القاهرة – قمر عبد الحكيم
أعلنت ريم مهنا البالغة من العمر 38 عامًا، خلال مقطع فيديو عبر “فيس بوك”، في منتصف شهر أغسطس/ آب الماضي، أنها جمدت بويضاتها لمدة عامين، ما أثار ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
صرحت “ريم” خلال الفيديو: «لقد فعلت شيئاً قبل عامين وأبقيته سراً، ولكنني قررت الآن الكشف عنه، لقد قمت بتجميد بويضاتي. نعم لقد قمت بتجميد بويضاتي لأنني مازلت عزباء». موضحة أن تجميد البويضات يزيد من فرصتها في الإنجاب، ما تسبب في جدل واسع حول قضية تعتبر من المحرمات في المجتمع المصري.
تقول مهنا: «عندما أخبرت الطبيب أنني أريد الخضوع لهذه العملية الجراحية، دُهش وقال لي إنها المرة الأولى التي يسمع فيها هذا الطلب من امرأة مصرية». مُضيفة أن فكرة تجميد بويضاتها جاءتها منذ أكثر من 15 عامًا، كان ذلك بعد قراءة مقال في مجلة طبية بريطانية حول الحفاظ على الخصوبة.
أحدث المسلسل التلفزيوني «سابع جار»، منذ بثه عبر قناة «CBC» المصرية في العام الماضي؛ ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تعرضه لموضوع تجميد البويضات. حيث تأمل “هالة” إحدى الشخصيات الرئيسية في المسلسل، الحفاظ على بويضاتها لحين استخدامها عندما تكون في وضع أفضل لإنجاب الأطفال.
وبالرغم من رد الفعل العنيف الذي تلقاه «سابع جار»، إلا أن ريم مهنا قررت أن تعلن عن قرارها في أيلول/سبتمبر الماضي خلال حلقة من برنامج «الحكاية» مع عمرو أديب، عبر قناة «إم بي سي».
وصرحت “ريم” لعمرو أديب: “كنت في العشرين من عمري، وفكرت حينها أنني إذا بلغت الثلاثين من عمري ولازالت عزباء، فسوف أقوم بتجميد بويضاتي، وحتى الآن لم أجد شريك زواج مناسب، ولذلك، عند بلوغي الخامسة والثلاثين، قررت أنه الوقت المناسب لإجراء هذه العملية”.
أكدت “ريم” أنها قاومت بشدة الضغط عليها بشأن الزواج من أجل إنجاب أطفال، قائلة: «لقد فَعلت الكثير من الفتيات ذلك، وانتهى بهن الأمر إلى كونهن غير راضيات في زيجاتهن، فهناك الكثير جداً من الزيجات تنتهي بالطلاق». مضيفة: «سأتخذ قرار الزواج فقط عندما أجد الرجل المناسب الذي يمكنني أن أقضي معه بقية حياتي».
لا تتمتع العديد من النساء المصريات بامتياز اختيار موعد الزواج أو حتى اختيار شريك الزواج. خاصة في مجتمع تُربى فيه الأنثى لتصبح زوجة وأمًا فقط. خصوصًا في المجتمعات الريفية المهمشة، حيث تتعرض الفتاة للضغط من قبل أسرتها للزواج المُبكر، خوفًا من العار الاجتماعي الذي تلاقيه العزباء، ولذلك فإن العديد من النساء يتزوجن للهروب من ضغط عائلاتهن ومن الجيران المتطفلين، في حين أن الأخريات يتزوجن فقط تجنبًا لسماع عبارة “قد فاتها القطار”.
رسالة ثورية
في حين أن رسالة ريم مهنا ثورية بالفعل، فإنه يتعين على المرء أن يتساءل عما إذا كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى إحداث تغيير في مثل هذا المجتمع الأبوي الذي غالباً ما يقاوم التغيير ويرتعد من الأفكار الجديدة. مع العلم أيضا أن كلفة عمليات التلقيح الصناعي باهظة وتصل إلى (30,000) جنيه مصري تقريبًا، ما يجعل العملية تفوق متوسط المصريين العاديين.
قوبل إعلان ريم مهنا بردود فعل متباينة من قبل المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي. ووصف البعض قرارها بأنه “شجاع” و “ملهم”. بينما انتقده آخرون باعتباره ضد القيم الإسلامية، يقول أحدهم: «لقد دافع النبي محمد عن الزواج المبكر من أجل الاستقرار والدفء والمودة».
وكان “خلط الأنساب” و”فقدان العذرية” من بين المخاوف التي ذكرها معارضو تجميد البويضات. لكن الدكتور شريف باشا سيف مؤسس عيادة الإخصاب في المختبر في المهندسين، والذي درس أمراض النساء والتوليد في الكلية الملكية في المملكة المتحدة، رفض هذه المخاوف باعتبارها لا أساس لها من الصحة.
وفي مكالمة هاتفية له قال الدكتور شريف بأن المرأة لا تفقد عذريتها أثناء عملية تجميد بويضاتها في حالة النساء غير المتزوجات. مؤكدًا: «إننا لا نستخرج البويضات عن طريق المهبل، لكي نحافظ على غشاء البكارة سليمًا، ويتم ذلك عبر شق صغير في أحد جانبي البطن».
وأضاف: «في مصر كما هو الحال في بعض الدول العربية الأخرى، يحظر القانون التبرع بالبويضات والحيوانات المنوية والولادة البديلة (تأجير الرحم)، ولذلك فإنه لا خوف على الإطلاق من حدوث أي خلط بين الأنساب».
وأوضح الدكتور شريف أنه «أصبح من الشائع جدًا بالنسبة للشابات في أوائل الثلاثينيات من العمر تجميد بويضاتهن، ويحدث ذلك لأسباب اجتماعية مثل تأخر الزواج، أو لأسباب طبية مثل حالات الإصابة بمرض السرطان، فتقوم الشابات في بعض الأحيان بتجميد بويضاتهن قبل العلاج الكيميائي لضمان بقائها سليمة من الناحية الصحية».
وأضاف الدكتور شريف: “من الطبيعي للمرأة أن ترغب في إنجاب الأطفال، وإن التلقيح الصناعي خيار يسمح للنساء اللائي تقدمن في العمر بأن يصبحن أمهات بالرغم من انخفاض خصوبتهن.”
ووصف ما فعلته ريم بأنه خطوة “رائدة” و “جريئة” آملاً في أن تمكّن وتشجع النساء الأخريات على اتباع خطواتها.
رأي الدين
وقال الدكتور سعد الدين هلالي أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، في مكالمة هاتفية لبرنامج الحكاية على قناة إم بي سي: “في حين أن التلقيح الصناعي مسموح به في الإسلام طالما أن الحيوانات المنوية تأتي من الزوج والبويضة من الزوجة، فهناك تفسير صارم يحظر تجميد البويضات والحيوانات المنوية إذا ما تم ذلك قبل الزواج، مما يجعل العملية محرمة أو ممنوعة دينياً”.
خاص “شبكة المرأة السورية”
المصدر: