إيمان عادل
مريم المنصوري … مقاتلة إماراتية تشارك في الحرب التي تشنها قوات التحالف على مواقع “تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام” في سوريا، مما أثار جدلاً كبيراً في وسائل الإعلام العربي والعالمي، التي تناولتها بالتحليل والتعليقات، فهي المرأة الأولى التي تشارك في مثل هذه الحملات على المستوى العربي وربما العالمي.
ومع انتشار هاشتاغ # سوريا تحت القصف، الذي يقوده تحالف القوى العالمية ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وانتشار خبر مشاركة الإماراتية مريم المنصوري في هذه الحملة، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام العربي والعالمي بتساؤلات حول دور المرأة في ساحات القتال.
وتباينت ردود أفعال رواد موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر حول مشاركة المنصوري في الحملة، التي تقودها أمريكا، وقيادتها للسرب الإماراتي المقاتل. فقد عبر بعض المغردين على تويتر عن استيائهم لمشاركة المنصوري في هذه الحملة واعتبروها انتقاصاً من قدر الذكور، يتساءل كويتي “هل انتهى الرجال من عندهم؟”. بينما غردت أردنية أن مريم المنصوري من نشميات الإمارات وهي قادرة على الدفاع عن نفسها وعن الإرهاب. كما تداول بعضهم صوراً للمنصوري وأثنوا على مشاركتها حيث اعتبروا الأمر بمثابة خدمة لوطنها ولدور النساء في المجتمع الإماراتي المحافظ.
لكن الأمر لم يقتصر على المواقع العربية، فبعد أن أشادت قناة فوكس نيوز الأمريكية بكفاءة المنصوري وقدرتها على قيادة سرب طائرات وضرب مواقع داعش بحرفية، أثار تعليق لمقدم أحد برامج هذه القناة عن مدى قدرة المنصوري على إعادة الطائرة إلى موقفها بعد تنفيذها عملية القصف موجة من الاستياء على التويتر، خصوصاً بعد قول أحد مقدمي برامجها “بدلاً من جنود على الأرض… صدور على الأرض”، في إشارة إلى تمييز فاضح ضد المرأة من دولة تعتبر نفسها بلد المساواة والديمقراطية.
كما استغل بعضهم الأمر للمقارنة في تغريداتهم على التويتر بين ما وصلت إليه المرأة في الإمارات من تقدم، بينما لا تزال دول تناقش تأثير قيادة السيارات على مبايض المرأة، في إشارة إلى منع المرأة السعودية من قيادة السيارة.
ومن جهة أخرى، عبر عناصر تنظيم داعش عبر موقعي تويتر وفيسبوك عن استيائهم بمشاركة المنصوري في قصفهم، حيث سادت موجة استنكار لمشاركة امرأة في قتلهم مما سيحرمهم من الذهاب للجنة بعد قتلهم، حيث لن يتم اعتبارهم “شهداء”، على حد تعبيرهم. فكيف سيرثون من قُتل من عناصرهم على يد امرأة، وهم الذين زفوا “شهدائهم” على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب بمرثيات تتمنى لهم حوريات “حور العين” مع أنهار الخمر في الجنة السماوية، التي قدم اغلبهم للحظي بها بالجهاد في سبيل الله وفق مفاهيمهم الخاصة، بقتل الشيعة والأيزيديين والمسيحيين الذين لم يشهروا إسلامهم، وذبح السنة الذين لا يبايعون الخليفة البغدادي؟
لذلك وجه بعض المؤيدين لداعش أو عناصر منها إهانات وتهديدات للمنصوري، وكتب أحدهم: “وجه المجرم يجب أن لا يخفى عنكم، أحفظوه، حتى تعاقبوه”. ووصف مغرد آخر المنصوري بأنها “الطيارة الإماراتية المجرمة”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعبر تنظيم داعش عن تخوفه من وجود المرأة في صفوف الطرف الآخر، فقد أعلنوا سابقاً عن تخوفهم من النساء الكرديات اللواتي يحملن السلاح ضدهم في مواقع تواجد الأكراد.
فالرائد الطيار مريم المنصوري لم تحلق بالطائرة فحسب بل كانت قائدة التشكيل الجوي، الذي نفذ الضربات بين ليل الاثنين وصباح الثلاثاء الماضيين. ويبدو أن ضباط التحالف لم يكونوا على علم بوجود المنصوري، فقد تفاجأ أحد ضباطهم عندما اتصلت به المنصوري لتطلب إعادة تعبئة للوقود في الجو. لتكون بذلك أول امرأة إماراتية وعربية تقود مقاتلة عسكرية.
ففي الوقت الذي عبر فيه الإماراتيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن فخرهم بابنتهم مريم المنصوري، التي تشارك في الغارات الجوية لضرب معاقل “داعش”، قاموا من خلال تغريدات متواصلة بتفنيد البيان الذي وصفوه بـ”الملفق”، والذي يزعم أن عائلتها قد تبرأت منها. فقد استنكر عدد من أبناء العائلة هذا البيان، ونفوا صحته جملة وتفصيلا، مؤكدين وقوفهم إلى جانب ابنتهم مريم “البطلة والرمز”، على حد قولهم.
يذكر أن مريم المنصوري أول امرأة طيار مقاتل برتبة رائد، تقود طائرة حربية في الإمارات، ولدت في العاصمة أبوظبي، وتقود في هذه الحملة مقاتلة اف-16 الأميركية الصنع وسبق أن استضافتها عدة قنوات تلفزيونية.
وهكذا تحولت ساحات مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي للجدل حول جنس الكابتن مريم المنصوري وليس كفاءتها في خوض مثل هذه الحرب، لتكشف عن الصراع الأزلي بين المرأة والرجل ومحاربتها في كافة المجالات. فلدى رصد وتحليل كل ما سبق يتكشف لنا أن الهجوم على الكابتن مريم المنصوري ليس لعدم كفاءتها، فهي قد أثبتتها، بل من ناحية جنسوية ودينية بحتة، فكيف لامرأة أن تقود سرباً من الطائرات وتقتحم سماء الرجال وتبزهم في مجالهم؟ وكيف لها أن تمنعهم من دخول “الجنة” والحصول على “حور العين” عند مقتلهم على يدها؟ تساؤلات تعكس نمط التفكير الذكوري الذي يسود مجتمعاتنا العربية ويحد من تقدم المرأة وتبوأها لمناصب تبز فيها الرجل.