Search
Close this search box.

كتاب النسوية والقومية في العالم الثالث (5)

كتاب النسوية والقومية في العالم الثالث (5)

 

 إعداد : أسامة العاشور

 

هل تحصل المرأة على حقوقها بالعودة إلى الجذور؟

كان إلغاء العلاقات العائلية الممتدة جزءا من استراتيجية الطبقة البورجوازية  لتحقيق النمو الاقتصادي والتخلص من النظام  الإقطاعي حيث  غيّر نظام المصنع طبيعة البيت والعائلة التي كانت مركز الإنتاج ورغم أن المرأة في مرحلة ما قبل الرأسمالية ، كانت تكدح في الحقول والمزارع وتعمل في الصناعات المنزلية ، ولكن الرأسمالية هي التي  أخرجت نساء الفقراء من المنزل إلى المصنع بوصفهن عاملات بأجر، و أصبحن  أكبر وأرخص جیش احتياطي لليد العاملة ، وعملت البرجوازية الناشئة في بلدان العالم الثالث. على غرار النظام الرأسمالي الغربي على تأسيس نظام عائلات نووية مستقرة قائمة على الزواج الأحادي “الصارم للنساء، والنظري للرجال” وشجعت النساء على التعليم والعمل،

العودة إلى الجذور

 في اطار بحث  البرجوازية الناشئة عن هوية وطنية  لالتماس الشرعية للتحضر والإصلاح والتمايز عن البورجوازية الغربية  رأت  في حضارة الماضي السحيق لبلدانها ، التي أضفت عليها طابعا مثاليا ، نواة هذه الهوية  فتحدث إصلاحيون عديدون عن الحاجة إلى استعادة الحرية المفقودة التي قيل ان النساء كن يمتلكنها ذات مرة في مجتمعاتهن القديمة و طالبوا النساء  بالتصرف كحارسات للثقافة الوطنية والدين الأصلي والتقاليد الأسرية.

شدد المثقفون والمصلحون الأتراك على وجود هوية وأثنية تركية محددة ، ما قبل الإسلامية ، حيث قيل إن حرية النساء كانت موجودة عند البدو في آسيا الوسطى . وبالمثل ، تحدث الإصلاحيون الإيرانيون عن التاريخ المبكر للبلاد وتقاليدها الزرادشتية التي منحت المرأة مكانة رفيعة ؛ وأشار اليابانيون إلى إلاهتهم الشمس وإمبراطوراتهم وافتخر المصريون بتاريخهم القديم ، الذي تولت فيه النساء مناصب رفيعة ، و حکمت ملكات مشهورات مثل نفرتيتي وحتشبسوت البلاد . وفي الهند ، لم يكتف الإصلاحيون والسياسيون باستعادة العصر الذهبي للثقافة الفيدية وأشاروا إلى إلاهات في الأساطير وملكات محاربات ونساء شهيرات في التاريخ لإظهار أن للهند تقليد تمتعت النساء بموجبه بمكانة رفيعة . وفي سريلانكا ، استحضر السنهاليون ماض آري أسطوري حظيت فيه المرأة بتقدير رفيع ، وزعموا أن البوذية منحت النساء حقوقا متساوية مع الرجال . وفي إندونيسيا والفيليبين كانت الإشارة إلى ماض قبلي قيل أن بعض النساء تبوأن فيه السلطة . وشنوا في الهند حملة ضد أشكال التعذيب والقيود المفروضة على الأرامل ، وضد تعدد الزوجات وزواج الأطفال ، وفي سريلانكا ، دعوا إلى وضع حد للممارسة المتمثلة بتعدد الأزواج . وفي جميع البلدان الإسلامية ، من تركيا إلى إندونيسيا ، جرت الاجتهادات لإثبات أن الحكم الإسلامي حول حق للرجل الزواج بأربع نساء هو حكم مشروط بظروف يستحيل تحقيقها في المجتمع الحديث . وفي الصين وكوريا وفيتنام واليابان هوجم الزواج العرفي و طغيان الأسرة الكونفوشيوسية الممتدة .

المرأة والتعليم البورجوازي

بدأ الاهتمام بالتعليم في البلدان المستعمَرة مع قدوم المبشرين الأوربيين  ، الذين  انصب اهتمامهم بشكل رئيسي ، على إنتاج أمهات وزوجات مسيحيات من اجل المهتدين الجدد إلى الدين المسيحي من الذكور لمنعهم من الارتداد إلى معتقداتهم السابقة ، والذي كان يعتبر مرجّحا إذا بقيت النساء وثنيات ،  ولتعريف النساء بقواعد الفضيلة الأنثوية التي سادت في أوروبا في القرن التاسع عشر والسلوك السليم ،.. لم يستطع هذا النوع من التعليم إرضاء القوميين لفترة طويلة واعترضت عليه نساء كثيرات ممن کنّ أنفسهن ، نتاج التعليم الجديد، و بدأت النساء البرجوازيات في آسيا بالمطالبة للحصول على مزيد من الفرص التعليمية التي من شأنها أن تفتح لهن سبلا جديدة لكسب الدخل ، على أمل تحقيق قدر أكبر من الحرية .

شدد الإصلاحيون على الحق الديمقراطي في التعليم للجميع ، بغض النظر عن الجنس ، وذلك لتحقيق نظام عائلي قوي قائم على الزواج الأحادي ( ويفضل أن يكون نوويا ) ، من شأنه أن يشكل الأساس لمجتمع مستقر ولكن  الذكور البرجوازيون واجهوا في هذه البلدان المعضلة الليبرالية المعهودة، وهي ” أن الحقوق الديمقراطية التي تبناها أنصار التنوير في أوروبا هي حقوق عامة ظاهريا، ولكنها خاصة وتمييزية عمليا  فقد كان البرجوازيون يريدون إقصاء العمال والنساء والشعوب المستعمرة منها ” و في الوقت الذي كان فيه البرجوازيون المحليون على استعداد لتقديم بعض التنازلات للنساء اللواتي من طبقتهم ، لم تكن لديهم أية نية لتطبيق مفاهيم الحقوق الطبيعية والحرية والمساواة وحق تقرير المصير على جماهير النساء أو العمال في بلدانهم ذاتها ولم يكن لديهم أية نية بالسماح للنساء العاملات و نساء الطبقة البرجوازية أيضاً ، بالخروج من موقع التبعية التقليدية داخل الأسرة.

عمل الإصلاحيون على إضفاء  الطابع المثالي على نظام الأسرة القائم على الزواج الأحادي  في جميع المجالات وفي وسائل الإعلام حتى کاد نموذج الحياة العائلية الذي يقوم على الأسرة النووية والزواج الأحادي ، أن يصبح عاما في الأوساط الإصلاحية في البلدان التي شملتها الدراسة . ولكن النساء  على الرغم من تعليمهن  وعملهن بقين في موقع التابع  داخل المنزل وخارجه ، لذلك تقدمت النساء اللواتي استفدن اصلا من الفرص التعليمية ، بمزيد من المطالب الإصلاحية  ، لتحرير النساء من بعض العادات الاجتماعية المؤذية لهن ، ومن القيود السياسية والاقتصادية والقانونية ،.التي تعيق تطورهن  وفي الوقت عينه  مضت النساء الأكثر راديكالية أبعد في النضال ، متحديات  البنى البطريركية القمعية السائدة في مجتمعاتهن ، ومطالبات ببدائل اجتماعية وسياسية ثورية ، ؛

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »