لافتراء على اللاجئين السوريين في دول الجوار ولاسيما في القضايا الأخلاقية، بات أمراً مضحكاً، المضحك فيه هو سذاجة من يقوم به، من جهتي ومن خلال معرفتي بالكثير من اللاجئين أجزم أن هناك افتراء و كذب وتشويه سمعة..
ولكن لنفترض أن هناك وقائع تمت ذات طبيعة لا أخلاقية ضمن وسط سكاني تجاز عدده مئات الآلاف..، فإن الأمر لا يعدو كونه ضمن نسب طبيعية هي ذاتها النسب التي تحدث في أي مجتمع.. إلا إذا كان من يروج لهذه الإفتراءات يعتقد أن سوريا كانت قبل الثورة بلد مطهر أخلاقياً..
هل نحدثكم عن اوكار الدعارة في دمشق و التي كانت تحت حماية ضباط الامن؟
مرة كتبوا عن عدد من حالات الإيدز في الزعتري! و أثبتنا بشكل علمي أن المرضى هم مرضى من قبل الثورة، وان نسبتهم من حيث عدد السكان هي اقل من نسبتهم في سوريا وأقل من نسبتهم في الأردن..
ومرة كتبوا عن عدد المواليد في المخيم، هو 12 مولود يومياً (يحسدون اللاجئين على أطفالهم بدلاً من ان يباركوا بهم.. تباً لهكذا أخلاق) وبالقياس الطبيعي يظهر لدينا أن اللاجئين لا ينجبون بالنسبة الطبيعية التي ينجب بها السوريون في بلادهم..!
ويحدثوننا الآن عن زواج متعة بين سعوديين وسوريات..
هل نخبركم عما كان يحدث في سوريا قبل الثورة، حين أنفرط “الأمن” الاجتماعي تحت ضربات الفقر الشديد الذي هبط على سوريا في العقد الاول من الألفية الجديدة؟
استحوا أيها التفه..هذا شعب سيذكر التاريخ سيرتكم على أنكم كنتم تعيشون على هامش ثورته..!
“سبع حالات إيدز بين اللاجئين السوريين في الأردن”..! تصدر الخبر صفحات المواقع المؤيدة للنظام السوري، وضمن سياق الحرب الإعلامية، باتت المعلومة الخبرية، جزءاً من النسق الذي تحاول فيه هذه الصفحات إسباغ الصفات اللاأخلاقية على الثورة وعلى البيئات الحاضنة، وعلى اللاجئين.
لنراجع المعلومة منذ البداية كي نرى آليات التفكير لدى هؤلاء، فقد وزعت وكالة (يو بي أي) من عمان تصريحاً لوزير الصحة الأردني يعلن فيه: “اكتشاف 7 حالات إصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) بين اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضي المملكة.” وقال وريكات في التصريح الذي نشرته جريدة الحياة في يوم 4/3/2013 : “اكتشفنا 7 حالات إيدز بين اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضينا، و41 حالة سل، و39 حالة كبد وبائي، فضلاً عن عدد من الحالات المشتبهة بشلل الأطفال، إضافة إلى ما يزيد عن 75 لاجئاً مصاباً بالفشل الكلوي ويحتاج إلى غسيل كلى بشكل يومي، إضافة إلى وجود أكثر من 60 حالة إصابة بمرض التلاسيميا”.
إذاً الخبر وكما هو في أصله يحتوي على بيانات لأعداد المرضى بين اللاجئين، وليس مقتصراً على مرضى الإيدز، وكان من الممكن لمحرر الخبر أن يجعل من عدد حالات مرضى السل العنوان الرئيسي للخبر، كما كان يمكن أن يجعل أي رقم آخر عنواناً أيضاً، ولكنه وببساطة اختار عدد مرضى الإيدز (أقل رقم بين الأرقام، والأقل خطورة من حيث الوبائية والتأثير بالمحيط)..
وإذا قررنا أن نسأل محرر الخبر الأساسي ومن نقل عنه، لماذا قاموا بهذا الاختيار للمانشيت الخبري، فإننا بالتأكيد لن نحصل سوى على ملمح من ملامح الممارسات اللاأخلاقية التي يرتكبها الإعلام العربي، والإعلام المؤيد للطغمة الحاكمة في دمشق. ولتوضيح الأمر يجب علينا أن نعود إلى بعض التفاصيل الخاصة بأعداد مرضى الإيدز في سوريا وفي الأردن، لنرى مدى تأثير وجود سبع إصابات بالقياس مع عدد السكان في كلا البلدين، فبحسب مديرة الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة كناز شعبان شيخ وفي تصريح لها لجريدة الوطن السورية، مجموع المصابين المكتشفين في سورياً منذ عام 1987 وحتى نهاية آذار (2010) 774 مصاباً بينهم 451 سورياً 323 من غير السوريين. وفي الأردن فقد قال مصدر في وزارة الصحة بأن عدد المصابين بمرض الإيدز في الأردن بلغ من (أواسط التسعينات إلى عام 2012 ) 260 إصابة. فإذا ما تذكرنا بأن عدد اللاجئين السوريين إلى الأردن قد بلغ وبحسب الحكومة الأردنية 440 ألف لاجئ فإن عدد المصابين السبعة إنما يعكس النسبة الحقيقية لعدد المصابين بالمرض في سوريا، وكذلك يعكس نسبةً أقل من نسبتهم في المجتمع الأردني..!
إن وجود سبع إصابات بين اللاجئين هو أمر طبيعي، وليس أمراً ناشزاً أو مختلفاً عن السياق، فلماذا يتحول هؤلاء عنواناً إخبارياً صفيقاً لا أخلاقياً، يتداوله الجميع بعمد ودون عمد؟
لقد سبق للإعلام ومن خلال متابعة برامج الأمم المتحدة في التعاطي مع مرض الإيدز، أن نبه كثيراً إلى العمل على تعرية مفهوم الوصمة الأخلاقية التي يعاني منها مرضى الإيدز في المجتمعات التي تنتمي إلى العالم الثالث، فوجود الإصابة لا يعني أي قيمة أخلاقية تستحق أن يتوقف عندها الإنسان المعافى، كما جرى التنبيه كثيراً إلى ضرورة ألا تسهم وسائل الإعلام في تكريس هذه الوصمة، وذلك تحت طائلة المحاسبة القانونية، فلو تم نشر الخبر الذي نتحدث عنه في أي بلد من البلدان التي تنشط فيها منظمات حقوق الإنسان بشكل حقيقي، فإن صانع الخبر سيكون تحت طائلة المحاسبة القانونية..
وهنا في الحالة السورية يصبح الأمر ليس تجاوزاً لحقوق الإنسان المصاب بالمرض فقط، بل هو تجاوز للقيم الأخلاقية، والإنسانية، فالوصمة هنا تتجاوز المرضى لتصبح وصمة أخلاقية سياسية..! وبما يسخر الوضع الإنساني لبعض المرضى، في سياق معركة لا أخلاقية تشن على السوريين الذين غادروا بلدانهم بسبب همجية النظام السوري..! فإذا كنا قد غسلنا أيدينا من مؤيدي النظام الذين مازالوا مصرين على إبقاء أنفسهم عبيداً، فإننا نسأل أولئك الإعلاميين العرب الذين يرتكبون الحماقات المهنية الرديئة؛ ماذا دهاكم؟
عن الاورينت نيوز
علي سفر