Search
Close this search box.

“بيت الأمان” في غزة لحماية النساء من العنف الأسري

“بيت الأمان” في غزة لحماية النساء من العنف الأسري

عطاف عباسي

     يعتبر العنف ضد النساء من الآفات الاجتماعية التي تشكل خطراً حقيقياً يهدد النسـيج الاجتماعي ويصيبه بالتفكك وانعدام الأمن والأمان. هذه الآفة أقرب إلى كونها ثقافة عامة تضطر المرأة للتعايش معها بحكـم الأعراف والقوانين الاجتماعية غير المنصفة. ويُعَّـرف العنف ضد النساء بأنه أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس سواء سبب لها إيذاء أو ألما جسديا أو جنسيا أو نفسيا. ويشـمل التهديد، والضغط، والحرمـان التعسـفي، والعنف الاقتصادي الذي يتمثل في حرمان المرأة من حصولها على استقلاليتها سواء كان ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.

     في اطار ارتفاع وتيرة ظاهرة العنف في التفاصيل اليومية للمرأة الفلسطينية في قطاع غزة المحكوم بقيود اجتماعية تمنع المرأة من الإبلاغ عن تعرضها للعنف، تمكن فريق نسائي مكون من ثلاث شابات، يعملن في مجال تطوير البرمجيات في قطاع غزة، اطلاق تطبيق إلكتروني للهواتف المحمولة “مساحاتنا” ليمد يد العـون للنسـاء المُعنّفـات جسديا وجنسـيا ونفسـيا والناجيـات من العنف المبنـي على النـوع الاجتمـاعي وسـط ارتفـاع معــدلات العنـف الأسـري، نتيـجة  تدهور الأوضـاع المعيشـية والاقتصادية داخل الأسرة وزيادة الفقر بسبب الحصار الإسرائيلي وانتشار جائحة الفيروس التاجي ونقص فرص العمل.

    وسط المعدلات الخطيرة للعنف ضد المرأة، أنشـأت حكومة حمـاس في غزة في عــام 2019 “بيت الأمان”، وهو منزل آمن يمثل الملجأ الرسـمي الوحيد في القطـاع السـاحلي. يسمح المأوى للنساء المعتدى عليهن بالاقامة، ويوفر لهن الحماية من العنف الأسري حتى يتم تسوية النزاعات القائمة. ويقدم لهن البرامج المتنوعة والعناية الشخصية والخدمات الإرشادية والنفسـية حسب عمـق مشـكلة كل حـالة والتي تتنـوع بيـن استشـارة قانونيـة، أو تَدَخـل عبر المؤسسات الحقوقية ورجال الإصلاح أو الإيواء داخل المقر، والتواصل مع المجتمع الخارجي كعلاج بيئي لإعادة دمجهن في المجتمع ومؤسساته.

     يتيح تطبيق “مساحاتنا” من خلال خطوات بسيطة ودون اللجوء إلى السلطات مباشرة وبأمان وسـرية مطلقة، لأعداد متزايدة من ضحـايا العنف الأسري الوصول إلى مجموعة من الخدمات التـي تقـدمها المؤسسـات ذات الصـلة التي تقدم الدعـم النفسـي والخدمـات الصـحية والخدمـات  القانونية وخدمات التمكين الاقتصادي وخدمات الإيواء للنساء المعتدى عليهن.

    كما يتيح لهن طلب المساعدة مع تجنب الوصمة والأعمال الانتقامية التي تمنع كثيرات من الذهاب إلى السلطات مباشرة.

     التطبيق المسمى “مساحاتنا” من تصميم مهندسة الكمبيوتر الفلسطينية آلاء هُتهُت، التي رأت أن هناك حاجة إلى وسيلة لطلب المشورة بأمان في مجتمع تؤدي الضغوط العائلية فيه إلى إخفاء كثير من العنف المنزلي بعيدا عن الأنظار.

    و يسمح التطبيق للنساء بالتسجيل في الخدمة دون ذكر أسمائهن أو ترك أثر لتواصلهن مع مراكز الرعاية على هواتفهن الخاصة.

    في غضون ذلك، ونظرا لوصول العلاقات الأسرية إلى طريق مسدود، وفي محاولة منه للحد من العنف الأسري وحل مشاكل الأسرة، يعمل القضاء في غزة على إقرار مشروع رخصـة “زواج آمـن” الذي أطلقته حكومـة حماس في منتصف مـايو الماضي كشرط للزواج بسـبب ارتفاع معدلات الطلاق وسط الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة. يتكون مشروع رخصة “زواج آمـن” من عدة دورات اقتصـادية واجتماعيـة وصـحية وقـانونية ونفسية لتأهيل وتهيئة الشـباب والفتيـات لمرحـلة مـا قبـل الزواج وبعـده، ونشـر التوعيـة الشـاملة بحقوق وواجبات الطرفين عند تشكيل أسرة، إضافة إلى نشر مفاهيم الثقافة الأسرية بالاعتماد على تعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية.

    تقول الشـابة ذات الـ 26 عاماً الاء هتهت إنها وزميلاتهـا قد تمـكنّ من اطلاق تطبيق “مساحاتنا” بدعم وتوجيـه من مـركز الإعلام المجتمعي التابـع لمركز شؤون المرأة في غزة، ليكون ملائما لوصول هذه الفئة المعنفة من النساء والفتيات بما يلائم حالتهن النفسية والاجتماعية والظروف التي تقيد حريتهن بسبب العادات والتقاليد وبما يكفل خصوصية حالاتهن.

     وأوضحت هتهت  أن التطبيق ساعد في تعريف شريحة كبيرة من النساء على 21 مؤسسة خاصة ستساعدهن. التطبيق يضمن سرية جميع المعلومات ولا يشترط على النساء الإفصاح عن أسمائهن الحقيقية، ويُكتفى بإدخال رقم الهاتف للتواصل وتحديد المواعيد مع المؤسسات ذات الصلة، ويتم الرد على الاستفسارات بسرية تامة.

     أشارت ريهام ذات 23 عاماً، بأنـها نجحت في تجاوز الخلافات داخـل أسرتها، حيث كانت تتعرض للإساءة والإهانة اليومية من قبل زوجها الذي يعاني من الإحباط بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التي كانوا يمرون بها.

     وأوضحت أن التطبيق أتاح لها التواصل مع مؤسسة متخصصة في دعم الأسر اقتصاديا، وعرض عليها وظيفة مؤقتة تمكنت من خلالها من إعالة أسرتها.

     في غضـون ذلك، قالت درداح الشـاعر، أسـتاذة علـم النفس في جامعـة الأقصـى: “إن العنف ضد المرأة مشكلة اجتماعية متنامية في غزة، وتضطر النساء إلى التعايش معها في ظل أعراف وقوانين اجتماعية غير عادلة”. وأشارت إلى أن الاعتداء الجسدي هو أكثر أنواع العنف الجنساني انتشارا وعادة ما يتسبب به الزوج أو احد أفراد العائلة من الذكور والذي قد يتسبب أحيانا كثيرة بوفاة الضحية، أو من قبل النساء اللواتي يسعين إلى الانتقام من المعتدين عليهن.

    ووصفت الشاعر: “أن واقع غزة صعب وملئ بالتحديات، وهو جزء من واقع الإنسان الفلسطيني في غزة الذي يعاني من ظروف الانقسام والحصار الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا رئيسًا في زيادة الخلاف بين الزوجين، حيث يوجد حوار أقل وبالتالي تفاهم أقل داخل الأسرة”.

   وحسب الجـهـاز الـمـركـزي لـلإحصاء الـفلسطيني (“أوضاع المرأة الفلسطينية عشية يوم المرأة العالمي، 08/03/2022”):  تعرّضت 58.2% من النساء المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهن الزواج للعنف (على الأقل لمرة واحدة) من قبل أزواجهن كيفما كان شكله، 57.2% من النساء للعنف النفسي (على الأقل لمرة واحدة)؛ وتعرضت 18.5% من النساء للعنف الجسدي (على الأقل لمرة واحدة)؛ وتعرضت 9.4% من النساء للعنف الجنسي (على الأقل لمرة واحدة) خلال 12 شهراً الماضية التي سبقت المقابلة للعام2019

   يتبين مما سبق أن هذه الظاهرة تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعتها فلسطين والتي تدعو إلى احترام كرامة المرأة والقضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضدها.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

المرجع

https://www.al-monitor.com/originals/2022/06/new-app-gaza-helps-abused-women.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »