Search
Close this search box.

المسنات في مخيمات إدلب … معاناة الفقر والفقدان

المسنات في مخيمات إدلب … معاناة الفقر والفقدان

إدلب – سونيا العلي

تعاني الكثير من المسنات في مخيمات إدلب السورية من الفقر والإهمال والعزلة الاجتماعية في ظل البعد عن أرزاقهن وبيوتهن وحياتهن التي اعتدن عليها، إلى جانب خوفهن المستمر من الإصابة بالأمراض والأوبئة وخاصة وباء كورونا، لكونهن من الفئات الأكثر ضعفاً وتعرضاً للإصابة بالفيروس.

فريسة الأمراض
وجدت المسنات أنفسهن مضطرات لتحمل شظف العيش في مخيمات متهالكة بعيدة عن المشافي والمراكز الطبية، ما يمنعهن من متابعة حالاتهن الصحية، ويؤدي لوقوعهن فريسة الأمراض المنتشرة .
عائشة الحسين (55 عاماً) نازحة من مدينة سراقب إلى مخيم في بلدة كللي شمال إدلب، تتجرع مرارة النزوح والمرض، حيث تدهورت حالتها الصحية بعد النزوح، وعن سبب ذلك تقول لشبكة المرأة السورية: “الحياة هنا صعبة على الجميع، لكنها أكثر قسوة على المرضى وكبار السن”.

وتضيف الحسين: “أعاني من أمراض الضغط والسكري والتهاب المفاصل، ولكن عدم وجود الصيدليات والعيادات الطبية ضمن المخيم فاقم حالتي الصحية، وجعلني أضطر لقطع مسافات بعيدة سيراً على الأقدام للوصول إلى مركز الرعاية الصحية الأولية الموجود في البلدة “.
وتشكو الحسين من الفقر وعدم قدرتها على تأمين ثمن دوائها في معظم الأوقات، وقسوة ظروف النزوح على امرأة في مثل عمرها، جراء التعرض للبرد شتاء والحر صيفاً، إضافة لانتشار القوارض والحشرات، وشبكات الصرف الصحي المكشوف، الأمر الذي يعرضها لمزيد من الأمراض والأوبئة .

من جانبها علا الشحنة (25 عاماً) نازحة من بلدة الغدفة إلى مخيم في مدينة إدلب، فقدت والدتها البالغة من العمر 62 عاماً إثر تعرضها لوباء كورونا، وعن ذلك تقول: “خسرت أمي بعد إصابتها بوباء كورونا، حيث بقيت طريحة الفراش لمدة شهر واحد قبل الوفاة”.
وتضيف الشحنة: “نعاني في المخيمات من قلة المياه النظيفة، وانعدام الإجراءات الاحترازية للوقاية من الأوبئة نتيجة تلاصق الخيام، واستحالة المكوث طوال الوقت في الخيمة الضيقة، إلى جانب قلة حملات التوعية والتعقيم، الأمر الذي يؤثر على المسنين بشكل خاص، ويعرض حياتهم للخطر”.

الفقر والعوز
كما تعاني المسنات في حياة النزوح والتشريد من الفقر والعوز، بعد سيطرة النظام السوري على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي كانت تشكل مصادر أرزاق أسرهن، كما تأثر المسنون بالبعد عن منازلهم بشكل أكبر من بقية الفئات العمرية، بسبب تشبثهم بالأرض والمنازل التي بنوها بأيديهم والأشجار التي زرعوها، وسط الحنين أيضاً لأترابهم من الجيران والأقارب.
جميلة الدغيم (60 عاماً) نزحت من ريف معرة النعمان الشرقي إلى مخيم على أطراف مدينة سرمدا الحدودية مع تركيا، تضطر للعمل في بيع الحلوى لأطفال المخيم لتحصيل قوت يومها، وهي تقضي نهارها كله بالشرود والدعاء بالفرج للعودة إلى بلدتها، قبل أن توافيها المنية بعيداً عنها، وعن معاناتها تتحدث لشبكة المرأة السورية بالقول: “أمتلك في بلدة جرجناز أرضاً مزروعة بأشجار الزيتون والعنب، وقد كان موسم قطافه يكفيني العوز والحاجة طوال العام، كما كنت أقضي أوقاتي في العناية به من تقليم وسقاية ونزع الأعشاب من حول الأشجار”.
وتشير الدغيم إلى أنها تحن لجاراتها اللواتي كانت تقضي أوقات فراغها بصحبتهن.

تشتت العوائل
وتفتقد المسنات في مخيمات النزوح لأبنائهن الذين سكنوا بعيداً عنهن بحكم عملهم، أو غادروا البلاد بحثاً عن العمل والأمان وحياة أكثر استقراراً .
عائشة الصدير (65 عاماً) المكناة ب”أم عدنان”، نازحة من مدينة خان شيخون جنوب إدلب إلى مخيم بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، وهي أم لثمانية أبناء، لكنها تعيش في خيمة صغيرة، مع حفيديها اللذين فقدا والدهما منذ سنتين، ترافقها الذكريات والشوق لأبنائها، وعن ذلك تقول والحزن لا يفارق وجهها الشاحب: “فرقتني الحرب وقسوة الظروف عن أبنائي الذين هاجروا مع أسرهم إلى الدول المجاورة، وبقيت وحدي أفتقدهم وأشتاق لرؤيتهم”.
وتشير أم عدنان إلى أن ولدها توفي منذ سنتين نتيجة إصابة حربية، وتكفلت بتربية ولديه، بعد أن تخلت عنهما أمهما للزواج من رجل آخر.
وتحن أم عدنان للحياة السابقة وتتمنى اجتماع أفراد عائلتها يوماً ما، كما تخاف على حفيديها اليتيمين في حال وفاتها.

المرشدة الاجتماعية عبير الرحمون (35 عاماً) من مدينة إدلب تقول لشبكة المرأة السورية: “يكابد كبار السن قسوة الحياة في المخيمات في ظل الفقر والوحدة والبعد عن الأبناء، بعد أن أجبرهم قصف النظام السوري على النزوح من ديارهم إلى الخيام التي أصبحت مستقراً لهم، واقتلعوا من بيوتهم التي بنوها حجراً فوق حجر، وأراضيهم التي منحوها الرعاية والاهتمام، ليعيشوا بقية حياتهم في صراع بين مرارة الواقع والحنين لذكريات الماضي”.

وتؤكد الرحمون أن معظم كبار السن أثقلتهم الأمراض المزمنة في المخيمات دون أن يلتفت إليهم أحد أو يسمع أناتهم، كما يعانون الفقر والحاجة، باعتبارهم الشريحة الأكثر ضعفاً وهشاشة.

وتشدد على ضرورة إخراج المسنّين من المخيّمات ونقلهم إلى منازل إسمنتية أو دور رعاية تؤمن لهم ظروف حياة أكثر سهولة، وتراعي أوضاعهم الخاصة، فظروف المخيمات وغياب كل عوامل السلامة والصحة تضاعف اعمار النساء تحديداً وتخلق منهن عاجزات وليس فقط مسنات.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »