Search
Close this search box.

اللاجئات السوريات بين الزواج العرفي ونهاياته الحزينة

اللاجئات السوريات بين الزواج العرفي ونهاياته الحزينة

مصر – قمر الخطيب

فقدت (تسنيم) الثلاثينية زوجها في سوريا في الريف الجنوبي لدمشق، وبعد جهدٍ كبير هربت مع أطفالها الثلاثة ووالديها إلى مصر لتواجه مصيراً أمرَّ من الموت. تقول تسنيم لشبكة المرأة السورية: “في أواخر عام  ٢٠١٥ وفدنا لمصر وتحدينا المخاطر في الصحراء، وعندما وصلنا لم نكن نملك من المال إلا إيجار شقة لمدة شهرين فقط، ولم استطع ترك اطفالي وحدهم وأعمل. لجأنا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في القاهرة من أجل المساعدة ولم يحالفنا الحظ.  بعد فترة قصيرة أتاني خاطب عن طريق إحدى الجارات وكفلته لنا، مصري متزوج ولديه طفلان، حالته المادية ممتازة  وتوعد بمساعدة والديي ورعاية اطفالي معي، وشرطه الوحيد أن يبقى زواجنا سراً مؤقتاً، وألا ينام ليلاً عندي حتى لا تشعر زوجته، فوافقت على أمل النجاة من الوضع  الكارثي الذي نمر فيه. لكن ما أن تزوجنا حتى بدأ يتهرب من مسؤولياته ويختلق الأعذار، ولم يقم بتوثيق الزواج كما وعدني. وحتى الإنجاب منعني منه، فرضخت لأوامره، وبعد مضي ستة شهور على زواجي منه، اتصلت زوجته وطلبت مني ترك المنزل وإلا ستأتي مع اخوتها العشرة لطردي منه. وقالت إنها تعلم بزواجي منه وكان بالاتفاق بينهما، على أن كون لفترة قصيرة لتغيير الوجوه وانتهى. ثم اتصل هو بي بعدها وقام بتطليقي على الهاتف، لم استطع عمل شيء، القانون هنا مع المرأة نعم، لكنه لا يحمي الأجنبية وبزواج عرفي، ولا يسترجع لها حقوقها. عدت إلى منزل أهلي منكسرة، تلاحقني نظرات اللوم ممن حولي لقبولي بهذا الزواج”.

تسنيم هي سيدة من بين عشرات الآلاف من النساء المقيمات في مصر ويعانين من الفاقة الشديدة. وبحسب الأرقام التي سجلتها إحصائيات الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر لعام ٢٠٢٠ والأرقام التابعة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أنه تقدم حوالي ٥٠٠ مصري للزواج من سوريات في عام ٢٠٢٠ وتم توثيق زواجهم في الشهر العقاري، ولكن من لم يوثق زواجهم تعدى الرقم المذكور حتماً.

أصل الحكاية

في منتصف عام٢٠١٢، ومع بداية دخول السوريين لمصر كان من يرغب بالزواج من المصريين من سيدات سوريات يذهب إلى مسجد الحصري في منطقة السادس من اكتوبر ليجد هناك العشرات من الأسماء مع المواصفات ويختار من يريد بمبلغ ٥٠٠ جنيه فقط، ويتم زواجه بدون توثيق للعقد، وكانت أغلب تلك الزيجات نهايتها الطلاق.

تروي (أمل) ٣٢ عاماً بعد محاولة انتحار فاشلة قصتها: “انفصلت عن زوجي في حلب لعدم قدرتي على الإنجاب وسافرت مع والديي واخواتي لمصر لنبدأ حياة جديدة بعيداً عن الموت. ومنذ نزولي من الطائرة في مطار القاهرة في شباط/ فبراير ٢٠١٣، لاحظت الترحيب الكبير من الأخوة المصريين تجاه السوريين. تقدم لخطبتي الكثير ولكن نظراً لظروفي كان علي اختيار الشريك المناسب لأكمل حياتي بسلام.

 في عام ٢٠١٧ تقدم لي شاب مصري مع زوجته وهذا ما أثار فضولي حينها، كان يكبرني بستة اعوام وزوجته برفقته سعيدة لهذا الزواج وتبرر بأن زوجها إن لم بتزوجني فسيتزوج غيري وهي تحب السوريات لأنهن بعيدات عن المشاكل ولا يخربن بيت الزوجة الأولى، كما تفعل المصريات. وافقت عليه بشرط العدل بيننا وأن يفعل المستحيل لأنجب طفلاً، فوافق على طلباتي. عقد القران محاميه الخاص على أن يكمل هو إجراءات التوثيق لاحقاً. وما أن تزوجنا حتى بدأت تظهر مشاكل من الزوجة الأولى لعدم تقبلها الأمر وندمها على موافقتها، وذهبت إلى بيت أهلها ورمت أطفاله في الشارع وهددته إما هي أو أنا”.

(أمل) حولها زوجها إلى ضحية حينما اختار الانفصال عنها وإعادة لم شمل أطفاله مع والدتهم، ولم تستطع تكليف محامي لتوثيق الزواج نظراً للتكاليف الباهظة التي لا طاقة لها لدفعها، فكان الانتحار هو أفضل حل بعدما سمعت أتهامات من حولها بأنها تزوجت زواج متعة وعادت. وقد تنصل الزوج من دفع المهر والنفقة والمسكن وكافة حقوقه الواجبة عليه في القانونين السوري والمصري، وعندما طالبته بتوثيق الزواج لاثبات الطلاق، لم يحرك ساكناً، بل رفض وأخبرها بأنها إن كلفت محامي فسيكلف عشرة.

أما /هدى/ ٣٣ عاماً، فهي أم لطفلين أتت لمصر مع زوجها في يناير ٢٠١٧ وحصلت الكثير من المشاكل معه، وتركها تصارع الحياة مع أطفالها، ثم سافر بحراً إلى ألمانيا طلباً للجوء وحده وارسل لها ورقة الطلاق من هناك. تقول هدى: “وجدت نفسي بلا معيل فاضطررت للعمل في إحدى المدارس الحكومية مُدرسة للأطفال ووضعت أطفالي معي في نفس المدرسة، فتقدم لخطبتي أستاذ المادة الأسلامية سوري الجنسية، متزوج ولكن علاقته مع زوجته ليست على مايرام ويرغب بالزواج  بأخرى. عقد قرانه علي ومنعني من الوظيفة لغيرته الشديدة، وبعد مرور أسبوعين  اتاني غاضباً وأخبرني بأن زوجته رحلت لسورية فجأة عندما علمت بزواجه وتركت أطفاله في المنزل وحدهم يبكون، وبدأ بالبكاء أمامي وهو في حالة ضياع”.

وأردفت /هدى/ قائلة: “للأسف كان أضعف مما أتخيل وكأنه لا يفقه من الدين الذي يعلمه للأطفال شيئاً، فقد اختار طلاقي كحل وحيد لعودة زوجته، ونسي ما قاله لي سابقا بأنه لو علمت زوجته بزواجه فهذا شأنها ولتفعل ما تريد. لم أدرك ضعفي وقلة حيلتي الا عندما وجدتني وحيدة وأتتني رسالة منه على الهاتف بأن عقد إيجار الشقة لثلاثة شهور فقط حتى أستطيع تدبر أموري”.

الرأي القانوني

يشمل القانون المصري في حقوق الزوجة بعد الطلاق ( على النفقة وتشمل الغذاء والكسوة ومصاريف علاج بحسب المادة 1 من قانون الأحوال الشخصية، ونفقة المتعة تُفرض إذا دام الزواج لأقل من سنتين وفقاً للمادة ١٨ من القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥).

ومن خلال حديثنا مع المحامي المصري يوسف المطعني المتخصص في الأحوال والقضايا الشخصية للسوريين، أوضح أنه يتلقى استفسارات عن كيفية إثبات الزواج العرفي لأكثر من 40 حالة سورية شهرياً، وحوالي 5 دعاوى قضائية يقوم برفعها في كل شهر للاجئات سوريات، وأردف قائلاُ إن أغلب أسباب فشل تلك الزيجات لعدم قدرة الزوج على إخبار زوجته الأولى بزوجة ثانية سورية، أو مسألة قانونية تتعلق بأوراق ثبوتية يُطالبوا بها في مكتب زواج الأجانب، فقد يكون جواز السفر منتهي الصلاحية أو لم تستطع إحضار إخراج قيد فردي من سوريا لظروفٍ ما، أو عدم تواجد إقامة سارية المفعول على الكرت الأصفر بسبب إغلاق مكاتب المفوضية في الآونة الأخيرة بسبب وباء كوفيد 19. وفي هذه الحالة أقوم بالتوعية بنتائج مثل هذه الزيجات، والكوارث الناتجة تكون أكثر خطورة  إذا تواجد طفل بحيث يصعب إثبات نسبه ولا يتم تسجيله في الجهات الرسمية عند عدم اعتراف الزوج لأسباب وظروف مادية واقتصادية أو شخصية، ويكون حينها قد نال مبتغاه ولا يهتم بالنهايات أبداً، وبالأضافة إلى الألم النفسي والمعنوي والاجتماعي جراء نظرات الناس.

ويضيف المطعني أنه عندما يتجه الزوج والزوجة للجهات الرسمية لإثبات زواجهم يترتب على ذلك رفض حوالي 50 في المئة من دعاوى تثبيت الزواج وتأخذ حوالي السته أشهر وأكثر اذا كان الزوج معترف ولم يتنصل.

وأخيراً يقدم الأستاذ يوسف نصيحة لكل من يود الإقدام على هذا الزواج أن يلجأ لمتخصص بمثل هذه المسائل قبل البدء لكي يرى الطريقة المُثلى لكل حالة على حدى، لأنه إذا تقدموا فيما بعد الزواج لأخذ حقوقهم سيكون هناك صعوبة لنا في التعامل معها وسنضطر لتحمل أخطاء الآخرين، وفي النهاية يجب أن يحموا أنفسهن قبلاً فربما القانون لن يستطيع حمايتهم كما يجب.

اللوحة للفنان “وسام الجزائري”

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

3 Responses

  1. السلام عليكم أنا طايع من القاهره عمري 36سنه مطلق اريد الزواج الشرعي من سوريه مع الحفاظ علي كافة حقوقها الشرعيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »