حوار : Rula Asad
تصوير : Hasan Ayash
عامين من الاحتجاجات المطالبة بالحرية والديمقراطية تراجعت الأصوات النسائية عن المشهد العام في سوريا. في حوار مع DW تتحدث ريما فليحان عن تجربتها السياسية ودور المرأة في الثورة السورية وفي رسم معالم مستقبل هذا البلد.
ريما فليحان حتى آذار 2011 عملت ككاتبة سيناريو وناشطة في العمل الاجتماعي، والآن أنت عضو في الائتلاف الوطني ولجان التنسيق المحلية وسابقاً في المجلس الوطني السوري، كيف دخلتي المجال السياسي؟
ريما فليحان: وجدت نفسي أخوض في هذا المجال لعدة أسباب، أولها عملي السابق كناشطة اجتماعية وكاتبة سيناريو، وثانياً نشاطي ضمن التنسيقيات المحلية والحراك الثوري منذ انطلاق الثورة السورية، بعدها دخلت المجلس الوطني بناءً على ترشيحي عن إحدى الكتل الثورية، حينها لم أرفض الانخراط في العمل السياسي لأنه لابد من وجود ممثلين عن حاملي الفكر العلماني والمؤمنين بالعمل الاجتماعي والمجتمع المدني والقضايا المتعلقة بالوسط الثقافي وحقوق المرأة في كافة الكتل السياسية. لا أنكر وجود ممثلين عن تلك الأوساط ضمن الكتل السياسية، إلا أنهم كانوا مقيمون خارج سوريا، لذلك كان لابد من تمثيل لمن هم داخل البلد.
هل تعقدين أنك أخذت فرصة التواجد في هذا المستوى السياسي كونك شخصية معروفة؟
وجه لك انتقاد في وقت سابق عقب ظهورك على محطة تلفزيونية بصفة ناشطة درزية، هل كان ذلك بناء على طلبك؟
لم يكن ذلك بناء على طلبي ولكنني ضد النقد الذي أثير حول الموضوع وذلك لسبب بسيط هو ظهور جو طائفي خلال الثورة اتهم الأقليات بعدم مشاركتهم في الحراك الثوري، لذلك كان لابد من التأكيد على وجودي كناشطة من الأقليات نشطت منذ بداية الثورة وحتى قبلها في دمشق أكثر من نشاطها في السويداء “مدينتي”. ويوجد الكثير من الناشطين من أقليات متعددة في الثورة منذ اندلاعها لكنهم غير معروفين للناس لكونهم غير مشهورين، لذلك لم أمتعض كثيرين من تعريفي بالناشطة الدرزية على المحطة التلفزيونية آنذاك حتى يعرف الناس أن هناك من الأقليات من هم منخرطين بالثورة وأن التعميم القائم بأن كل الأقليات موالية للنظام خاطئ. فاللغة الدينية الطائفية التي ظهرت خلال الثورة هي من دفعت بالناشطين من أقليات دينية للمجاهرة بهويتهم بهدف تخفيف الاحتقان ضد الأقليات.
ما هو الدور الذي تقومين به كونك امرأة وناشطة في مجال حقوق المرأة في الكتل السياسية التي تواجدتي بها؟
يمكنني أن أجيب على هذا السؤال بمثال عملي إذ كُنت في اللجنة التحضيرية لمؤتمر القاهرة، وقد كنت المرأة الوحيدة في تلك اللجنة ورئيستها، وعملنا على وضع وثيقة العهد الوطني والوثائق المتعلقة برسم ملامح المرحلة الانتقالية وكل ما ورد بتلك الوثائق من تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، وعدم التميز وحقوق المرأة وكنت من اقتراحتها. وهنا أشير بمثالي هذا إلى ضرورة تواجد نساء يحملن إرثا من العمل النسوي في الكتل السياسية. اليوم في الإتلاف الوطني ندرك بأن تمثيل المرأة جد ضئيل ولكن هذا يتطلب اقتحام للمجال السياسي من نساء آخريات.
وكيف يمكن ذلك برأيك؟
أن تنشط وتظهر النساء اللواتي يحملن فكر معين وأن لا يعملن بصمت، وأن ندعم بعضننا البعض وأن نكون متواجدات بقوة لإنجاح المشروع الذي نحمله وليس لتحقيق نجاحات فردية.
يصف البعض أن الحركة النسوية السورية بأنها ضعيفة ومشتتة، برأيك ما هو المطلوب لتقوية هذه الحركة وجعلها أكثر فاعلية؟
من خلال تأسيس حزب سياسي كبير ومنظم لا يضم النساء فقط وإنما أيضاً الرجال المؤمنين بالفكر الديمقراطي، لذلك حين نتحدث عن حزب ديمقراطي فإنه يتضمن حكماً حقوق المرأة والمواطنة، لذا لابد من تنظيم أنفسنا كناشطات بمجال حقوق المرأة والحركات النسوية بالإضافة للجمعيات والمنظمات النسائية والشخصيات السياسية النسائية في إطار سياسي لنكون متواجدين في المرحلة الانتقالية وفي الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور وإلا سيفوتنا الوقت وسنضيع الفرصة. في الحقيقة إن أصواتنا ضعيفة مقارنة بالأصوات الأخرى التي لا تعنيها أجندة العمل النسوي وحقوق المرأة، والفرق بيننا كطرفين في هذا السياق أن الذين يحملون أجندة مختلفة عنا يعملون بشكل صحيح لديهم أحزابها السياسية وتواجدهم قوي داخل الكتل السياسية الأخرى بالإضافة للقاعدة الشعبية التي يعتمدون عليها، وبالتالي صوتهم أقوى وأعلى مقارنة بنا نحن العلمانيون والمؤمنون بالديمقراطية والمجتمع المدني. في البداية كانت هنا فرصة لنا ليكون صوتنا أعلى في الشارع إلا أن جزء كبير من العلمانيين والمثقفين منذ بداية الثورة انكفؤا وأخذوا جانب التنظير على ما يحدث علاوة على خوفهم من الاندماج مع الناس.
هل أنت مع مبدأ التميز الإيجابي للنساء في القوانين وغيرها؟ ولماذا؟
من حيث المبدأ أنا مع المساواة المطلقة دون التميز لجنس على حساب آخر ولكن في هذه المرحلة التي نحن مقبلون عليها في سوريا نحن بحاجة لتميز إيجابي وخاصة الكوتة (تحديد نسبة معينة لتمثيل النساء) وعدا ذلك لن يكون وجود للنساء في المرحلة الانتقالية وفي سوريا الجديدة، الآن نحن في وضع خروج من حرب، فوضى، تشجنج طائفي والبلد بشكل عام يمر بمرحلة تشهد توترا لذلك لابد من فرض الكوتة كمرحلة أولى، وحين تنضج الحياة السياسية في البلاد لابد من الحديث عن المساواة بين الجنسين أمام القانون، ولكني لا أنكر ضرورة استمرار وجود تميز ايجابي للنساء في بعض القضايا كالأمومة وما يتعلق بها لأنها في مصلحة الطفل أيضاً وليس مصلحة المرأة فقط.
ما هي التغيرات التي طرأت على دور ومشاركة المرأة في الاحتجاجات خلال العامين المنصرمين؟
إن تصعيد النظام للعنف في مواجهة المدنيين دفع الناس لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وهذا أدى إلى تراجع تغطية الحراك النسائي المدني والإغاثي عبر الإعلام، إلا أن المرأة ما زالت حاضرة وبقوة على أرض الواقع، إلا أن مشاركتها السياسية لازالت ضعيفة حتى اللحظة، وهناك نساء يشاركن في العمل المسلح أيضاً. فهناك على سبيل المثال سيدة تقود كتيبة في حرستا وتدعى أم الثوار.
وما هي الأدوار التي يمكن للمرأة أن تلعبها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سوريا؟
يمكن للمرأة أن تساهم في لجان السلم الأهلي وفي الدعم النفسي وإعادة ترتيب أوراق المجتمع وأن يكون لها دور مهم وفعال ضمن آليات العدالة الانتقالية، والأهم هو العمل الحقيقي المطلوب على الأرض بعد إسقاط النظام مباشرة في إعادة البناء وفي كل المجالات تماماً كالرجل.
ريما فليحان ممثلة المجلس المحلي للسويداء بالائتلاف الوطني وممثلة الائتلاف للإغاثة واللاجئين بالأردن وهي أيضاً عضو في لجان التنسيق وناطقة باسمها.
نقلاً عن : DW عربية