مي عادل
أصبح مخيم الاعتقال “الهول” الذي يضم الآلاف من عائلات تنظيم داعش في سوريا غير مستقر بعد محاولة النساء المواليات للجماعة مواصلة حكم الإرهاب بعد سقوط “الخلافة”. ففي الشهر الماضي ذُكر أن صبيًا صغيرًا في مخيم الهول الواقع في شمال شرق البلاد تعرض للطعن حتى الموت على يد مجموعة من النساء من أعضاء داعش، كما اندلعت أعمال شغب قام حراس المعسكر بإطلاق النار عليها في نهاية المطاف.
ويعتقد أن مجموعة صغيرة من المتعاطفين المتشدديين مع داعش في ملحق للمخيم مخصصة للسجناء الأجانب وراء العنف. وبحسب ما ذُكر، أقاموا محكمة خاصة بهم “الحسبة” وشرطة دينية قاموا بتنفيذ العقوبات. وقد حذرت سلطات المخيم من أنها قد لا تكون قادرة على السيطرة على ما يقرب من (70) ألف نسمة، معظمهم تم احتجازهم أثناء فرارهم من فلول خلافة داعش في وقت سابق من هذا العام. قال مصطفى بالي، المتحدث باسم القوات الديمقراطية السورية، التي تسيطر على المخيم: “هذه مدينة داعش، حيث يعيش (70) ألف شخص لا يمكن السيطرة عليهم، فما لدينا من حراس يكفي فقط للحماية من أي هجوم خارجي”.
الفرار من الخلافة
يكمل بالي: “الوضع خطير ويصبح أسوأ. قلنا مرارًا وتكرارًا أن مخيم الهول هو قنبلة موقوتة وأكاديمية لداعش، كما تم تهريب الأسلحة إلى المخيم. العالم يشاهد ما يحدث لكنه لا يفعل شيئًا”. ويأتي اندلاع العنف في الوقت الذي تدعو فيه مجموعة من أعضاء البرلمان البريطاني الحكومة إلى تحمل مسؤولية أكبر عن المشتبه بهم في قضية داعش في المملكة المتحدة. وقال وفد متعدد الأحزاب من مجلس البرلمان، الذي زار المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا الشهر الماضي، في بيان إن احتجاز عشرات الآلاف من السجناء “يتجاوز قدرة” السلطات المحلية.
وكان من بين الممثلين لويد روسيل مويل، عضو البرلمان السابق في لجنة الشؤون الخارجية كريسبين بلانت، وآدم هولواي النائب واللورد موريس غلاسمان. وقالوا في بيان مشترك عقب زيارة استغرقت أربعة أيام “التحدي كبير ودائم”. “الفشل في إعطاء الأولوية لهذا سيكون إهمالاً أمنياً دولياً من الدرجة الأولى”.
لم يتضح بالضبط ما الذي أثار العنف في مخيم الهول مؤخراً. صرح مسؤول كردي لوكالة فرانس برس إن نساء داعش قتلن امرأة بعد الحكم عليها بالإعدام في “محكمة”. ثم اندلعت معركة بالأسلحة النارية عندما حاول الحراس التدخل مما أدى إلى مقتل امرأة أخرى. وفي حادث آخر، قال أطباء بلا حدود إن أربع نساء أصبن بنيران الرصاص بعد أن واجه الحراس احتجاجًا. وأفادت وسائل الإعلام المحلية في وقت لاحق أن شابًا يدعى عبد الله أحمد قتل على يد نساء متعاطفات مع داعش، لكن الدافع لم يكن واضحاً. وهذه ليست المرة الأولى التي يندلع فيها العنف هذه الفترة، لكنها المرة الأولى التي ينطلق فيها الإنذار بشأن الأوضاع في المخيم.
خطر استراتيجي
في مقابلة مع الإندبندنت في وقت سابق من هذا العام، وصف اللواء ألكسوس غرينكويش، نائب قائد التحالف الدولي المناهض لداعش، إمكانية التطرف في المخيمات بأنها “أكبر خطر استراتيجي طويل الأجل” في الحرب ضد الجماعة الجهادية، خارج العمليات العسكرية الجارية.
“القصص المروية التي لدينا عن بعض النساء مع أطفالهن الذين استسلموا، إن صح التعبير، هي أن هناك أيديولوجيات لمتشددي داعش منتشرة بينهن. من المؤكد أننا شهدنا تقارير من بعض الشركاء الذين يعملون في تلك المعسكرات عن وجود قدر لا بأس به من تلك الأيديولوجية”.
الهول هو الأكبر من بين عدد من المخيمات التي تضم عائلات مقاتلي داعش. ويبلغ عدد سكانه (70) ألف شخص – معظمهم من النساء والأطفال من سوريا والعراق، جنباً إلى جنب مع حوالي 9000 مواطن أجنبي. ما يقرب من نصف سكانه هم أطفال تقل أعمارهم عن 12 عامًا، الذين تعرضوا لسنوات من تلقين العقائد في عهد داعش، والتي قد تستمر حتى يومنا هذا.
أفاد الصحفيون والعاملون في المجال الإنساني الذين زاروا المعسكر أنهم شاهدوا نساء يصرخن بشعارات داعش، ووقعت عدة هجمات من قبل المتعاطفين مع داعش ضد السكان الآخرين لعدم التزامهم بالقواعد الدينية الصارمة للجماعة. في يوليو / تموز الماضي، قيل إن محتجزة أجنبية من داعش طعنت حارسًا كرديًا في الظهر، مما أدى إلى إجلاء عمال المنظمات غير الحكومية.
وقد كافح المجتمع الدولي لإيجاد إجابة على سؤال حول ما يجب عمله مع الآلاف من سكان الهول، وعدد من المخيمات الأصغر في البلاد. وأبدت الحكومات الأجنبية استعدادًا ضعيفًا لاستعادة مواطنيها من المخيمات بسبب مخاوف من أنهم سيشكلون خطرًا أمنيًا كبيرًا. يُعتقد أن هناك 19 امرأة بريطانية على الأقل حاليًا في الهول، ومخيمات روج وعين عيسى، مع ما لا يقل عن 30 من أطفالهم. تم نقل شيماء بيغوم إلى الروج من الهول، وقد ألغت الحكومة البريطانية جنسيتها وقالت إنها لن يُسمح لها بالعودة إلى منزلها.
خاص “شبكة المرأة السورية”