Search
Close this search box.

نساء يسعين لتدفئة أطفالهن في مخيمات النزوح

نساء يسعين لتدفئة أطفالهن في مخيمات النزوح

إدلب – سونيا العلي

القمامة المتكدسة والروائح الكريهة، لم تمنع النازحة مريم السلوم، من الذهاب مع أولادها بشكل شبه يومي للبحث عن مواد قابلة للاحتراق لإشعالها في المدفأة في الأيام الباردة.

حال أسرة مريم لا تختلف عن معاناة كثير من النساء اللواتي يعانين الفقر وانعدام الإمكانيات في مخيمات النزوح، تزامناً مع قدوم فصل الشتاء الذي يضيف مأساة جديدة إلى أوضاعهن “المزرية” التي تفتقد مقومات العيش الكريم.

مريم السلوم (36 عاماً) أم لسبعة أطفال، نزحت من ريف مدينة سراقب إلى أحد مخيمات بلدة معرة مصرين، تزوج زوجها من امرأة أخرى، وتخلى عن مسؤولياته في الإنفاق عليهم، تتحدث لشبكة المرأة السورية عن معاناتها بالقول: “لا نستطيع البقاء دون تدفئة، ولا نملك المال الكافي لشراء الحطب أو الوقود أو أي وسيلة أخرى، الأمر الذي يضطرنا للذهاب إلى المكب القريب من البلدة، للبحث عن مواد قابلة للاحتراق للحصول على بعض الدفء.

تبين السلوم أنها تجمع القوارير البلاستيكية والملابس المهترئة والأحذية والنايلون والكرتون والعيدان، وكل ما هو قابل للاشتعال، وتضعها في أكياس كبيرة، وتعود بها إلى المخيم لاستخدامها في التدفئة وإشعال الموقد لطهي الطعام. لا يخلو هذا العمل من المخاطر، جراء تجمع الجراثيم والحشرات، ووجود مواد خطرة بين القمامة.

نديمة العياش(31 عاماً) نزحت من بلدة جرجناز إلى مخيم على أطراف مدينة إدلب، أم لثلاثة أطفال، فقدت زوجها في غارة حربية منذ ثلاث سنوات، تعرضت لجروح في يدها أثناء البحث في القمامة عن مواد قابلة للاحتراق بغرض التدفئة، وعن ذلك تقول: “لم أنتبه لوجود قطعة زجاج بين القمامة، أصابت يدي بجرح عند لمسها”.

تشير العياش إلى أنها قصدت إحدى المشافي الموجودة في المدينة، حيث تمت خياطة الجرح وتعقيمه، وبقيت حوالي نصف شهر في المنزل حتى اندمل جرحها، وعادت بعدها لعملها من جديد.

كما أصيبت امرأة وطفليها بجروح في مخيم البر بريف إدلب بتاريخ 5 من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، إثر انفجار قنبلة من مخلفات الحرب كانت ضمن قطع المخلفات التي جمعوها من مكب نفايات قريب، بهدف استخدامها للتدفئة، دون أن يلحظوا وجود قنبلة عنقودية بين ما جمعوه.

كما تقوم بعض النساء بصناعة مادة “الجلة” من روث الأبقار، بهدف استخدامها في التدفئة، باعتبارها غير مكلفة، وتتناسب مع أوضاعهن المعيشية المتردية.

أم عمر (40 عاماً) نازحة من مدينة التمانعة إلى قرية كفريحمول، تعيش مع ابنتيها وزوجها المريض، وتصنع مادة “الجلة” طوال فصل الصيف، لاستخدامها في التدفئة شتاء، وعن ذلك تقول لشبكة المرأة: “أقوم بمساعدة ابنتي بجمع روث الأبقار من القرية، ثم نخلطه مع القش اليابس والماء، ونتركه تحت أشعة الشمس حتى يجف تماماً، ونستخدمه لإشعال المدفأة في فصل الشتاء”.

تؤكد أم عمر أن استخدام هذا النوع من وسائل التدفئة يسبب لأفراد أسرتها الأمراض التنفسية والسعال المستمر، مؤكدة عدم وجود إمكانية لديهم لشراء وسائل التدفئة الآمنة والصحية.

كما تسعى بعض النساء لتدفئة أطفالهن من خلال إعادة تدوير الملابس الشتوية لصنع أخرى تتناسب مع أعمار أبنائهن.

حليمة المواس (38 عاماً) نازحة من مدينة خان شيخون إلى مخيم في قرية كفريحمول، لا تمتلك المال الكافي لشراء الملابس الشتوية لأبنائها الخمسة، لذلك تعمل على إعادة تدوير الملابس، توضح ذلك بقولها: “نعاني هنا من قلة الإمكانيات، حيث لا يوجد لدينا بطانيات كافية لنقي أنفسنا من برودة الجو، وانتشرت بيننا الكثير من الأمراض وخاصة أطفالنا”.

تبين المواس أنها تشتري الملابس الشتوية من محلات بيع البالة المستعملة بأسعار رخيصة، وتعمل على فك الخيوط الصوفية منها، وتعيد نسجها من جديد على شكل ملابس بمقاسات أبنائها، كما تصنع لهم الجوارب والقفازات الصوفية، مؤكدة أن هذا العمل يرافقها طوال فصل الشتاء”.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد المخيمات في مناطق شمال غرب سوريا 1304 مخيماً بحسب تقرير صادر عن “فريق منسقو الاستجابة “نهاية العام الفائت، وتضم تلك المخيمات أكثر من مليون و48 ألف نازحاً، فيما بلغ عدد المخيمات العشوائية 393، أما نسبة العجز في الاستجابة الإنسانية ضمن المخيمات، فيبلغ قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش 54.8%، أما قطاع المواد غير الغذائية فيبلغ 61%، وقطاع المأوى 54.4%.

نساء سوريات وجدن أنفسهن في مخيمات النزوح، وزاد برد الشتاء من معاناتهن، وقسوة حياتهن، فسعين بإمكانيات معدومة لتوفير بعض الدفء لأبنائهن للبقاء على قيد الحياة، وسط ضعف دور المنظمات الإنسانية عن الاستجابة لأوضاعهن المأساوية.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »