(المقال يعبّر عن رأي الكاتبة)
[/vc_message][/vc_column][/vc_row][vc_row][vc_column][vc_column_text]سلوى زكزك – دمشق
خاص شبكة المرأة السورية
(ألّا يكون لدينا نساء على طاولة التفاوض معناه تسوية غير عادلة ومجتمعا ليس للنساء دور مهم في تشكيله)
(ماري أبوت عضوة اللجنة التنفيذية للائتلاف النسائي في ايرلندا الشمالية)
يعتبر وجود النساء على طاولة المفاوضات خاصة في فترة ما بعد النزاعات فرصة لتصحيح الخطأ التاريخي بإقصاء النساء عن المشاركة في المطالبة بحقوقهن وفي تبوأ موقع متقدم للمساهمة حتى في صياغة الدساتير الجديدة.
(هناك واجب أخلاقي لضمان أن يمثل الدستور المرأة وأن تساهم بصياغته باعتبارها عضواً متساوياً في المجتمع السياسي الذي تشكل جزءا منه).
تبدو أهمية القول السابق في التأكيد على العضوية السياسية للنساء، في مجتمع أبعدت وتخلت فيه النساء عن السياسة لأسباب متعددة تبدأ من الصورة النمطية للمرأة حتى ما قبل ولادتها وصولاً إلى استخدامها بنسبة تزيينيه فقط، أي للقول ها قد أشركنا النساء في كل مواقع المجتمع وصولاً إلى مراكز صنع القرار!!!
وإن كان الإقصاء تاريخياً ويقدّم على أنه طبيعي نتيجة لعزوف المرأة نفسها عن لعب أي دور سياسي ليقترن بنظرة تثمينية للنساء المنصرفات كليّاً لممارسة الدور الرعائي فقط ممنوحات علامات تقدير وثناء عظيمين، فإن إصرار المرأة على ممارسة دورها الفعلي سيعرضها قطعاً لمزيد من محاولات الترهيب والإقصاء وفي أحسن الأحوال للسخرية، لذلك يبدو دعم وجودهن في لجان التفاوض واجبا وليس منّة أو معروفاً.
لابدّ أننا وبالمشاهدة المباشرة رأينا كيف يتعامل الجمهور مع صور النساء المرشحات لمجلس الشعب وكيف يضع البعض الشوارب على شفاه المرشحات أو كيف يشطب الكحل عن صورتها أو كتابة عبارة عفواً لقد ماتت، لابل إن أحدهم قد غير اسم إحدى المرشحات ليصبح اسماً لرجل مشتقاً من اسمها.
إن التغييب الطويل للنساء عن دوائر الفعل وتغييب حقوقها حتى بما تجنيه من قوة عملها وحرمانها المزمن من حقوق لا تستحقها فحسب بل تؤطر وجودها وفاعليتها وتحقق لها المشاركة الفعلية في رسم مصيرها، قد أسس لمسار طويل من التغييب ومن نقصان الفعالية ومن اعتبار أن وجودها في أمكان متقدمة (كاللجنة الدستورية) دون أية قيمة تذكر، ويذهب البعض ليعتبر مشاركة النساء هدرا للوقت وإعاقة للمسار التفاوضي برمته.
لقد أمنّت مشاركة نساء جنوب أفريقيا في صياغة دستور جديد فرصة مهمة للنساء لنشر مفهوم الجندر عملياً باعتباره معياراً سياسياً وأخلاقياً.
وإن بعض الأرقام الواردة من العالم قد تساعد في رسم صورة أوضح لما تعانيه النساء من تمييز وتغييب:
- 18% من الوزراء هم من النساء وهناك ميل إلى تسليمهن حقائب القضايا الاجتماعية فقط
- في 50% من البلدان يفوق الرجال النساء عدداً في مناصب القضاة
- 19% من المحاكم العليا ترأسها النساء.
نعم، يبدو الحديث عن السوريات الآن واجباً بعد أن انكشف الغطاء عن غياب وتغييب عميق وطويل عن المشاركة بالشأن العام وعن المشاركة في كل المراكز بما فيها مراكز صنع القرار، وإن بانت الهشاشة الواضحة في البنية المعرفية نتيجة الحرمان المتأصل في مدّ النساء ودعمهن وإشراكهن في مناحي حيواتهن وفي مصير المجتمع الذي يشكلن نصفه تماماً، وإن بتن يشكلن نسبة تفوق النصف واكتشفن فجأة أنهن قادرات على الإعالة وعلى العمل وعلى صياغة خطاب مطالب تلامسهن وتعبر عنهن، فإنه ليس المطلوب من النساء أبداً تكوين تجمعات تخصهن وحدهن بل اكتشفن عمق الحاجة لانخراطهن في مسار عام لتغيير واقعهن ورفع كل الظلم الواقع عليهن ،ليس لصياغة مجتمع نسوي خالص بل لصياغة مجتمع متماسك لرجاله ونسائه وخطاب الحقوق هو الخطاب الأكثر إلحاحا في مواجهة خطاب الصراع والنزاع .
قد يسبب اختلاف الرأي السياسي مواقف متباينة حيال بعضنا، لكن هل يمكن للنسوية أن تكون عاملا إيجابيا في ردم الهوة ما بين أصحاب وصاحبات الرأي المختلف؟ هل يمكن للنسوية أن تكون إطارا عاما جامعا؟
هل تبدو من السذاجة بمكان بأن أرحب بوصول أكبر عدد ممكن من النساء إلى طاولة المفاوضات؟ وأزيد، أنا أحتفل بهذه الفرصة !! وربما سيسخر البعض منها ومني وربما سيقول آخرون وأخريات بأن من وصلت من النساء لم تصل بفعل الكفاءة! وأتساءل هنا وبجدية مرة، وأين تختبر الكفاءة إذا لم تمنح النساء فرصة التواجد أصلاً؟ وهل كل الرجال الواصلين مع تقديري الشخصي لهم على درجة عالية من الكفاءة؟ وسؤال الكفاءة هنا ليس محصلة للموقع الحزبي أو السياسي ولا للدرجة العلمية أو الموقع الوظيفي، ولكنها وبشكل أساسي مدى المقدرة على التوافق على دستور يضمن المساواة الجندرية للنساء والرجال معاً.
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]