تمنع الأعراف والتقاليد الرجال من تفتيش السيدات تفتيشا دقيقا الأمر الذي يتيح لهم التجول ميدانيا دون شبهات، فمنظر العباءة السوداء لا يثير الشك دون أن يكون متوقع أن هذا الرداء يختبئ حوله شخص انتحاري يسعى لتحقيق اكبر خسائر في الأرواح الأمر الذي دفع العديد من التكفيريين والجماعات الإرهابية في الكاميرون مؤخرا إلى اتخاذ النساء وسيلة لتنفيذ عملية انتحارية.
سنحاول رصد التفجيرات التي قادتها النساء في غرب إفريقا تحديدًا خاصة مع تزايد العمليات الانتحارية في تلك البلدان، والدافع وراء ارتكاب العمليات الانتحارية، وهل المرأة مدانة أم ضحية للاستغلال الفكري والجنسي المتطرف؟وما هي أبرز الدول التي شهدت ظهور “الإرهاب الأنثوي”.
سلسلة الإرهاب الأنثوي في نيجيريا
شهدت نيجيريا، خلال العام الماضي تزايدًا لما بات يعرف بالإرهاب الأنثوي من طرف حركة “بوكو حرام” والتي كان أخرها قيام عدد منهن بتفجير انتحاري لتكون بذلك النساء هي الذراع الأول للجماعة الإرهابية الآن.
وأولى العمليات الانتحارية التي قامت بها فتيات “بوكو حرام” هذا العام، كانت في شهر فبراير، حين فجرت أمرآتان أنفسهما في بلدة ديفا الحدودية في النيجر دون وقوع أي ضحايا
وفي يونيو الماضي، شهدت نيجيريا عمليتان انتحاريتان في نيجيريا واحدة في أوائل الشهر حيث فجرت 3 انتحاريات الشحنات الناسفة التي كن يحملنها دون وقع ضحايا، وفي أواخر الشهر فجر 3 انتحاريات أنفسهن وأودى ذلك بحياة ثلاثة أشخاص.
ولم يسلم الأطفال أيضا من قبضة “بوكو حرام” حيث قامت طفلة نيجيرية في الـ 12 من العمر بتفجير نفسها في مايو الماضي، في محطة حافلات في داماتورو شمال شرق نيجيريا ما أوقع سبعة قتلى على الأقل و31 جريحاً.
وقتلت فتاة 12 شخصاً حين فجرت نفسها داخل مسجد في بورنو، في هجوم لم تعلن أي جهة مسئوليتها عنه.
وتتوالي العمليات الانتحارية، والتي كان أخرها مطلع الشهر الجاري، حيث فجرن انتحاريات أنفسهن وسط سكان حاولوا الفرار من مسلحين متطرفين في قرية شمال شرق نيجيريا مخلفين العشرات من القتلى والجرحى لتتواصل بذلك سلسلة من الهجمات الانتحارية التي جاءت محصلتها حوالي 200 شخص خلال ثلاثة أيام.
فتيات الكاميرون يدخلن لعبة التفجير الانتحاري
في الكاميرون فجرت امرأتين انتحاريتين نفسيهما في 12 يوليو الجاري في مدينة فوتوكل شمال الكاميرون مما أسفر عن سقوط 12 قتيلا.
الفتيات الانتحاريات لا تتجاوز أعمارهن الـ 25 عامًا. فقد أشارت الدراسات إلى أن أعمار الانتحاريات يتراوح بين 16 والـ 25 عاما، وهناك حالات قليلة استخدم فيها أطفال يتراوح أعمارهم من 12 إلي 15 عام.
يونيو 2014 .. وبداية ظاهرة الإرهاب الأنثوي
في يونيو 2014 دشنت “بوكو حرام” أول تفجير لفتاة انتحارية حيث أرسلت الحركة الفتاة إلى ثكنة الكتيبة 301 التابعة للجيش النيجيري في كومبي. وقامت الفتاة بتفجير شحنة المتفجرات المخبأة تحت حجابها حيث قتلت نفسها وقتلت جنديًّا أيضًا، وقبل ذلك التاريخ كانت العمليات التي تنفذها الجماعة تتم بواسطة رجال ثم بعد ذلك توالت العمليات النسائية الانتحارية.
توسيع النطاق النسائي في العمليات الانتحارية عبر الاختطاف الجماعي للفتيات
اختطفت الجماعة في أبريل عام 2014 أكثر من 200 فتاة من مدرسة ثانوية في تشيبوك بشمال شرق نيجيريا، وأصبح لديها مخزون كبير من الأدوات التفجيرية التي صارت تعتمد عليه كأسلوب جديد للعنف والاغتيال.
وتتوالي عمليات الخطف الجماعي للسيدات حيث صرحت الأمم المتحدة، في تقرير لها في إبريل الماضي أن بوكو حرام خطفت ما لا يقل عن ألفي إمراة وفتاة نيجيرية منذ بداية 2014 وان كثيرات منهن تعرضن لانتهاكات جنسية أو جرى تدريبهن لاستخدامهن في القتال.
كانت “بوكو حرام” قد قامت بخطف 500 امرأة نيجيرية منذ عام 2009 وحتى الآن لم تفرج عنهن وتمارس ضدهن كل أنواع العنف الجنسي.
وتتبنى “بوكو حرام” معظم هجمات الانتحاريات في غرب إفريقيا، وتحديدًا في “الكاميرون، ونيجيريا، وتشاد” واصفة تلك الهجمات بأنها انتصار لها وللإسلام حسبما أعلنت موضحة “ضربوا أوكار الكفار في غرب إفريقيا”.
الدوافع والأسباب.. بين الاستغلال الفكري وتجارة البشر
تشير الدراسات إلى وجود عدة أسباب لتنفيذ الفتيات لهجوم انتحاري منها :
- أن تكون النساء المستخدمات إما نساء أو أرامل كن زوجات لمقاتلي بوكو حرام وقد تم غسل أدمغتهن أو تجهيزهن للقيام بمهمة مماثلة ليس فقط من أجل الشهادة وإنما أيضًا من أجل الثأر.
- أن تكون الفتيات الانتحاريات تم اجتذابهن إلى الجماعة بحجة الجهاد والاستشهاد وفعل عمل بطولي حيث يتم العبث بأفكارهن وتغيبهن وإرسالهن إلى معسكرات للتدريب علي ذلك.
- أن يتم عن طريق خطف الفتيات من الداخل والخارج وإجبارهن علي ذلك أو الحصول عليهن عن طريق جماعات غير شرعية متورطة في تجارة البشر.
منظمات حقوقية: لا سبيل لإنقاذ الفتيات سوي التثقيف والوعي
أوضحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، أن هناك زيادة مثيرة للقلق في عدد الهجمات الانتحارية التي تنفذها فتيات ونسوة صغيرات في شمال نيجيريا.
وأشارت المنظمة، إلى أن 27 امرأة وفتاة استخدمن في عمليات انتحارية خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، وهذا العدد يفوق عام 2014 بالكامل.
وكشفت المنسقة الإنسانية للأمم المتحدة في الكاميرون نجاة رشدي، في وقت سابق أن الجماعة اختطفت نحو 1500 طفل منذ مطلع العام الجاري وتستخدمهم كمقاتلين أو في أعمال أخرى.
ونددت منظمات ومراكز لحقوق المرأة، فكرة الانتحاريات واصفة إياها بأنها عمل غير آدمي بحق المرأة، داعية إلى إنقاذ الفتيات في غرب إفريقيا عن طريق التثقيف والتوعية بخطورة الأمر.
وطالبت المنظمات، بمواجهة حازمة للتعامل مع الجماعات المسلحة التي تمارس أقصي أنواع العنف ضد المرأة
ومن المؤكد أن استخدام “الإرهاب الأنثوي” هو أسلوب لن تتخلى عنه حركة بوكو حرام والجماعات المسلحة في القريب العاجل، ويبقي السؤال “إذا كان استخدام بوكو حرام لمفجِّرات انتحاريات من النساء هو علامة لليأس أم أنه لإظهار القوة؟”.