غادة باكير
عقد من الزمن مر على سوريا, حمل الكثير من التغيرات والأحداث, ابتدأ بحلم الثورة والحرية, وما لبث أن تحول إلى حروب ونزاعات, لعبت دوراً هاماً في انتشار السلاح بشكل فوضوي بين الناس, مما أدى إلى ارتفاع معدل العنف بشكل ملحوظ وازدياد نسبة جرائم الخطف والسرقة والاغتصاب والقتل, وبالرغم من اختلاف القوى المسيطرة على الأرض, إلا أن الوضع الأمني لا يختلف ما بين عموم المناطق.
تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الجرائم, هنالك أسباب جوهرية وأساسية, منها ما يتعلق بانعدام القانون أو غيابه في بعض المناطق, وعدم محاسبة الفاعلين, أو عجز الأجهزة الأمنية من الكشف عن مرتكبي الجرائم, مما يزيد من تنامي ظاهرة العنف في كافة المناطق السورية, حيث تبدأ بعض الجرائم بدافع السرقة وتنتهي بالقتل والاغتصاب, وبعض الجرائم ترتكب تحت مسمى جريمة الشرف, وبعضها الآخر يظل مجهول السبب والفاعل.
ففي يوم الأربعاء 20 كانون الثاني / يناير الماضي حاول مجهولون اختطاف المحامي “عبد الباسط عثمان” من أمام منزله في جرابلس, وحين فشلت محاولتهم, قاموا بإطلاق الرصاص عليه بشكل مباشر مما أدى إلى مقتله على الفور, ولم يتم الكشف عن الفاعلين.
وبعد يومين من نفس الشهر، أقدم شاب في شمال غرب الرقة, على ارتكاب جريمة مروعة بحق عائلته, حيث طعن والده ووالدته وزوجته وشقيقه الأصغر بأداة حادة مما أدى لمقتلهم, وإصابة زوجته بجراح خطيرة, وتم نقلها إلى العناية المركزة في إحدى مشافي الرقة, ليتبين لاحقاً وحسب شهادة الجيران بأنه تعاطى كمية زائدة من المخدرات.
كما تم العثور على جثة شاب مجهول الهوية, بتاريخ 19/1 بحي الدرعية غربي مدينة الرقة, حيث ذبح بأداة حادة في ظروف غامضة, ولم يتم تحديد هوية الفاعل وأسباب الجريمة.
ولا يختلف الوضع ضمن مخيمات اللاجئين على الحدود السورية التركية عما تم ذكره سابقاً, فقد أقدم مسلحون مجهولون يوم الأحد 24/1 على قتل الصيدلي “رافي العاصي” من أبناء قرية أبلين في جبل الزاوية, داخل صيدليته في مخيم السلامة بالقرب من قرية سجو في ريف مدينة إعزاز, دون الكشف عن هويتهم, أو معرفة سبب الجريمة.
وفي نفس اليوم وبحسب بلدي نيوز, عثر على الشاب “خلف طراد الموسى” المهجر من بلدة الصرمان في ريف إدلب الجنوبي, مقتولاً داخل خيمته في مخيم المنهل, الواقع قرب قرية كفتين في ريف إدلب الشمالي دون الكشف عمن يقف خلف هذه الجريمة.
أما بعض الجرائم والتي يتم الكشف عن فاعليها يبقى هؤلاء فوق مستوى المحاسبة كما حدث في بلدة تل الشاير في ريف الحسكة, حين داهمتها مجموعة من داعش وقاموا باختطاف رئيسة مجلس البلدة “سعدة الدرماس” من منزلها وأمام أنظار عائلتها, ورئيسة مكتب الاقتصاد في المجلس ذاته “هند الخضر” ليعثر عليهما لاحقاً قرب الطريق العام للبلدة بعد أن تم فصل رأس كل منهن عن جسدها, ويذكر أن السيدتين تعرضتا في وقت سابق لتهديدات بالقتل من قبل التنظيم.
ويسود الوضع نفسه ضمن مناطق سيطرة النظام, حيث ترتفع نسب الجرائم في ريف دمشق وطرطوس, التي شهدت جريمة قتل بحق امرأة في عقدها السابع, حيث تلقت طلقة في رأسها بهدف سرقة حقيبتها وهاتف آيفون وبعض المقتنيات من داخل منزلها, وهي زوجة نقيب المحامين الأسبق لدى النظام “ياسين زمام”.
ونقلاً عن موقع الجزيرة نت فقد صرحت الباحثة الاجتماعية “كبرياء الساعور” أن ارتفاع معدلات الجريمة في مناطق النظام, لا تعود إلى الأزمة الاقتصادية فقط بل هي إحدى تداعيات الأزمة الإنسانية, الأمر الذي تسبب بتصدع اجتماعي, وتفكك للروابط الاجتماعية, من خلال الحرب التي شنها النظام على المجتمع.
وقالت الساعور: “إن المؤسسات المسؤولة عن حماية المواطنين, ضالعة في خدمة العنف وقائمة عليه, وأكدت أن ما يسود في المنطقة هو غياب القانون, وسيطرة المليشيات التي تمارس العنف وتتعدى على الأملاك الخاصة, في ظل انتشار السلاح والإفلات من العقاب”.
أما المحامي فاروق أبو حلاوة فقد تحدث عن أسباب زيادة العنف في سوريا قائلاً: “الظروف الاقتصادية المتدهورة, وتزايد معدلات الفقر, والضغوط النفسية التي يعاني منها البعض تدفعهم للإدمان على المخدرات التي انتشرت بكثافة بين الشباب وسهولة الحصول عليها”.
كما ترتكب جرائم القتل بدافع الشرف, أو الثأر المنتشر بين بعض العائلات العشائرية, و تفشي ثقافة العنف والمليشيات, ويضيف المحامي أبو حلاوة: “إن ضعف العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة, وضعف الإيمان بالله والوازع الديني, أدى إلى ارتفاع معدلات الجرائم”.
مهما تنوعت واختلفت الأسباب التي تقف خلف وقوع الجرائم, تظل النتائج نفسها في نشر الرعب, وانعدام الشعور بالأمان بين الناس في كافة المناطق, ولا سبيل للحد من انتشار هذه الظاهرة, سوى بتوفير سلطة قضائية نزيهة ومستقلة, لحماية المواطن, والعمل على نشر التوعية بين الناس, وتعزيز التضامن الاجتماعي.
خاص بـ”شبكة المرأة السورية”