[vc_row][vc_column][vc_message message_box_style=”3d” message_box_color=”alert-warning” icon_fontawesome=”fa fa-exclamation-triangle”]
(المقال يعبّر عن رأي الكاتبة)
[/vc_message][/vc_column][/vc_row][vc_row][vc_column][vc_column_text]
ماجدة الهلالي
خاص شبكة المرأة السورية
في تسعينيات القرن الماضي، أدى تحلي أحلام بالحاج بالشجاعة لتعرضها يومياً للمتاعب على أيدي ضباط الشرطة، والذين كانوا يتجولون خارج ملجأ النساء وسط تونس. حدث ذلك إبان دكتاتورية زين العابدين بن علي، والذي حكم مدة 23 عامًا، وكان المبنى المتهالك آنذاك، ملاذاً نادرًا لحماية النساء اللائي يتعرضن للضرب – والذي جمع وقتها بالحاج البالغة من العمر 19 ربيعاً مع زملائها الناشطين للنضال من أجل سن قانون العنف ضد النساء.
واستغرقت تلك المعركة عقودًا، إلى أن حلَّ يوم 26 يوليو/ تموز 2017، حينما ذرفت بالحاج الدموع أثناء متابعتها للمشهد من شرفة الجمهور للبرلمان التونسي أثناء إصدار المشرعين لقانون يهدف للقضاء على العنف ضد المرأة. وللقانون أبعاد عديدة. فمن بين العديد من أحكامه، حظر الإيذاء البدني والاقتصادي والنفسي ضد المرأة، والمضايقات الخارجة على القانون في الأماكن العامة. كما ألغيت ثغرة سمحت للمغتصبين بتجنب السجن عن طريق الزواج من ضحاياهم.
انتصار كبير
وفي بلد تعرضت فيه 53 بالمائة من النساء للعنف من نوع ما – وهو بالمناسبة أعلى بكثير من المعدل العالمي والمقدر بـ 35 بالمائة – كان القانون الذي أقره البرلمان التونسي، بمثابة انتصار كبير للناشطين.. وفي هذا السياق، تقول آمنة غلالي، باحثة في تونس والجزائر بمنظمة هيومن رايتس ووتش “أعتقد أنه أفضل قانون في المنطقة، وربما يكون من أفضل القوانين في العالم”.
ولكن بعد مضي عام على صدوره، وبالرغم من أنه كانت للقانون بعض الآثار الإيجابية، فإن الإخفاقات الخطيرة أثناء التنفيذ تعني أنه لا يحقق التحسن الجذري الذي وعد به.
درب طويل على طريق العدالة
يقف الناشطون في الجمعية التونسية لحقوق المرأة (ATFD) على خط المواجهة. وقد أنشأت هذه الجمعية، منذ أيامها الأولى، أول ملجأ للنساء إبان الحكم الديكتاتوري. لوا تزال بالحاج، والبالغة من العمر 53 عامًا، عضوًا نشطًا في الجمعية، حيث تعمل على الموازنة بين وقتها هناك مع عملها كطبيبة نفسانية. وفيما تحتسي القهوة في مقهى بوسط تونس، تتذكر الأيام الأولى من النضال من أجل حقوق المرأة. “كنت صغيرة، عاطفية وأسعى لتحقيق العدالة”. وأردفت قائلة: “حقوق المرأة كانت جزءًا أساسيًا من الكفاح لأجل العدالة عمومًا”. وتمتاز بالحاج بروح الدعابة والطيبة والهدوء. لكن بالنظر إلى كيفية اختيارها لحياتها العملية، يتضح بأن هذا الهدوء ينضوي على قوة هائلة.
لقد غذّى عمل بالحاج اليومي نشاطها. فقد تأهلت كطبيبة نفسانية للأطفال في عام 1995، وعلى مر السنين التقت بعدد كبير من الفتيات الصغيرات والمراهقات اللائي أجبرن على الزواج من مغتصبيهم. ولمدة طويلة، سمح القانون لمغتصب فتاة أو امرأة يقل عمرها عن 20 عامًا، تجنب عقوبة السجن إذا تزوجها. وكان له حق تطليقها بعد عامين إن أراد ذلك. تقول بالحاج: “مورس دوماً ضغط من قبل الجاني وأسرته وعائلتها كذلك، لأنه كان ينظر إلى الزواج على أنه صفقة لغسل العار”.
عندما يبدأ الزواج بالاغتصاب، نادراً ما ينتهي معه بالعنف. تنظر بالحاج إلى قهوتها وتسرد بعض الحالات التي تعاملت معها. “أتذكر فتاة أجبرت على الزواج من مغتصبها وهي في الثانية عشرة من عمرها. عملتُ معها حتى بلغت العشرين. كان العنف الذي مرت به على مدى تلك السنوات الثماني مروعًا.”
عمل شاق
من جهة أخرى، بدأت الناشطات التونسيات في مجال حقوق المرأة يجنين ثمرة عملهن الشاق. يُطلب من الشرطة في تونس إحالة النساء اللائي يبلغن عن الاعتداء إلى المشفى للفحص من قبل طبيب شرعي. وقد أفاد هؤلاء الأطباء أنهم شاهدوا زيادة يومية في عدد النساء. تقول عبير عيساوي، وهي تعمل في مستشفى بمدينة المهيدة الساحلية، إنها تقابل ما يصل إلى ستة مرضى في الأسبوع، بمعدل زيادة يقدر بحالتين. وهي لا تعزو ذلك إلى زيادة العنف، بل لحقيقة شعور النساء بقدر أكبر من القوة للتقدم بالشكوى مع رد فعل الشرطة، والذي أصبح أكثر تفهماً.
وفيما مضى، شكلت الشرطة في تونس جزءًا كبيرًا من مشكلة مكافحة العنف ضد المرأة. يقول أخصائيو الحالات إنه كان من المعتاد أن تقنع الشرطة الضحية بإسقاط الشكوى، أو أن تقترح في حالات العنف المنزلي، تصنيف الشكوى على أنها مسألة شخصية بين المرأة وزوجها. ولكن بموجب التشريع الجديد، يمكن سجن شرطي إذا امتنع عن تسجيل الشكوى.
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]