اسمي هبة، أبلغ من العمر 27 عاماً، أقيم في دمشق، خريجة فنون جميلة، وأعمل مع إحدى الجمعيات الخيرية في الخفاء على جمع المساعدات الطبية والإغاثية. كنا قد قمنا بتشكيل هذه الجمعية بعدما تفاقمت الأزمة الإنسانية في ريف دمشق، وأجبرنا على العمل بعيداً عن عيون رجال الأمن، وبأسماء مستعارة كي لا يتم اعتقالنا. فالنظام لا يتوانى عن اعتقال عمال الإغاثة تحت ذرائع واهية وتوجيه اتهامات لهم مثل (المساس بأمن الدولة أو إهانة رئيس الدولة..الخ) وغيرها من الاتهامات والذرائع الباطلة التي تبيح له فرصة اعتقال العاملين في مجال الإغاثة.
وفي شهر كانون الثاني/ 2014 طُلب مني العمل على إدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى منطقة “التل” والتي تقع في ريف دمشق، ويوجد عند مداخلها العديد من الحواجز الأمنية التابعة للنظام السوري. انتابتني الحيرة في بداية الأمر، وفكرت مراراً عليَ أجد طريقة لإدخال هذه المساعدات لمنطقة “التل” بعدما تفاقمت الحاجة الإنسانية هناك. وبعد تفكير مضن وجدت نفسي أطلب المساعدة من صديقتي المحامية سوسن، وهي متزوجة وأم لثلاثة أطفال، حيث قمنا بتعبئة المساعدات في صندوق السيارة، بينما قمنا بإخفاء المواد الطبية تحت كرسي السائق. فالنظام السوري قد يغض الطرف عن المساعدات الإغاثية، ولكنه لا يتوانى عن اعتقال من يعمل في توزيع المساعدات الطبية.
عندما جهزنا كل شييء، مضينا بطريقنا إلى منطقة “التل” وكنت بصحبة صديقتي وأولادها الثلاث، وعندما وصلنا لإحدى نقاط التفتيش المحيطة بمنطقة “التل” بدأ العسكري بفحص صندوق السيارة، واستغرب من كمية الملابس والطعام التي في حوذتنا حينذاك، مما دفعه لتفتيش باقي أجزاء السيارة بما في ذلك مقاعدها الأمامية.
عندها أحسست بازدياد وطأة الخوف في قلبي، وشعرت وكأنني ورطت صديقتي وأطفالها في متاهة لا ناقة لهم بها، ولكن عزيمتي على مساعدة أهلنا في منطقة “التل” كانت أكبر من شعوري بالذنب تجاه صديقتي وأولادها، حينها قمت باختلاق كذبة بهدف إلهائه عن تفتيش باقي السيارة، قلت له: “صديقتي وأولادها سوف ينتقلون للعيش مع أهلها في منطقة التل بعدما طلقها زوجها، ومن أجل ذلك قامت بحزم أمتعتها وأمتعة أولادها وجلب لهم ما يكفي من طعام”.
في حقيقة الأمر اضطررت لخلق مثل هذه الكذبة حينها بهدف تشتيت انتباه الجندي عن المساعدات الطبية التي كانت في حوذتنا، وأيضاً بهدف حماية صديقتي وأولادها. في البداية أصيبت صديقتي بالصدمة، غير أنها فهمت مقصدي من وراء هذه الكذبة، وبدأت بسرد تفاصيل قصتها مع زوجها للجندي، حيث وجدنا أنفسنا في مضمار حديث نسوي عن علاقة المرأة بالرجل. تحمس الجندي لحديثنا النسوي ونسي أمر تفتيش مقاعد السيارة، بل وأمسك زمام الدفاع عن الرجل.
بعدما تأكدت أنه نسي أمر تفتيش مقاعد السيارة، طلبت منه السماح لنا بالمرور لأننا تأخرنا على أهل صديقتي الذين ينتظرون ابنتهم المطلقة وأبنائها بفارغ الصبر.
ملاحظة: لقراءة القصة على المنصة يرجى الضغط على اللوغو اعلاه
خاص “شبكة المرأة السورية”
2 Responses
جميلة ايضا هذه القصص التي ترتقي الى التراجيديا البطولية النسوية السورية العظيمة ..لاننا نعرف بالضبط من تواجه هذه المرأة وعلبة دوائها …تواجه ماخورا عجيبا من صناعة عائلة الاسد ..تحية لكن يا نساء سورية
النساء السوريات عظيمات وأنا متفائلة أنهن قادرات على صنع سورية المستقبل