إدلب – هويدة عرفة
مع ارتفاع نسب البطالة وندرة فرص العمل ووصولها إلى مستويات قياسية في محافظة إدلب وشمال غرب سوريا، لجأت العديد من النساء والمعيلات للعمل على برامج تحتوي على عملات رقمية بهدف الربح من الانترنت، والتي أدت بطريقة أو بأخرى لخسائر كبيرة لمعظم مستخدمات هذه المواقع.
يأتي الإقبال على هذه البرامج في ظل عدم قدرة معظم النساء على تأمين فرص عمل، بالإضافة للأوضاع الاقتصادية والمعيشية المزرية التي تلاحق قسم كبير منهن وخاصة النازحات اللواتي يقطن المخيمات العشوائية في المنطقة.
وبعد جنيها أرباح وصفتها بـ الجيدة، تعرضت رؤى الصبان (28عاماً) وهي نازحة في مخيمات بلدة دير حسان الحدودية شمال إدلب، لخسارة كبيرة في عملها بالاشتراك في برامج ربحية، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى خسارتها لجميع ما تملك من نقود وأموال.
تقول رؤى الصبان “لشبكة المرأة السورية” إنها تعرفت على هذه البرامج والتطبيقات من إحدى صديقاتها التي نصحتها بالعمل عليها كونها تحقق أرباحاً جيدة تصل إلى 500 دولار أمريكي شهرياً، خاصة وأنها عاطلة عن العمل منذ قرابة ستة أشهر بعد أن بائت جميع محاولاتها بالحصول على فرصة عمل بالفشل.
وأضافت أنها تعلمت أساسيات العمل على البرامج من صديقاتها اللواتي يشتركن بها، وبالفعل بدأت تحصل على أرباح شهرية مغرية تصل إلى 200 دولار أمريكي شهرياً، وهو مبلغ لم تكن تحلم به في أي عمل يمكن أن تحصل عليه.
وأشارت إلى أن آلية العمل على هذه البرامج والتطبيقات يقتصر على الإشتراك بها فقط من خلال دفع رسوم شهرية يحددها المشترك/ة وتبدأ من 10 دولار إلى ما لا نهاية، إذ أن المرابح تزيد بحسب المبلغ الذي اشترك به المستخدم.
المرابح الجيدة وأمل رؤى بتحقيق مدخول جيد، دفعها للإشتراك بكل ما تملك من نقود ومصاغ ذهبية في برامج تعرف بأسماء “Motor money” و”Fruit money” و” star like” و”Gocial” لتقع ضحية لعملية نصب بعد إغلاق معظم هذه البرامج أو تجميدها لسحب المبالغ المودعة، بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار.
وتتعدد عمليات النصب من خلال تلك المواقع، حيث تتبع سياسة الإغراء الكبير والنصب السريع ويتم إغلاقها بعد فترة قصيرة من الزمن، وهذا ما حدث مع موقع “star like” الذي أفضى لخسارة الشابة، حيث اتبع سياسة إغراء سريعة بالنسبة لمستخدميه، من خلال تأدية مهام بسيطة قد لا تستغرق دقائق، مثل مشاهدة فيديو منشور على الصفحة أو وضع إشارة إعجاب به، وفقاً لما قالته الشابة “لشبكة المرأة السورية”.
ووفقاً لإحصائيات محلية، فإن معدل البطالة بين الأهالي والنازحين في مناطق شمال غربي سوريا ارتفع إلى 85% وهو المعدل الأعلى من نوعه خلال سنوات الحرب السورية.
بدورها لم تكن عزيزة ناصيف (36عاماً) وهي من سكان مدينة إدلب المدينة، أفضل حالاً من سابقتها حين خسرت هي الأخرى كل ما تملك عبر برنامج “يلا شات” الذي يلقى رواجاً كبيراً بين مختلف الفئات العمرية في المنطقة.
ففي أواخر العام 2018، بدأت المرأة الثلاثينية بالعمل على هذا البرنامج بعد أن بات يحقق أرباحاً وصفتها بـ “الجيدة” لدى المستخدمين، وهو ما دفعها للإعتماد عليه بشكل تام كعمل يؤمن لها مستلزماتها المعيشية، وذلك بعد يأسها من الحصول على فرصة عمل مناسبة.
تقول عزيزة “لشبكة المرأة السورية” إن البرنامج المذكور استحدث مؤخراً نافذة جديدة معروفة بنافذة “الفواكه” تتيح للمستخدم اللعب بشكل آلي مع الشركة نفسها عبر الإنترنت من خلال مراهنات تهدف لربح “كوينزات” وهي عملة رقمية خاصة، وتعتبر عملية جمعها وبيعها لبّ العمل الذي يدر الربح على مستخدمي التطبيق.
وأضافت أن الربح السريع والسهل دفعها للمجازفة بكل ما تملك، حين اضطرت لبيع منزلها ووضع ثمنه في البرنامج، وهو ما أفقدها جميع أموالها تباعاً، لتخسر خسارة تقول بأنها “كسرت ظهرها” و تسببت بافلاسها بشكل تام.
ولا تخفي عزيزة الناصيف حسرتها وندمها لما آل بها الحال، بعد أن فقدت جميع ممتلكاتها بما فيها منزلها، حيث باتت تعيش برفقة عائلتها المؤلفة من خمسة أشخاص ضمن خيمة قماشية في أحد المخيمات العشوائية بالقرب من مدينة إدلب شمال غرب سوريا.
وبررت الشابة أن ضيق المعيشة وعدم توفر فرص عمل وافتقارها للمعيل، دفعها لسلك مثل هذه الطرق والوسائل لجمع الأموال، مستشهدةً بالمثل القائل ” الغريق يتعلق بقشة” على حد وصفها.
لم تكن لينا الشيخ حسن (35عاماً) وهي مهجرة من ريف دمشق ومقيمة في مخيمات إدلب، تعلم بأنها ستخسر مبلغ 2000 دولار أمريكي في أقل من ساعة، إثر شرائها عملة رقمية تحمل إسم “luna” لتفقد ما جمعته على مدى أكثر من 5 أشهر من عملها في بيع وشراء العملات الرقميه.
تقول لينا “لشبكة المرأة السورية” إنها تعمل في الأراضي الزراعية صباحاً وعلى تطبيقات الربح من الانترنت ليلاً أملاً في تحسين وضعها المادي المتردي، حيث بدأت بشراء عملة “البتكوين” الرقمية بمبلغ 50 دولار أمريكي، إلى أن وصل رأس مالها إلى 2000 دولار بعد 5 أشهر من العمل.
وأضافت أنها لاحظت ظهور عملة جديدة تحمل اسم “lune”، ترتفع قيمتها الشرائية إلى مستويات قياسية في وقت قصير، لتضع جميع أموالها في شراء هذه العملة، لتتفاجأ بعد مرور ساعة بأن كل 100 دولار من رأس المال الخاص بها باتت تساوي 1 سنت بسبب خسارة العملة وإفلاس الشركة المسؤولة عنها.
وأشارت إلى أن الخسارة لم تقتصر على عملة “lune ” وحدها، حيث أن معظم العملات الأخرى منيت بخسائر فادحة أفقدت المستخدمين ثلثي أرباحهم ورأس مالهم، بما فيها عملة “البتكوين” التي انخفض سعرها من 58 ألف دولار وحتى 18 ألف دولار للقطعة الواحدة.
سميرة الحمادي (30عاماً) مهندسة معلوماتية مقيمة في مدينة إدلب تقول “لشبكة المرأة السورية: “إنها أجرت مسحاً وتحقيقاً على بعض هذه المواقع التي تفتقر للمصداقية والثقة، والتي تسعى لتحقيق الأرباح على حساب المستخدمين الذين غالباً ما يكونون ضحية عمليات نصب واحتيال.
وأضافت أن مالكي هذه المواقع هم أشخاص مجهولين، يقومون بترويج تطبيقاتهم وبرامجهم على الدول النائية التي تسجل معدلات بطالة مرتفعة ومن ثم تختفي بشكل نهائي مصطحبة معها أموال الأهالي والمستخدمين.
وحذرت الحمادي من مغبة الاشتراك في مثل هذه التطبيقات المجهولة التي تفتقر للمصداقية والوضوح، مشددةً على أهمية توعية النساء والمعيلات من مخاطر الاعتماد عليها ووضع ممتلكاتهن فيها.
خاص بـ”شبكة المرأة السورية”