16 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 – في يوم الأغذية العالمي هذا العام، نود جميعًا أن نعرب عن قلقنا إزاء انتشار الجوع وتزايده في سوريا. لقد دفعت عشر سنوات من الأزمة المدمرة، والانهيار الاقتصادي الحاد الأخير، وجائحة كورونا )كوفيد-19 )ب أكثر من 12 مليون شخص نحو المعاناة من انعدام الأمن الغذائي. وتتعقد هذه المشكلة أكثر بسبب العوامل المناخية: فسوريا تعتبر واحدة من تسعة بلدان تعتبر في ” خطر شديد للغاية” جراء التغيرات المناخية الحادة، وسجلت ثالث أعلى نسبة بين البلدان المعرضة لخطر الجفاف. وتحذر الأمم المتحدة من أنه إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة، فإن ماليين الأشخاص الذين يعيشون في سوريا اليوم معرضون لخطر الجوع
. في حين أن انعدام الأمن الغذائي في سوريا ينبع من سنوات من النزاع والنزوح، إلا أنه أصبح الآن مدفوعا كذلك بتدهور الاقتصاد. ففي جميع أنحاء البلاد، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير. وفي الوقت الذي تواجه فيه الأسر في جميع أنحاء سوريا مستويات متزايدة من الفقر، يضطر الكثيرون منهم إلى اللجوء لخيارات صعبة. ويتزايد عدد الأشخاص الذين يأكلون كميات أقل، ويتخلون عن وجباتهم لإطعام أفراد الأسرة الآخرين، أو حتى إرسال أطفالهم إلى العمل، حتى يتمكنوا فقط من البقاء على قيد الحياة.
وتضيف العوامل المناخية مزيدً ا من المعاناة. وكانت الأمم المتحدة قد دقت بالفعل ناقوس الخطر بشأن أزمة المياه الأخيرة والظروف الشبيهة بالجفاف التي تؤثر على البلاد، ولا سيما في الشمال والشمال الشرقي. وقد أدت قلة هطول الأمطار وعدم انتظامها، وهو أمر بالغ الأهمية لنمو المحاصيل، ودرجات حرارة التي بلغت مستويات أعلى من المتوسط، إلى إلحاق أضرار بالمحاصيل المهمة في العديد من المحافظات. ولم تعد المناطق الزراعية التي تعتمد على الري والتي تبلغ نسبتها حوالي 40 في المائة قادرة على الاعتماد على توافر المياه.
عندما يقترن ذلك بالأضرار الحالية وإهمال الأراضي الزراعية وأنظمة الري بعد سنوات من النزاع، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المدخلات الشحيحة بالفعل اللازمة للإنتاج، فإن العواقب تكون وخيمة وطويلة الأمد. و في المناطق الأشد تضررا، يتخلى المزارعون ببساطة عن أراضيهم ويبيعون ماشيتهم. ولا يؤدي هذا التصرف إلى إنهاء دخلهم وتوقعات سبل كسب معيشتهم فحسب، بل يؤدي إلى زيادة أسعار الأغذية المحلية ونقص المواد الغذائية، مما يؤثر على مجتمعات بأكملها
. نظرا لأن أكثر من 60 في المائة من السكان غير قادرين بالفعل على ضمان الحصول على غذاء آمن ومغذي وكاف – و 8.1 مليون آخرين معرضون لخطر السقوط في براثن الجوع – فإنه من المحتم زيادة المساعدات العاجلة لتجنب المزيد من المعاناة. ومع ذلك، لن تكون المساعدات الإنسانية وحدها كافية لحماية الناس من الجوع. تعتمد توقعات الأمن الغذائي لسوريا على مجموعة واسعة من العوامل الاجتماعية والبيئية والاقتصادية. وتوجد حاجة ماسة إلى الاستثمار في برامج وتدخلات من أجل نظم غذائية ُمجدية اقتصادًيا وقادرة على الصمود.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة وشركاؤها يعملون معًا على إعادة تأهيل أصول الإنتاج الزراعي والبنية التحتية مثل أنظمة المياه ومرافق الري وذلك من خلال. ويظل كذلك مساعدة المزارعين على إدارة الإنتاج الزراعي بشكل أفضل هدفًا أساسًيا ، تعزيز وصولهم إلى المدخلات عالية الجودة والأسواق فضلا عن تعزيز أنظمة الإنذار المبكر لتحسين التعامل مع مختلف المخاطر الزراعية والكوارث الطبيعية.
وفي يوم الأغذية العالمي هذا العام، نشدد على أنه من غير المقبول أن يعاني الكثيرون من الجوع في سوريا اليوم. فمن الممكن إيجاد حلول للأزمة لكن الأمر يتطلب جهدًا جماعًيا منسقً ، مع استثمار حكيم ومسؤول. فبدون تحقيق الأمن الغذائي، ستظل التوقعات للأجيال القادمة في سوريا قاتمة. ومن أجلهم، ومن أجل أولئك الذين عانوا الكثير بالفعل، من الضروري أن نبذل المزيد لضمان حصول جميع الناس في سوريا على حقهم في الغذاء
. الموقعون :
السيد/ عبد الحكيم الواعر، مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والممثل الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
السيدة/ كورين فلايشر، المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (برنامج الأغذية العالمي)
السيد/ عمران رضا، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية لسوريا
السيد/ مهند هادي، المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية
للحصول على المزيد من المعلومات، يرجى الاتصال: تورستن لاجوي فلاينج، مسؤول الاتصالات الاستراتيجية للمكتب الإقليمي لتنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة المعني بالأزمة السورية torsten.flyng@un.org