف تماما لدى المرأة مما يؤدي إلى التشخيص الخاطئ في بعض الأحيان، ولذلك أظهرت إحدى الدراسات أن النساء قد يطلب منهن مغادرة المشفى والعودة إلى المنزل أثناء إصابتهن بأزمة قلبية بنسبة سبع مرات أكثر من الرجل، وذلك لاختلاف أعراض الأزمة القلبية مابين الرجل والمرأة. وبالإضافة إلى ذلك فإن عدم تواجد المرأة في تجارب العقاقير أدى إلى عواقب وخيمة، فبالمقارنة بالرجل أظهرت الدراسات أن المرأة أكثر عرضة لردود الأفعال السلبية للعقاقير وذلك لأن طبيعة المرأة البيولوجية قد تجعل استجابتها للدواء مختلفة عن استجابة الرجل مما يستدعي أحياناً ضرورة تغيير جرعة الدواء للمرأة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل امتد التمييز ضد المرأة إلى المستشفيات وغرف الطوارئ حيث أظهرت الدراسات، أن بعض الأطباء لايتعاملون مع شكوى النساء بنفس الطريقة التي يعامل بها الرجل، فتروي إحدى السيدات كيف كانت تعاني من آلام حادة بالأذن ولكن الطبيب المعالج ظل مصراً على أنها تبالغ و أنها ربما تعاني فقط من الإرهاق والتوتر وكيف أنها اضطرت للتوسل لشهور حتى تم إجراء أشعة مقطعية أظهرت إصابتها بورم على المخ واستدعى الأمر إجراء جراحة لأستئصال الورم وبسبب التأخر في التشخيص فقد زاد حجم الورم إلى درجة أن الأطباء قاموا باستئصال جزء منه فقط واضطرت السيدة إلى اللجوء إلى العلاج الإشعاعي. كما تروي امرأة أخرى معاناتها من آلام الولادة لمدة 33 ساعة وكيف تم إغفال إعطائها الحقنة المسكنة للالم كما كان مقرراً مع طبيبها المعالج. ويروي أحد الرجال أن زوجته ظلت تعاني من آلام حادة بالبطن لمدة خمس سنوات حتى تم تشخيصها بمرحلة متأخرة من السرطان وتوفيت بعد فترة قصيرة. وهناك الكثير من الروايات عن معاناة النساء مع الآلام المبرحة وكيف أن الأطباء كانوا يخبرونهن أنها آلام طبيعية.
ويرى الباحثون أن كون المرأة بطبيعتها أكثر حساسية من الرجل تجاه الألم وأكثر تعبيراً عنه يؤدي إلى إعتقاد الكثيرين أن ألم المرأة يحمل كثيرا من المبالغة وأنه ربما تعبير عن مشكلة نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر، مما اضطر العديد من السيدات إلى مقاضاة المستشفيات والأطباء الذين قللوا من شأن الآلام التي شعرن بها. ورغم أن 70% من المصابين بالآلام المزمنة هم من النساء إلا أن 80% من الأبحاث الخاصة بالألم يتم إجراؤها على ذكور الفئران والرجال. وتؤكد الدراسات أن الشكوك حول مصداقية المرأة في التعبير عن الألم الذي تشعر به من شأنه أن يؤثر سلباً على تشخيص وعلاج العديد من الأمراض التي تعاني منها. فقد ذكر تقرير لمجلة منظمة القلب الأمريكية أن النساء اللاتي ترددن على أقسام الطوارئ بآلام حادة في الصدر أضطررن للانتظار فترات أطول ب 29% من الرجال ليتم تقييمهن لاحتمالية الإصابة بأزمة قلبية. وفي تحليل للمترددين على قسم الطوارئ ظهر أن النساء اللآئي حضرن بآلام حادة في البطن تم إعطاؤهن مسكنات قوية بنسبة 25% أقل من الرجال الذين شكوا من نفس الآلام، بينما أظهرت دراسة أخرى أن النساء في منتصف العمر اللاتي يعانين من آلام في الصدر وأعراض أخرى لأمراض القلب تم تشخيصهن بأمراض نفسية وعقلية بضعف نسبة الرجال الذين عانوا من نفس الأعراض.
وقد أدرك الباحثون والعاملون في مجال الرعاية الصحية مؤخراً حجم وخطورة مشكلة عدم تلقي المرأة الرعاية الصحية الكافية وضرورة اتخاذ خطوات جدية تجاهها ففي عام 2015 اشترط المعهد القومي للصحة على الباحثين في مجال الطب أن يكون الجنس أحد المتغيرات في الدراسات وان تتواجد المرأة في جميع الأبحاث والاختبارات التي يقوم المعهد بتمويلها، وعلى المرأة أيضا أن تدرك أنها يجب ألا تستسلم إذا شعرت بالتجاهل أو بأنها لاتلقى الرعاية المطلوبة، بل عليها أن تصر على حقها في استشارة طبيب آخر وألا تشعر بالخجل من الألم الذي تعاني منه. لقد اتفق الخبراء على أن المرأة هي التي تلعب الدور الرئيسي في تحمل مسؤولية صحة عائلتها وبناء على ذلك فإن المجتمع بأكمله هو المستفيد الأول من التحسن في صحة المرأة، وبدون تلقي المرأة الرعاية الصحية الكافية سيكون من الصعب تحقيق أي من الأهداف المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي أو المساواة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
المصدر:
https://www.washingtonpost.com/wellness/interactive/2022/women-pain-gender-bias-doctors/

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »