Search
Close this search box.

“قتل الإناث” … جريمة منفصلة في المكسيك

“قتل الإناث” … جريمة منفصلة في المكسيك

ترجمة وإعداد: نوار سعيد

في المكسيك، حيث يتم قتل ما متوسطه عشر نساء كل يوم، يزداد القلق والغضب كثيراً جراء هذا المستوى من العنف، مما دفع بمئات الآلاف بالنزول إلى الشوارع بتاريخ 9 آذار الحالي كجزء من الاحتجاجات ضد ظاهرة “قتل الإناث” المنتشرة في دول أمريكا اللاتينية، بينما التزمت ملايين النساء منازلهن، في المكسيك والأرجنتين بعيداً عن المكاتب والمدارس والشركات؛ في تصعيد لاحتجاجات تاريخية ضد العنف الموجه ضد النساء.

“يوم بدوننا” هو شعار الإضراب الذي يهدف إلى إظهار شكل الحياة العامة إذا اختفت مشاركة النساء من المجتمع. ويأتي الاحتجاج في المكسيك نتيجة زيادة حادة في اختفاء النساء وجرائم القتل التي تستهدفهن، حيث تظهر الأرقام الرسمية أن المكسيك سجّلت 1006 جرائم قتل طالت نساء في العام 2019، وهي زيادة بلغت 137 في المئة منذ 2015، وتبقى أغلب تلك القضايا العنيفة دون حل. وقد دعم كبار السياسيين المكسيكيين من رئيس البلاد إلى أعضاء الكونغرس للإضراب الوطني غير المسبوق للنساء للاحتجاج على تصاعد العنف ضد المرأة.

ساحرات البحر

بعد وقت قصير من وفاة فاطمة البالغة من العمر سبع سنوات، والتي تصدرت عناوين الصحف الوطنية، دعت مجموعة مكونة من حوالي 15 امرأة في ولاية فيراكروز الساحلية أطلقت على نفسها اسم “بروخاس ديل مار” (ساحرات البحر) إلى إضراب عمالي في جميع أنحاء البلاد. وقد أطلقت تلك المجموعة هذه المبادرة النسوية من خلال شبكات التواصل الإجتماعي، تحت شعار “لا أحد يتحرك في التاسع من آذار”. وارتبطت “ساحرات البحر” بشبكة وطنية من المجموعات النسوية الأخرى التي دعمت دعوتها للعمل، وسرعان ما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدأت النساء في جميع أنحاء البلاد في الإعلان عن انضمامهن أيضاً إلى الإضراب.

ووفقاً لأحد التقديرات، هناك حوالي 22 مليون امرأة في القوى العاملة، إذا توقفت جميعاً عن العمل لمدة يوم واحد، فقد تشهد البلاد خسائر اقتصادية تصل إلى 26 مليار بيزو (مليار جنيه استرليني).

قتل الإناث

تشمل ظاهرة جرائم قتل الإناث في سيوداد خواريز المكسيكية، ويُطلق عليها “إبادة النساء الإسبانيات”، مقتل آلاف النساء والفتيات نتيجة العنف منذ عام 1993، حيث حظيت تلك الجرائم باهتمام دولي كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تقاعس الحكومة عن منع العنف ضد النساء والفتيات وتقديم الجناة إلى العدالة.

وتشترك الضحايا المستهدفة من النساء والفتيات بصفات مشتركة، حيث أن معظمهن  شابات ينتمين إلى خلفيات فقيرة، إما طالبات أو يعملن في المعابد، أو المصانع، أو في قطاعات أخرى تابعة للاقتصاد غير الرسمي. ويشترك العديد من الضحايا بصفات جسدية كثيرة، بما في ذلك البشرة الداكنة، والجسد النحيل، والشعر الأسود متوسط الطول. أما الجرائم فتشمل اغتصاب الضحايا وتعذيبهن وتشويههن. وتشير التقارير الإعلامية المتباينة والأرقام المختلفة إلى أن العدد يتراوح بين المئات والآلاف من جرائم القتل في منطقة سيوداد خواريز.

تزوير التحقيق

ويكمن التناقض في تطبيق العدالة في المكسيك في أن العديد من البلدان، تكون عقوبة قاتل الإناث  أشد من أنواع القتل الأخرى، حيث يصل الحد الأقصى لمقتل الإناث في نويفو ليون المكسيكية إلى 70 عاماً، أي 30 عاماً أكثر من جرائم القتل الأخرى. لكن بالمقابل يتم التزوير أثناء التحقيقات كي لا يتم تصنيف الجريمة على أنها “قتل الإناث”.

تحتفظ ليديا غيريرو بملف يوثق فشل الشرطة المكسيكية في التحقيق بمقتل ابنتها ديانا، التي اغتصبت وقتلت في عام 2017، وتستخدم كلمة “قتل الإناث” في الحديث عن عملية قتل ابنتها.

لم تعلم السيدة غيريرو بوفاة ابنتها لمدة أسبوع لأن الشرطة سجلتها كرجل (عن عمد، حسب اعتقادها)، فهم يرفضون تصنيف قتلها على أنه قتل نسائي، وهذا التغيير لن يحقق العدالة. تقول السيدة غيريرو، إنها ستصر على أن “ديانا قُتلت لمجرد كونها امرأة”.

لكن هناك الكثير من الانتقادات لقوانين قتل الإناث، حيث يجد بعض المحامين أنه من السخف أن يُحكم على الزوج الغيور الذي يقتل زوجته بعقوبة أكثر بعقود من الذي يقتل عشيقها الذكر. يقول بعض المحامين إن المحققين في قضايا قتل الإناث ليس لديهم تدريب أو موارد أكثر من غيرهم، ولا يحصلون على الكثير الإدانات. وقد طرح المدعي العام المكسيكي، أليخاندرو جيرتز مانيرو، مؤخراً فكرة إلغاء القانون الذي يعتبر قتل الإناث جريمة منفصلة، لأن ذلك يخلق عملاً إضافياً للمحققين المرهقين أصلاً بكثرة القضايا.

جريمة منفصلة

ورغم أن عمر مصطلح “قتل الإناث” قرون، لكنه اكتسب مؤخراً معنى معيناً: قتل الأنثى بسبب جنسها، مما أكسب قتل النساء في أمريكا اللاتينية معنى قانونياً أيضاً. منذ عام 2007، اعترفت 15 دولة بأن هذه الظاهرة تعتبر  نوع مميز من القتل. وتختلف نسبة جرائم قتل النساء المعترف بها من بلد لآخر، ففي المكسيك، وجدت دراسة نمطين شائعين في البيانات صُنفا على أنهما جرائم قتل نساء بعد علاقة حميمية وجرائم قتل جنسي ممنهج. يشير قتل النساء بعد علاقة حميمية إلى النساء اللواتي قُتلن على أيدي رجال كانوا على مقربة منهن أو علاقة بهن. وفقاً لهذه الدراسة، شكّل قتل النساء الحميمي 30,4% من جرائم قتل النساء والفتيات في خواريز (1993-2007). يشير القتل الجنسي الممنهج إلى أنماط منهجية في قتل النساء والأطفال، بما في ذلك الاختطاف والعنف الجنسي والتعذيب ورمي الضحية في مناطق بعيدة مثل المناطق الصحراوية، ومقالب القمامة، وقنوات الصرف الصحي، وغيرها.

تقول جيسيكا كاستيلو، وهي أم تبلغ من العمر 37 عاماً لفتاتين في المدينة الصناعية في مونتيري، إن حالات قتل النساء في المكسيك “كانت دائماً سيئة ولكني أرى أن الأمر يزداد سوءاً، لكن الحكومة تظهر اللامبالاة”. في الوقت الذي يمكن القول أن مدينة مونتيري هي الأكثر محافظة اجتماعياً في المكسيك.

انضمت كاستيلو، مثل آلاف النساء الأخريات في مونتيري، إلى مسيرة النساء في مدينتها لأول مرة على الإطلاق. وقد أعدت لهذا الأمر مع أصدقائها على مدى أسابيع، بحثاً عن قمصان أرجوانية لارتدائها ومناقشة ما إذا كان عليهن إحضار بناتهن إلى الاحتجاج.

تقول مارثا سيسيليا رييس، رئيسة معهد النساء في نويفو ليون، وهي ولاية في شمال المكسيك، إن مفهوم قتل الإناث يرفع من الوعي العام بالعنف ضد المرأة، وتساعد في تقديم الجناة إلى العدالة.

خاص بـ”شبكة المرأة السورية”

المصدر

https://www.economist.com/the-americas/2020/03/05/why-latin-america-treats-femicides-differently-from-other-murders

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »