Search
Close this search box.

الاتحاد الاوروبي والإعادة القسرية لللاجئين

الاتحاد الاوروبي والإعادة القسرية لللاجئين

التغييرات على سياسات اللجوء في عدّة دول أوروبية قد تُمهّد لانتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية، والبروتوكول الأول من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

منذ نهاية عام 2019 وحتى الآن شهدنا تغييرات واضحة في سياسات عدة دول أوروبية حول اللجوء وخاصة استقبال اللاجئين السوريين، وتنوعت الأسباب التي بنت عليها حكومات هذه الدول التغييرات بين تقارير تدعي تحسن الأوضاع الأمنية في تناقض واضح مع تقارير أوروبية وأممية، أو بالاستناد للمادة 32 من اتفاقية اللاجئين لعام 1951 والتي تتضمن استثناءً عن مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتجيز طرد اللاجئ الذي صدر بحقه حكم نهائي لارتكابه جرماً يشكل خطراً على المجتمع الذي يعيش في، متجاهلة القيد الوارد على الاستثناء في المادة 32 ذاتها والذي يمنع إعادة اللاجئ إلى بلده إذا كان من الممكن تعرضه لحالات اضطهاد وتعذيب أو انتهاك لحقوقه الأساسية والذي يوجب في هذه الحالة تسهيل عملية التماس لجوءه في بلد آخر.

حيث أن الحكومة الألمانية فشلت منذ بضعة أيام في تمديد قرار حظر الترحيل إلى سوريا الصادر عام 2012  الذي يمدد كل ست أشهر وذلك نتيجة تصاعد دعوات لترحيل اللاجئين المدانين بجرائم و أعمال عنف والذين من شأنهم أن يشكلوا خطرا في تعزيز لخطاب كراهية ضد اللاجئين بدل التركيز على وضع حلول للتحديات التي يواجهونها، وبدل التركيز على دعم جهود المساءلة والعدالة التي من شأنها أن تلاحق المتورطين بأعمال العنف أو جرائم.

بينما قررت وزارة الهجرة والاندماج الدنماركية في كانون الأول 2019 سحب إقامة الحماية المؤقتة من لاجئين سوريين تمهيداً لإعادتهم إلى سوريا مع الإشارة إلى تحسن الوضع الأمني في محافظة دمشق والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة عموماً. كما أعلنت عن مراجعة شاملة لقضايا اللاجئين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة للتحقق ممن لم يعد بحاجة منهم إلى الحماية وترحيله من الدنمارك وذلك ضمن إعادة تقييم أوضاع اللاجئين على أراضيها. وقد وثّق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا VDC عدة قرارات رفض لتجديد الإقامة بحجة عدم وجود خطر في حال العودة لسوريا.

وقد شملت التغييرات في سياسات اللجوء خفض في المعونة التي يحصل عليها اللاجئين، وفرض قيود على عمليات لم الشمل، واقتصار مدة تمديد الإقامة للحالات التي تحصل على موافقة لعام واحد دون أي ضمانات بتجديدها مما يجعل عملية الاندماج في المجتمع المضيف هشّة جداً نتيجة الخوف والقلق من العودة الإجبارية.

لقد أكدت عدة تقارير بما فيها تقارير صادرة عن الحكومة الألمانية على استمرار المخاطر على العائدين وعلى عدم وجود مناطق آمنة على امتداد الجغرافيا السورية. إضافة إلى تقارير من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تظهر أن العامل الأساسي في قرار اللاجئين بعدم العودة هو الحماية والسلامة، كما أكد المبعوث الدولي إلى سوريا في إحدى الإحاطات الدورية على استمرار مخاطر العمليات العسكرية ونزوح المدنيين في البلاد[1]، واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أطراف النزاع وخصوصاً الحكومة السورية التي مازالت تمارس الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب في المناطق التي استعادتها من المعارضة بما فيها جنوب دمشق[2]، كذلك حملات الاعتقال التعسفي التي تقوم بها بعض المجموعات المسلحة المعارضة في مناطق سيطرتها والهجمات العشوائية على المدنيين في مناطق سيطرة الحكومة.

وقد وثّقت عدة تقارير تعرض العائدين للاستجواب والاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال ما يزيد عن 62 شخص من العائدين خلال عام 2020 وتعرضهم لانتهاكات واسعة بما فيها استخدام التعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء، ما يثير مخاوف جدية على حياتهم وحريتهم وسلامتهم. يضاف إلى ذلك الوضع الاقتصادي المتدهور ودمار البنى التحتية في سوريا، وتفشي وباء كوفيد-19 [3]، وتقييد عمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، وانعدام القدرة أو الرغبة لدى الحكومة السورية في تعويض الأشخاص الذين دُمرت أو تضررت منازلهم، وتأمين الحق في السكن والممتلكات والحصول على الوثائق الوطنية والمساعدة القانونية.

إن قرارات الحكومتين الألمانية والدنماركية، إضافة إلى خطاب إعلامي يركز على الجرائم على خلفية مرتكبيها العرقية أو الدينية من شأنها أن تحفز المزاجٍ العام المعادي لوجود اللاجئين والخطاب اليميني الشعبوي بتصويرهم كطامعين بالحياة في دول الرفاهية في حين أن بلادهم آمنة مع إغفال حقيقة أنهم هاربون من الموت. وقد بدأت تظهر ملامح ذلك في العنف ضد اللاجئين في اليونان الذي ترافق مع قرارات حكومية تفرض قيودا على مشاركة المعلومات من داخل مخيمات اللاجئين مما يلغي أي آلية رقابة على الانتهاكات ضمن هذه المخيمات بما فيها عمل المنظمات الغير حكومية، إضافة إلى تزايد عمليات الإبعاد القسري لطالبي اللجوء السوريين من قبرص الى تركيا ولبنان.  و نقل دبلن لـ 11 طالب لجوء سوري من المملكة المتحدة إلى إسبانيا، وتركهم دون وثائق في أيلول/ سبتمبر الفائت. وتشديد السويد الرقابة على حدودها مع الدنمارك، ومنح الشرطة حق منع دخول طالبي اللجوء ما يثير المخاوف عن مدى احترام معايير حقوق الإنسان وخاصة الحق في السلامة الجسدية.

إن هذه التغييرات الأخيرة على سياسات اللجوء تخل بالالتزام بمبدأ عدم الاعادة القسرية وتخالف الغرض من الاتفاق الدولي المتمثل بحماية الشخصية الإنسانية، والاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة، ومنها حقُّ التماس ملجأ والتمتُّع به خلاصاً من الاضطهاد، الذي عبرت عنه المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما تخالف المبدأ القانوني العام باحترام الصفة الطوعية كجوهر في عودة اللاجئين، الذين ينبغي أن يكونوا قادرين على اتِّخاذ قرار حُرٍّ وصادرٍ عن علم في شأن عودتهم إلى بلدهم الأصلي، بعيداً عن أي ضغط جسدي أو مادي أو نفسي بحيث تكون عودتهم طوعيةً، آمنةً، مستدامةً في طبيعتها. وأنْ يكونوا متمتعين بكافة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية. وأن تُبنَى العودة أيضاً على أساس التغيُّرات الجوهرية والدائمة في البلد الأصلي، من قبيل انتقال سياسي وانتخابات ديموقراطية، والبدء بعمليات بناء السلام، وإعادة حُكْمِ القانون. كما تخالف روح وفلسفة الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، والمادة 3 من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومبادئ القانون الدولي الإنساني والعرفي والبروتوكول الأول من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

إن المنظمات الموقعة أدناه تطالب الحكومات الأوروبية وخاصة الألمانية والدنماركية بما يلي:

  1. التراجع عن كافة القرارات التي تخالف مبدأ عدم الإعادة القسرية، والتي من شأنها إجبار اللاجئين بشكل مباشر أو غير مباشر على العودة إلى سوريا.
  2. إعادة تقييم سياسات الاندماج بما يتيح للاجئين الانخراط بشكل فعّال في مجتمعاتهم المضيفة وبما يراعي الظروف التي مروا بها وخاصة ضحايا الحروب والنزاعات.
  3. العمل على تنظيم برامج الدعم للاجئين في دول الجوار بما يتجاوز تأمين الاحتياجات الأساسية إلى وضع أكثر استدامة خصوصاً في سُبل العيش وتحسين أوضاعهم القانونية ومكافحة خطاب الكراهية ضدهم في هذه البلاد بالتعاون مع الحكومات والمؤسسات الأهلية ووسائل الإعلام.

 

المنظمات والمؤسسات الموقعة:

  1. أكاديمية لمار للتدريب والتطوير
  2. أوبراتسيوني كولومبا – فيلق السلام اللاعنفي لمجتمع البابا يوحنا الثالث والعشرون
  3. أورنمو
  4. إمبيونيتي واتش
  5. اتحاد منظمات المجتمع المدني
  6. التجمع السوري في شليسفغ هولشتاين
  7. الحركة السياسية النسوية السورية
  8. الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان
  9. الرابطة الطبية للمغتربين السوريين سيما
  10. الشبكة السورية في الدانمارك
  11. الشبكة السورية لحقوق الإنسان SNHR
  12. العدالة والتنمية المستدامة
  13. المجلس السوري البريطاني
  14. المرصد السوري لحقوق الإنسان
  15. المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
  16. المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
  17. المركز الصحفي السوري
  18. المنظمة المغربية لحقوق الإنسان
  19. بصمات من أجل التنمية
  20. بيتنا
  21. جمعية حواء لتمكين المرأة
  22. جنى وطن
  23. حُماة حقوق الإنسان
  24. حملة من أجل سوريا
  25. دولتي
  26. رابطة عائلات قيصر
  27. شبكة المرأة السورية – شمس
  28. شبكة حراس
  29. شمل – تحالف منظمات المجتمع المدني السوري
  30. لمسة ورد
  31. مركز أمل للمناصرة والتعافي
  32. مركز تعليم الديمقراطية وحقوق الإنسان
  33. مركز عدل لحقوق الإنسان
  34. مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)
  35. مع العدالة
  36. مكتب التنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة
  37. منظمة إيلاف للإغاثة والتنمية
  38. منظمة برجاف للتنمية الديمقراطية والإعلام
  39. منظمة بنيان
  40. منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف
  41. منظمة دعم المرأة
  42. منظمة دور
  43. منظمة كش ملك
  44. نقطة بداية
  45. نوفوتوزون
  46. هيئة الاغاثة الإنسانية الدولية – IHR
  47. هيئة الطبابة الشرعية الحرة
  48. وحدة المجالس المحلية

 

 

[1] : إحاطة المبعوث الدولي الى سوريا غير بيدرسون أمام مجلس الأمن يوم الثلاثاء بتاريخ 16 حزيران/يونيو  2020.

[2] : تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2020 حول سوريا.

[3]:   https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/syria-relief-declare-covid-19-emergency-syria

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »