Search
Close this search box.

النساء المبتورات في إدلب … بين ظلم المجتمع وصعوبة تأمين الأطراف الصناعية

النساء المبتورات في إدلب … بين ظلم المجتمع وصعوبة تأمين الأطراف الصناعية

 إدلب – نايف البيوش

تجلس رندا الخالد (39عاما)، أمام خيمتها عاجزة عن الحركة، بعد أن بترت ساقها إثر غارة جوية نفذتها الطائرات الروسية على منزلها الكائن في مدينتها معرة النعمان جنوبي مجافظة إدلب، لتكون بذلك واحدة من النساء اللواتي رحن ضحية النظام السوري وحليفته روسيا .

تروي رندا لحظة إصابتها لـ”شبكة المرأة السورية” فتقول إنها كانت تعد حلوى العيد عندما ألقت طائرة حربية بحممها على منزلها الواقع في أحد الأسواق الشعبية المكتظة في المدينة. تصمت قليلاً لتتابع بغصة: “أمتزجت أشلاء الناس بأرزاقهم في ذلك اليوم، لم أشعر بإصابتي في اللحظات الأولى، الدخان والغبار هو أكثر ما رأيته، لم أكن أسمع سوى أنات وصراخ المصابين، إضافة لأصوات سيارات الإسعاف التي كانت أملنا الوحيد في النجاة”،   وتضيف: “أعيش ألآن مع إعاقة سترافقني طيلة حياتي، بترت قدمي، بينما فقد الكثيرون حياتهم في ذلك اليوم”. وتعيش الخالد حالياً في خيمة قماشية على الحدود السورية التركية بعد استسلامها التام لواقعها المرير.

تقول رندا أنها لم تكن تتوقع يوماً أن تصل لهذه الحالة”المأساوية”المتمثلة بالعجز التام، وخاصة بعد نزوحها من مدينتها إلى مخيمات الشمال السوري وهو ما ضاعف من معاناتها في أدنى حركاتها على حد وصفها.

جدير بالذكر أنه قد وصل عدد المصابين في سوريا إلى 3ملايين مصاب في الحرب، 1.5 مليون منهم مصابين بإعاقات دائمة بينهم 1مليون طفل، وتعرض 68 ألف منهم لبتر أحد الأطراف بحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHo) ومنظمة “هاند يكاب إنتر ناشيونال “في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2017.

لم تستسلم خلود السعيد (21عاما) لإعاقتها المتمثلة ببتر يدها اليسرى إنما واجهتها بكثير من الإصرار والتحدي وباتت تتقن مهنة لا تتناسب مع إعاقتها فتقول إن الإعاقة لا تعني نهاية الحياة بل إنها “التحدي الحقيقي لخوض مغامر الحياة”.

تستذكر خلود لحظات إصابتها فتقول إن قذيفة صاروخية سقطت بالقرب منها أثناء ذهابها لمدرستها حين كانت في الخامسةعشر من عمرها، ما أدى لبتر يدها اليسرى وإصابتها بجروح متفرقة في جسدها، حيث كانت فترة التأقلم مع الإصابة من أكثر الصعوبات التي واجهتها في حياتها.

 لا تخفي خلود أن هذه الفترة دفعتها للتفكير بالإنتحار بسبب الوضع الجسدي والنفسي “المأساوي” الذي وصلت إليه بسبب نظرة العطف التي ينظرها المجتمع المحلي في إدلب للمعاقين بشكل عام وللنساء بشكل خاص.

تعمل خلود في مهنة حجارة الفسيفساء وهي مهنة لا تتأقلم مع إصابة خلود كونها تحتاج ليدين سليمتين وقويتين لتقطيع الحجر وصفه بطريقة إحترافية، حيث أن جمال رسم اللوحات هو أكثر ما يواسي خلود في حياتها.

أما سعاد عربو (24عاماً) فلم تكن تعلم أن إصابتها ستحرمها من عائلتها بعد أن طلقها زوجها بسبب إصابتها بغارة جوية أدت لبتر قدمها.

تقول سعاد إنها لم تر طفليها منذ سنتين بعد أن أخذهما طليقها وسافر إلى تركيا وتتابع والدمعة في عينيها: “إصابتي لم تكن كافية… لأعيش ألماً آخر بفقداني لعائلتي، أي جحيم سأعيشه بعد خسارة كل شيىء”، لتدخل في نوبة بكاء .

المرشدة النفسية والإجتماعية سعاد كيالي (37عاماً) تتحدث لشبكة المرأة عن أبرز المشاكل التي تعانيها النساء المبتورات شمال غرب سوريا فتقول: “أبرز ما تعانيه النساء هي الإضطرابات النفسية والشعور بالإحباط، لسوء معاملة الآخرين لهن حتى من الأسرة والأهل، وهو ما يدفع نسبة كبيرة منهن للتفكير بالإنتحار”، مشيرة إلى أن المجتمع المحلي لا يعلم خطورة التعامل مع هذه الفئة، مما يزيد من معاناتهن دون إدراك العواقب الوخيمة لتلك المعاملة، وتضيف أنه: “لا يوجد أي مؤسسات إنسانية أو مراكز توعوية مخصصة والتي من شأنها دمج هذه الفئة المهمشة بالمجتمع وتهيئة المصابة نفسياً وجسدياً لأن تكون عضواً فاعلاً فيه”.

لم تقتصر معاناة النساء المبتورات على الحياة الإجتماعية حيث تعاني معظمهن من صعوبة تأمين أطراف صناعية ملائمة تساعدهن على التأقلم مع إصاباتهن وتخفف من معاناتهن المتمثلة ببتر أحد الأطراف وذلك لتكلفته الكبيرة التي تترتب على المصابة للحصول على طرف صناعي.

ضحى توفيق (35عاماً) تقول لـ”شبكة المرأة السورية”، أنها لم تستطع تركيب طرف صناعي بعد أكثر من ثلاث سنوات على إصابتها نظراً لسعره المرتفع إذ يتراوح ثمن الطرف بين 900و2500دولار تبعاً لجودته وتناسبه مع الإصابة وتضيف ضحى أنها حصلت على طرف صناعي بمساعدة إحدى المنظمات الإنسانية إلا أنه لم يتناسب مع إصابتها ما سبب لها آلاماً  ومشاكل صحية وهو ما دفعها للإستغناء عنه.

وتأمل ضحى أن تحصل على طرف صناعي يتناسب مع إصابتها بمساعدة المنظمات الإنسانية مما يساعدها على إستعادة حركتها ولو بشكل جزئي .

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »