Search
Close this search box.

العنصرية ضد السوريين في تركيا … إلى أين؟

العنصرية ضد السوريين في تركيا … إلى أين؟

مها الأحمد

بلغت العنصرية ضد السوريين في تركيا مراحل خطيرة رغم الأصوات المعارضة لها. 

صرخت ألماز بصوت تردد صداه في  رواق مشفى انطاكيا الداخلي بوجه المريضة السورية نسرين قائلة: “اذهبوا من بلادنا لقد أخذتم كل شيء منا وضيقتم علينا الفرص بأنواعها”. فما كان من حراس المشفى إلا أن اسكتوها وطلبوا منها الخروج.

في حين تتحدث زميلتها السورية إيمان (٢٥ عاماً) عن الرجل التركي المسن سليمان الذي أعطاها غرفة بجانب بيته كي تسكن فيها برفقة زوجها  طيلة مدة تلقيها العلاج في مشفى انطاكيا  من مرض الكلى المزمن.

عنصرية مقيتة يواجهها السوريون والسوريات في تركيا  وصلت حداً خطيراً، كالقتل بأنواعه، إلا أنه لازالت  هناك بعض الأصوات والتصرفات الهادفة والمعارضة ضد هذه العنصرية من قبل الاتراك أنفسهم.

يقول التركي سليمان: (لقد اعطيت السورية نسرين غرفة ومنافع ضمن منزلي الكبير كي تعيش فيها مع زوجها ريثما تنتهي من فترة العلاج من مرض الكلى المزمن كي أثبت للعنصريين أن مايفعلوه تجاه السوريين هو خطأ فادح”.

المريضة نسرين تقول: “إن العم سليمان يعاملني بكل طيب  وأشعر أنه مثل والدي “، تصرف  يختلف عن تصرف التركية الماز الذي جعل المريضة نسرين تفكر  بالعودة إلى سوريا فور انتهائها من تناول جرعات العلاج من مرض السرطان وعدم الرجوع إلى تركيا الا عند الضرورة القصوى لأخذ الصور بالأجهزة الحديثة فقط، لأن هذه الأجهزة  غير متوفرة في المحرر السوري. تقول نسرين: “لا أرغب بالبقاء هنا لولا ظروفي الصحية، فأنا لم أعد اتحمل نظرات العنصريين الي، سوف أرى إن كان بإمكاني الحصول على نفس الدواء وبسعر مجاني في سوريا بالرغم أن هذا المشفى اصلا مخصص  للسوريين”.

من جانب  آخر رفض رائد النجار من ريف حماه أن يذهب لإكمال دراسته في تركيا عبر منحة دراسية حصل عليها بسبب تفوقه في الشهادة الثانوية، وفضل البقاء واكمال دراسته  شمال سوريا بعد حوادث القتل العنصرية  المتكررة والتي طالت العديد من  السوريين أبرزها مقتل الطالب فارس العلي (١٧ عاماً) حين أقدمت مجموعة من الطلاب الأتراك على قتله طعناً بالسكين في ولاية هاتاي، جنوب البلاد أثناء  خروجه من ملعب  لكرة القدم دون ذكر أو معرفة أسباب واضحة. أما الطالب أحمد، ١٨ عاماً، وهو مهجر من مدينة حلب ويسكن في تركيا، فقد قرر أن يدرس هذا العام  الثانوية الحرة  بعد أن ذاق وعانى من مختلف التصرفات العنصرية من أقرانه الأتراك خلال دراسته في مدارس الأتراك لمدة ثلاث سنوات. 

لم تكن هذه الفئات  الوحيدة التي تعرضت للممارسات العنصرية، بل شملت فئة  العمال بشكل كبير، وقد قتل العديد منهم أيضاً بسبب العنصرية في تركيا يقول التركي أحمد (٤٠ عاماً) من غازي عينتاب: ” لقد تسبب وجود العمال السوريين بتعطيل فرص عمل للكثير من الأتراك لأنهم يرضون بالأجور القليلة مقارنة مع العمال الأتراك”.

هذه الحوادث العنصرية أفرزت العديد من المشاريع الثقافية الهادفة من قبل مناهضين للعنصرية في تركيا  من أبرزها مشروع حاز على المركز الأول من بين ألف منافس قام على تنفيذه مهندس مدني سوري يدعى عبدالرحمن عوامة بالتعاون مع شابة تركية جامعية أيضا اسمها فيلدان  كوكسال، فقد انشأوا صفحة على تويتر وانستغرام ومسلسل لشخصية كاركاتيرية اسمها (عبد الكريم) تناقش عنصرية الأتراك بطريقة ساخرة، ولكن غير لاذعة.

هناك مواقف عملية أخرى  معادية للعنصرية من الاتراك أنفسهم، ومنها ماقاله متحدث التنمية والعدالة عمر جيليك رداً على رئيس بلدية مقاطعة  باولو حين قرر قطع المساعدات عن السوريين في ولايته، حين أخبره عن وجوب مساعدة الآخرين من أصل الدين الإسلامي والالتزام به وخاطبه قائلاً: “لا شك أنك قرأت  سورة البقرة تحديدا الآية ١٧٧ (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وآتى المال على حبه ذوي القربى والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب)، موضحاً له أن الإسلام ليس حركات نحرك بها رؤوسنا يميناً أو شمالاً  فقط، إنما هو المعاملة الطيبة والإحسان لكل محتاج ومنها ابن السبيل والمهاجر.

 وعن مستقبل هذه  العنصرية المتوقع   يقول المحامي غزوان قرنفل مدير تجمع المحامين السوريين: ” لايمكن  لتركيا توفير وضع أمني أفضل للسوريين لأن السوريين مشمولون بقانون الحماية المؤقتة الصادر عن مجلس الوزراء التركي عام ٢٠١٣ لذلك لايعتقد قرنفل أن تركيا تستطيع منح السوريين وضعا قانونياً افضل لأن قانون الحماية المؤقتة جاء نتيجة تدفق هائل للاجئين إلى تركيا ولا يوجد حكومة سواء الحالية أو القادمة تستطيع إلغاء القانون بجرة قلم وترحيل السوريين  بشكل جماعي لأن تركيا ملتزمة باتفاقيات دولية وموقعة على مواثيق  تحظر إبعاد الناس قسرا في حال طلبهم للحماية والأمان، حسب قرنفل.

من الناحية القانونية أشار السوري غزوان قرنفل إلى أنه يجب على الحكومة التركية مواجهة الخطاب العنصري المتنامي، والتحرك قضائياً لمحاربة المجرمين لأن القانون التركي يحظر خطاب العنصرية.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »