استضاف نادي الحوار في شبكة المرأة السورية في جلسته لشهر أيار الفنان السوري والممثل القدير “جمال سليمان” لمناقشة موضوع “صورة المرأة في الدراما السورية” وذلك عبر برنامج الزووم وبحضور أكثر من 60 سيد/ة سوري/ة من أعضاء وعضوات الشبكة وأصدقائها.
افتتحت الجلسة عضوة لجنة المتابعة والتنسيق مسؤولة نوادي شمس “مي العربي” بالترحيب بالضيف القدير وشكره على تلبية الدعوة والذي بدوره رحب بالحضور وبدأ بالحديث:
“كوني ابن الدراما السورية وكانت هذه الصناعة على الدوام حجراً كريماً في تاج الصناعة السورية، وأنا فخور وسعيد لكوني جزء منها، أستطيع القول بأن الدراما السورية بصرف النظر عن بعض الأعمال كان لديها نظرة تقدمية ونظرة طليعية لكثير من القضايا الاجتماعية وعلى رأسها قضية المرأة “
ثم تحدّث النجم سليمان عن الدراما السورية التي بدأت -حسب رأيه- على أيدي كُتَّاب أصحاب نزعة يسارية لديهم انحياز للمرأة والفقراء ولعبت دوراً مهمًا في المجتمع السوري وساهمت في رفع الوعي في قضايا كثيرة وطنية واجتماعية، ومن هذه القضايا قضية المرأة والتمايز بين الرجال والنساء وعدم تحقيق العدالة أولاً في المنظومة القانونية وثانيًا في الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع.
وذكر نماذج لأعمال ومسلسلات في الدراما السورية قدمت المرأة بصورة مشرفة:
كمسلسل “الزباء” الذي حقق نجاحًا واسعًا وجعل الجمهور السوري يتابع ويرى كيف كان هناك ملكةٌ تدعى “زنوبيا” يمتثل لأوامرها قائد الجيش وأركان الحكم، سيدةٌ تتمتع بقوة الشخصية والحكمة والنزعة الاستقلالية.
وذكرنا بشخصية “فطوم حيص بيص” سيدة محترمة ولها مكانة في مجتمعها ومستقلة ماديًا فهي صاحبة مشروع “فندق” وهذه المكانة لم تحصل عليها بجمالها أو ضعفها ولكن بشخصيتها القوية والمستقلة والمحترمة.
وأكّد أننا لو تطلعنا إلى الدراما في مساراتها لوجدنا كثيراً من المحطات التي لعبت دوراً كبيراً في رفع قضية المرأة فمثلاً مسلسل “الأجنحة” الذي كان يتحدث عن الضيم والعنف الذي يمارس بحقّ المرأة وعن رفض المرأة لهذا الضيم والعنف ودفاعها لنيل حقوقها، فقدم للمجتمع النموذج الذكوري الذي يضطهد المرأة ويعنفها بصورةٍ سلبيةٍ مما جعلنا نُستَفزُّ من الزوج وننكر تصرفاته ونتعاطف مع الزوجة.
واستعاد مع الحضور مسلسل “خان الحرير” وتحدّث عن الشخصية التي جسدتها الراحلة “مي سكاف” وهي شخصيةٌ ثائرةٌ ومتمردةٌ ورافضةٌ للعنف الممارس عليها.
ومسلسل “صلاح الدين” وشخصيةُ “الخاتون” من التاريخ الإسلامي، فهي امرأةٌ بسيرةِ حياةٍ تمتلك قدرةً هائلةً من الحكمة والبصيرة للتأثيرِ بقراراتِ الحاكم.
ومسلسل “عصي الدمع” الذي طرحَ قضايا تخصُّ المرأة بشكلٍ مباشرٍ وتحدّث عن المنظومة القانونية والأعرافِ والتقاليد والعلاقة التي جمعت شخصية البطلة التي جسدتها “سلاف فواخرجي” مع رجلٍ أكبر منها ذو مكانةٍ اجتماعيةٍ ويتمتع باللباقة ولكن في داخله نزعةٌ ذكوريةٌ وتسلطيةٌ. فالعمل أظهر لنا في النهاية أنها رغم حبها له وتعلقها به إلا أنها لم تستطع إلا أن تكون كجدّتها الشخصية التي جسدتها “منى واصف” وبذلك لم تتنازل لرجلٍ يحاول إلغاء كيانها في جعلها تحب مايحب. وتمردت ليس بالصراخ ولكن بطريقة رفض الواقع والمطالبة بالحقوق، بطريقةٍ تقول: أنا أحب الاحتفاظ بذاتي و شخصيتي وحبي لأشياء وتفاصيل لا يمكنني التخلي عنها.
وعن مسلسل “الفصول الأربعة” تحدث جمال سليمان وذكر الحضور بدور الرجل المنفتح في المسلسل، والأب المربي لفتاةٍ ذات شخصيةٍ مستقلةٍ وقويةٍ ومثقفةٍ. فهذا المسلسل اعتُبرَ ظاهرةً وحبلاً سرياً بين سوريا والسوريين اليوم .
وعن التغيرات التي طرأت على صورة المرأة في الدراما السورية اليوم
طرحت إحدى المحاورات وجهة نظرها قائلةً إن الدراما السورية تدهورت بعد وصولها لمكان مهم، وأنها في سنواتها الأخيرة يتم تسليط الضوء على تصوير المجتمع السوري على أنه مجتمع بغالبيته غير نظيف ويقدم صورة عن المرأة السورية على أنها نموذج فاسد.
فكان رد جمال سليمان أنه في بعض الأعمال يتم التركيز على جلب إعلاناتٍ وتحقيق الرواج يغض النظر عن المحتوى، وقال إن هذه الأعمال لم تظلم صورة المرأة فحسب وإنما ظلمت صورة الرجل كذلك والمجتمع ككل. واليوم يوجد صراعٌ بين نوعين من الدراما، دراما تخضع للسوق الرائج ودراما أخرى مازالت تسعى لتقديم مضامين ورسائل قيّمة، وقال إن المناخ للأسف ينحى لصالح نوع الدراما التي لا تقدم مضامين وأكّدَ أنها أعمال درامية متخلفة تظلم المجتمع ككل.
وإجابةً على سؤالٍ وجهته إحدى الحاضرات حول ما إذا كان سليمان يعتبر التغيير السياسي قد لعب دوراً في الفن والموسيقى أوالعكس، وهل يمكن فصل الفن عن السياسة.
اعتبر سليمان أن التغيير السياسي لا يأتي من فراغ ولكنه يأتي كنتيجة حتمية لتغيراتٍ من ناحية التعليم والثقافة والوعي وأكّد أنهم كفنانين لهم دور كبير في تغيير هذه البنية للمجتمع.
وأكد أيضاً أن الفن هو أكثر قوة من القانون والمحاضرات وما يستطيع الفن تغييره لا يستطيع القانون أو المحاضرات أو المقالات تغييره، فمنذ الأزل اخترع الانسان القصة والحكاية لإيصال رسائلَ مهمة للمجتمع لرفع الوعي، ذلك أن الفن لا يؤثر بشكل مباشر على القرارات السياسية ولكن يؤثر على البنية الأساسية للمجتمع.
واعتبر أنه على المستوى الشخصي وفي مسيرته الفنّيّة قدّم عدداً من الأعمال ذات خطابات سياسية واجتماعية مؤثرة، ولم يكن ينتظر الثورة للتعبير عن الرأي بالتغيير، وأكّد أن هذا دور الفن ولذلك امتهنه واحترفه.
وتحدّث عن الفن الهابط واعتبره عملاً سياسياً، فهو يفرّغ الفنَ من محتواه ويحوله إلى أداةٍ للترفيه والتسلية وليس أداةً للتغير ونشر الوعي.
محاورة أخرى شاركت بسؤالها لسليمان حول كيف يرى الدراما السورية في المستقبل وتساءلت هل سنرى الممثلين الكبار الذين فرقتهم السياسة في أعمال مشتركة.
فأجاب سليمان : عندما نستطيع إنقاذ سوريا ننقذ كل الصناعات وعلى رأسها صناعة الدراما، وأكّدَ أنه في كل الاجتماعات التي يحضرها على الصعيد السياسي ويتم خلالها الحديث عن إعادة بناء سوريا والمصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية، يتم وضع الدراما والإنتاج الفني في مقدمة مشاريع إعادة الأعمار، إيماناً بأنه لن يستطيع أحدٌ أن يبني ويؤسس لمصالحة وطنية ولعدالة انتقالية كما يفعل الفن.
وفي نهاية الجلسة التي استمرت لأربع ساعاتٍ، أكّدَ الجميع على ضرورة التحاور وأهمية وجود أنشطة تساهم في تعريف السوريين والسوريات على بعضهم/ن البعض بالدرجة الأولى، وأبدى جمال سليمان إعجابه بوجود نماذج نسائية سورية حققت نجاحاتٍ على كافة الأصعدة في كثيرٍ من البلدان العربية والأوربية.
جزء صغير من الجلسة
يمكنكم/ن مشاهدة الجلسة كاملة عبر قناة اليوتيوب الخاصة بشبكة المرأة السورية :
One Response
كانت جلسة وافرة بالمعلومات عن الدراما السورية وكذلك وجهات نظر مختلفة من الجميع أغنت الندوة …شكرا للأستاذ جمال ولشبكة المرأة السورية.