ترجمة وإعداد: عطاف عباسي
يتيح اليوم العالمي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة ، الذي يُحتفل به في 29 أيار، فرصة للإشادة بالمساهمة القيمة التي يقدمها الأفراد النظاميون والمدنيون في أعمال المنظمة، وفي الزمن الراهن أصبحت التحديات التي يواجهها حفظة السلام أكبر من أي وقت مضى بسبب جائحة كوفيد 19. كان شعار احتفالية هذا العام ” المرأة في حفظ السلام” . للمرة الأولى ، يقوم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش بمنح جائزة مناصرة النوع الاجتماعي العسكرية لشخصين من عناصر حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة تقديرا لالتزامهما ومناهجهما المبتكرة:
القائدة البرازيلية كارلا منتيرو دي كاسترو اروجو ، المستشارة العسكرية لشؤون النوع الاجتماعي والحماية في بعثة الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى للقيام بعملية حفظ سلام متعددة الأبعاد أولويتها القصوى حماية المدنيين، حيث ساهمت كارلا في تزايد عدد الدورات المستجيبة للنوع الاجتماعي التي تتعامل مع المجتمعات المحلية من 574 دورية إلى ما يقرب 3000 في الشهر.
والرائدة سومان غواني أول جندية هندية لحفظ السلام، ومراقِبة عسكرية في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (اونميس) . حيث قامت بإرشاد أكثر من 230 مراقبا عسكريا من الأمم المتحدة حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وكفلت وجود مراقبات عسكريات في كل موقع من مواقع البعثة.
مع زيادة انتشار البعثات، برهن العنصر النسائي أن مشاركته في مفاوضات السلام زادت من فعالية البعثات وتحسين أداءها، وضمان إحلال السلم المستدام وتحفيز الازدهار، حيث أن للنساء قدرة أفضل في للوصول إلى المجتمعات المحلية والتي قد تكون مغلقة أمام الرجال ، كما أنهن يشجعن غيرهن من النساء على أن يصبحن جزءا لا يُستغنى عنه في عمليات حفظ السلام والعمليات السياسية. ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة الصادر في هذا الشأن فإن مشاركة المرأة في مفاوضات السلام، تزداد جودة اتفاقات السلام وتطول مدتها، وعندما توقع النساء اتفاقيات السلام، فمن الأرجح أن تُنفذ.
إن مساهمات حفظة السلام من النساء حاسمة في خضم وباء الفيروس التاجي ، حيث أن عمليات السلام تعزز دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف عالمي لإطلاق النار، وحماية المدنيين حيث يستمر العنف، ودعم عمليات السلام والانتخابات الجارية حيث أنها تتكيف مع القيود المتعلقة بالفيروس التاجي . ففي الخطوط الأمامية ، أثبتت الإناث من قوات حفظ السلام قدرتهن على أداء نفس الأدوار المدنية، والشرطية، والعسكرية، وبنفس المعايير وفي نفس الظروف الصعبة مثل نظرائهن من الذكور.
في قبرص ،التي تعاني من الانقسامات، تشرف الاسترالية شيريل بيرس، قائدة حفظ السلام الأممية على خط وقف اطلاق النار في الجزيرة القبرصية، حيث تعمل مع المكون العسكري للحفاظ على الوضع العسكري الراهن، ومنع التوترات العسكرية، وضمان الهدوء والسلام في المنطقة العازلة وحولها، والقيام بأنشطة إنسانية ومساندة مهمة المساعي الحسنة للأمين العام ، على الرغم من التحديات التي يطرحها كوفيد-19.
في جمهورية الكونغو الديمقراطية ،تم تفويض الرائد سامية رحمن من باكستان، التي لم يمنعها ابتعادها عن ابنها البالغ عامان من القيام بتخطيط العمليات لتحقيق الاستقرار في الجمهورية ، و الحفاظ على القانون والنظام وتوفير المساعدة التقنية، وحماية المواطنين والعاملين في المجالات الإنسانية، والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعرضين لخطر العنف الجسدي، ومساندة حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية في استقرارها، واعتماد إجراءات للتخفيف من انتشار الفيروس التاجي، وإجراءات الحجر الصحي.
كقادة شرطة، وضابطات لوجستيات، ومهندسات، تقف النساء العاملات في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الجبهة الأمامية في الكفاح ضد جائحة كوفيد-19، فمن الأعمال المنوطة بهن إلى جانب العاملين، مساعدة الحكومات والمجتمعات المحلية في الاستجابة للجوائح، ومن ثم تكييف أنشطتهم بما يكفل تنفيذ ولايتهم، بما في ذلك حماية المجتمعات الضعيفة، فضلا عن تنفيذ الولايات المنوطة بالبعثات في اطار القيود القائمة مع اخذ كل التدابير الاحترازية.
ورغم مساهمات حفظة السلام من النساء التي لا تقدر بثمن، فإن أعداد النساء المجندات تشهد ارتفاعا طفيفا مع نقص في التمثيل التساوي لهن. ففي عام 1993، مثلت النساء 1 % من إجمالي الأفراد النظاميين المنتشرين ، وفي عام 2019 ، 28% من قوات حفظ السلام في جميع أنحاء العالم، حيث تشكل النساء 4.7 % من الأفراد العسكريين ، و 10.8 % من أفراد الشرطة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام. بينما تشجع الأمم المتحدة وتدعو إلى نشر النساء في الوظائف النظامية ، فإن مسؤولية نشر النساء في الشرطة والجيش تقع على عاتق الدول الأعضاء. وقد أطلقت شعبة شرطة الأمم المتحدة “الجهد العالمي” لتجنيد المزيد من ضابطات الشرطة في خدمات الشرطة الوطنية وفي عمليات شرطة الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم. والهدف من ذلك الوصول في عام 2028 بالنساء العاملات في الوحدات العسكرية إلى 15% ، و 25% للمراقبين العسكريين وضباط الأركان.
ولتحقيق ذلك أطلقت بلدان جنوب العالم والدول المانحة مبادرات جديدة تهدف إلى تسريع التقدم في نشر المزيد من قوات حفظ السلام من النساء وتوسيع دورهن ومساهماتهن في عملياتها. واطلقت الحكومة الكندية مبادرة (إلسي) عام 2017، وفوضت مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن والديمقراطيات الناشئة في إرساء الحوكمة الرشيدة في القطاع الأمني في اطار من الديمقراطية واحترام سيادة القانون. وتقديم برامج الدعم الاستشارية والمساعدات العملية للدول التي تسعى لتعزيز الحوكمة الرشيدة في قطاعات الأمن. كما يعمل مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة مع الحكومات الوطنية والمحلية والبرلمانات والمجتمع المدني والمنظمات الدولية وقوات الأمن والدفاع .
بعد اختباره في ثمان دول ، من النرويج إلى أوروغواي إلى زامبيا ، سيطلق مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات منهجية جديدة في وقت لاحق. تشترك الحكومة الكندية مع حكومتي غانا وزامبيا لوضع نموذج خاص بكل بلد لزيادة مشاركة المرأة في عمليات السلام – ولإظهار التقدم الذي يتم عند الجمع بين الالتزام السياسي من قبل الشرطة والدول المساهمة بقواتها مع الدعم المالي والتقني من الجهات المانحة.
وبينت المبادرة أن على الحكومة الأمريكية ، التي تقوم بتدريب الجيوش وقوات الشرطة حول العالم ، اتخاذ خطوة إضافية لمساعدة لا يقل عن خمس دول مساهمة بالقوات وأفراد الشرطة على إجراء تقييمات لنقاط التفتيش وتحديد الأولويات لزيادة مشاركة المرأة في قطاع الأمن وانتشارها كقوات لحفظ السلام، وأن تستفيد هذه القوات من برامج التدريب التي تقودها الولايات المتحدة شرط أن يمثلن 30% من المشاركين في جميع أنحاء العالم.
ويمكن للبلدان المساهمة بقوات وأفراد شرطة أيضًا التقدم بطلب جديد إلى صندوق الأمم المتحدة – صندوق مبادرة إلسي للنساء النظاميات في عمليات حفظ السلام – لدعم المشاريع التي تعالج العوائق الداخلية التي تحول دون نشر حفظة السلام من الإناث أو للدفع المباشر بعد نشر وحدة تعتبر “وحدة قوة جنسانية” – أي الوحدات التي تتضمن “تمثيلًا كبيرًا للنساء بشكل عام وفي مناصب السلطة، وقدمت تدريبًا لجميع أعضاء الوحدة لتعزيز سياسة المساواة الجنسانية، عن طريق إدماج منظور جنساني، وتمتلك المعدات الكافية والمواد الأخرى لضمان المساواة في شروط انتشار حفظة السلام من النساء والرجال “. في الأشهر المقبلة، سيعلن الصندوق عن مِنَحه الأولى وسيرحب بالطلبات الجديدة. يجب أن يتقدم المزيد من البلدان المساهمة بأفراد شرطة وقوات للحصول على المساعدة ، وينبغي أن ينضم المزيد من المانحين إلى كندا وفنلندا وألمانيا والمملكة المتحدة في دعم الصندوق.
هذا وقد حذرت الأمم المتحدة الدول المتلكئة عن تحقيق تحقق هدف النشر البالغ 16 في المائة لضابطات الأركان والخبراء العسكريين ، بأنها ستعيد تخصيص الوظائف للبلدان القادرة على نشر المزيد من الضابطات المؤهلات. مع هذه التلويحات ذات المعنى ، توفر عمليات الانتشار ربحًا مالياً.
وسط وباء الفيروس التاجي ، حيث تواصل عمليات السلام دعم البلدان في انتقالها من الصراع إلى السلام الدائم ، ينبغي للشرطة والبلدان المساهمة بقوات أن تحيط علما بالفرص الجديدة لمساعدتها على الاستفادة من المساهمات غير المُستغلة لحفظة السلام من الإناث – وبالتالي جعل عمليات السلام أكثر فعالية.
خاص بـ”شبكة المرأة السورية”
المصدر:
https://thehill.com/opinion/international/500518-un-peacekeeping-recognizes-that-women-are-key-to-lasting-peace-amid?fbclid=IwAR0RG-7-0ErWc8z93CkLgmj3URIHMfhyBCWAr_IpGz015A2ZDd2J4bh5Dzc