نسرين شلغين
عانى الشعب السوري طوال أربعين عاماً من حكم الدكتاتورية، من غياب منظمات المجتمع المدني فهي إما مرتهنة بشكل كامل للنظام الدكتاتوري (الاتحاد النسائي الملحق بحزب البعث، النقابات المهنية) أو تلك التي حاولت جاهدة التحرك ضمن الهامش البسيط للحرية الذي تتيحه قوانين النظام الدكتاتوري (بعض منظمات المرأة المستقلة أو التابعة لأحزاب أخرى معترف بها التي حاولت جاهدة الدفاع عن حقوق المرأة في القوانين الناظمة ونجحت في بعض الأحيان).
تشكلت “شبكة المرأة السورية” كأحد تعبيرات المجتمع المدني السوري استجابة لحاجة هذا المجتمع بعد انطلاقة الثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة، فقد أدرك الشعب السوري ضرورة إيجاد تعبيراته السياسية والمدنية التي يمكن أن تعبر عن مطالبه وحقوقه، خصوصا بعد الأثمان الكبيرة التي دفعها هذا الشعب من ويلات التشرد والدمار البنيوي والفقر والحصار والجوع، إلى حالات الخطف المتبادل والقتل على الهوية وتسرّب الأطفال من المدارس والنزوح واللجوء.
وقد تشكلت الشبكة من مجموعة من المستقلات اضافة الى التنظيمات النسائية العاملة على الأرض التي ظهرت بعد الثورة وتهتم بأمر المرأة السورية داخل وخارج سوريا، وذلك بهدف تنسيق العمل والارتقاء به ليكون على كامل الأرض السورية وليعبر عن المرأة السورية أينما وجدت، خصوصا المرأة الأكثر تضررا التي تمت معاقبتها مع أطفالها كونها البيئة الحاضنة للحراك مما أدى إلى تشردها ونزوحها واضطرارها إلى القيام بكل مستلزمات أسرتها في ظل غياب الزوج أو الابن الذي أصبح سجينا أو قتيلا أو في تشكيلات مسلحة متقاتلة.
تأخذ “شبكة المرأة السورية” الآن على عاتقها الاهتمام بهذه المرأة التي تدفع أغلى ألاثمان، وتعمل على أن تكون صوتها المسموع إلى العالم. كما تحاول أن تخفف عنها عبء الوضع المتفجر الذي وصلت إليه البلاد وتسعى معها للوصول إلى سوريا الجديدة، دولة المواطنة، الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها جميع مواطنيها بغض النظر عن الجنس والدين والمذهب والقومية.
تسعى “شبكة المرأة السورية” لتكريس وجود النساء في كل التعبيرات السياسية والمدنية التي ظهرت وستظهر في هذه المرحلة المهمة في تاريخ شعبنا، وترى انه لا يمكن الوصول إلى سوريا الديمقراطية بدون دور فعال للمرأة بأن تكون حاضرة في تشكيلات إعداد دستور الدولة القادمة للحفاظ على حقوق المرأة عموما وبينها المساواة على اساس المواطنة. وفي النهاية ستسعى “شبكة المرأة السورية” للحصول على “كوتا” نسائية تضمن حضور المرأة في كل التعبيرات الفاعلة مستقبلا.
الصورة بعدسة: حسن عياش