Search
Close this search box.

لو أعدنا الإعمار كيف سيعاد بناء الإنسان الألماني(قراءة في فيلم ماريا براون)

لو أعدنا الإعمار كيف سيعاد بناء الإنسان الألماني(قراءة في فيلم ماريا براون)

مصطفى الشيحاوي

يتحدث هذا الفيلم عن  ما بعد انتهاء الحرب التي شنها الحلفاء ضد هتلر وواقع حال الشعب الالماني وواقع المانيا وحجم الدمار الذي حصل بعد الهزيمة .

فالفيلم يعتمد على مقولة حتى لو اعدنا الاعمار  كيف سيعاد بناء  الحالة النفسية والاجتماعية  للشخصية  الالمانية ومن سيخلصه من احزانه التي شظتها واثرت الحرب فيها . المخرج قدم الفيلم باسلوب ميلودرامي ,اي مبالغة في المشهدية خدمة للغرض الفكري ولنظرة المخرج الكاتب الذي كان يرصد واقع المانيا بحالة تشاؤمية  ..

 من هي ماريا براون وان كانت هي شخصية من لحم ودم الا انها ايضا تمثل المانيا والتحول الذي حدث عليها..وكيف انتقلت هذه الشخصية من شخصية عفوية الى شخصية اكثر تعقّد منمطة بنمط السوق الاقتصادي المتوحش عبر الغاية تبرر الوسيلة وكيف شملها الخراب الروحي والنفسي انه الاغتراب بايعاده الوجودية والانسانية  , كان الجوع احد الدوافع الذي افضى الى غايات اخرى تبررها الوسيلة التي قادت الى المآلات التي سوف تخسر على اثرها كامل الذات فعالم الانهيار لايترك مجالا للحالة العفوية ان تستمر بعفويتها, سوف يقودها الى التعقد بطريقة وحشية وصولا الى نهاية الفيلم كتتويج لانهيار الذات .

فالفيلم يحمل الكثير من  الرموز والدلالات المهمة لرصد الواقع الذي حملته الشخصيات 

فالزوج هو الوجه الاخر لماريا الذي اتجه الى ذات القيم التي سلكتها ماريا بالاتفاق مع العشيق الثري وهذا الزوج الذي اعطاها اسمه العائلي لتصبح براون هذا الاسم الذي يذكرنا بعشيقة هتلر  براون والتي انتحرت معه بعد يومين من زواجهما . ,الجد هو الشخصية الالمانيا التي لاتمتلك من التاريخ سوى فقدان الذاكرة ,زوجة الاخ والاخ وهي مؤسسة الزواج المنهارة التي تمثل الشك بالقيم العاطفية والروحية  ,الطبيب هو شخصية مهمة وهي التي يعتمد الواقع المريض عليها بالاستشفاء واذ هي شخصية تدمن تخدير اوجاعها   ,العشيق التاجر هو النمط الاقتصادي المريض الذي ينتظر الموت ورغم ثراه يشعر انها الفترة الوحيدة الحقيقية رغم تشوه نوع اللقاء وهو ما يؤشر على برودة الزمن الذي كان سائدا  ,المحاسب اذا تمعنا بدور المحاسب هو النمط الاداري للاقتصاد البيروقراطي في زمن السلطة القوية  حيث كان دورها وظيفي نمطي مؤثر ومقرر في المراحل السابقة كرمز للتراتبية الهرمية النازية عديمة الابداع ,الجندي الامريكي..فلو تساءلنا لماذا قدم الفيلم  الشخصية زنجية ..قد تأخذنا تحليل هذه الشخصية الى ابعاد عدة ولا سيما منها تقديم تاريخ المستضعفين الذين تنتصر بهم القوى المتوحشة .الام هذه التي تريد ان تعيد ما فاتها بعد ضياع السنين عليها بطريقة متصابية .

كما ان هناك  الكثير من الدلالات الاخرى التي تكشف الواقع الذي بدأ بالاستيقاظ على واقع مختلف اسبابه نظامه النازي بكل نتائجه, التي دفعته نحو ما يسمى “المعجزة الألمانية” ليغطي الإحساس بالذنب والهزيمة الروحية.وهو ما اراد ايصاله المخرج بالمشهد الذي بدأ بصوت المعلق الرياضي وبذات اللحظة المداعبة الجنسية حيث هذا الحال الذي يكون عليه المجتمع المحبط الذي يحاول النهوض عبر هاتان الوسيلتان , كنمطين استهلاكيين كرة القدم التي هي تعويض ومخدر لتجاوز عقدة الهزيمة…. والنمط الاخر التشيوء الذي دفعت ثمنه المرأة من جسدها حيث اصبح سلعة مثل باقي السلع الاخرى ..

وهو مايدل على الاغتراب النفسي  الذي قدمه الفيلم ولا سيما في نهايته  بطريقة صعود المانيا من خلال فوزها الذي لن يمحو مرارة هزيمتها وتشظيها الروحي, مع صوت الانفجار المتعمد من قبل ماريا براون… وهي التي كانت تظن أنها تبني عالمها الجديد حيث يكون لها فيه كأمرأة دور تفتخر به امام رجل تلاشى ..لتنهي حياتهما كتعبير عن انهيار اخر شعور عاطفي متبقي.

 هذا الفيلم الذي “يحمل رمزية انحطاط ألمانيا النازية وسقوطها بموازاة أزمة البحث عن الهوية عقب الحرب المجنونة ”.  نهاية الفيلم تراجيدية ..تغلق الشاشة على شخصية المحاسب  الذي رأى المصير لمرحلة اسسوا لها بالغطرسة الدموية ,وشاهد على نهاية مرحلة كانوا هم صانعوها.

 

 

 

 

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »