وردة الياسين
أضعف الإيمان، كتابة “بوست” على الفيس، تغير صورة “بروفايلي”، أحدث نفسي. هل اقتطع مقطعاً من أغنية ما ليكون حالتي على “الواتس أب”، أي أغنية تلك، وأي صورة ومقولة تلك؟ ثم أهمد فجأة في السرير وأحاول عبثاً أن أرخي عضلات جسدي التي تشنجت، حين أدركت أن جل ما يمكن أن أفعله هو خربشات على مواقع التواصل الاجتماعي، ووضع سيلٍ من “لايكات ” وقلوب حب على صور وعبارات وذكريات و”فيديوهات” ينشرها مئات الآلاف من السورين أينما كانوا على صفحاتهم وعلى حالات “الواتس” خاصتهم، يباركون فيها من 15 أذار ولغاية 18أذار 2020، دخول ثورتهم عامها التاسع.
غني ياشيفان
” ..أغني لحمزة علي الخطيب، لطفل مزقت جسده الطلقات…” مقطع من أغنية “لي صديق من كردستان” يؤديها سميح شقير و “شيفان” وهو مقطع وضعه أحد أصدقائي كحالة له على الـ ” واتس أب” محتفلا بعيد الثورة التاسع.
وتتوالى على ذاكرتي عشرات من الأغاني والأناشيد التي أنتجتها الثورة السورية منذ انطلاقها في 2011. بدأً من أغنية سميح شقير الخالدة ” ياحيف” ، مروراً بقاشوش حماة، إلى أغاني عبد الباسط الساروت (حارس الثورة)، وبينهم كانت أهازيج وأناشيد بكلمات عن الثورة وللثورة بألحان تراثية شعبية بحسب كل قرية ومدينة ومنطقة.
وأوقن للحظة، بأنه عندما كانت الأغاني أعلى، كانت الثورة أقوى، فأرعبت المتربصين بها، فما كان منهم إلا أن أطبقوا على حنجرة القاشوش واستبدلوا غناء المتظاهرين بأصوات الرصاص، ليسقط بعدها الساروت(حارس الثورة) كمقاتل على جبهات الحرب.
يسقط العالم، يسقط كل شيء
صديقي ” عمر” (اسم مستعار)، من ادلب من كفرنبل، ترك بيته في موجة النزوح والتهجير الأخيرة بسبب القصف المستعر، واجتياح قوات النظام وحلفاؤه الروس لقرى وبلدات ريف ادلب الشمالي الشرقي في بدايات 2020، كانت لافتة كفر نبل الشهيرة ” يسقط النظام والمعارضة… تسقط الأمة العربية والإسلامية… يسقط مجلس الأمن… يسقط العالم… يسقط كل شيء” (لافتة من لافتات كفر نبل )هي التي شاركها في قصته على ” الفيس بوك” في عيد الثورة التاسع.
وأذكر دخول ” عمر” في حالة من الكآبة والحزن الشديد، عندما قتل رائد الفارس (مهندس لافتات كفر نبل) على يد جبهة النصرة ، وأذكر بعضاً من تفاصيل حديثنا عن لافتات كفر نبل التي أقيمت لها معارض في عدد من الدول ، وكيف تمكنت تلك اللافتات بجملها المعبرة دائماً عن السلمية من رفع وعي الشعب بثورته ومطالبها الحقيقة، وكيف بقيت تلك اللافتات مرفوعة في وجه الجميع، النظام والفصائل المعارضة وداعش وجبهة النصرة ( هيئة تحرير الشام حالياً).
“الكلمة، أشرس من كل أسلحة العالم، وأمضى من حد السيف” هذا ما كان يقوله لي ” عمر” باستمرار، كلما تحدثنا عن الآلية التي ممكن من خلالها أن نسترد سيرة ثورتنا الأولى.
الطفل إيلان
السلطات التركية، تحيل المهربين المتهمين في قضية الطفل إيلان إلى المحاكمة. كان هذا عنوان لخبر قرأته على أحد قنوات “التلغرام” منذ يومين. وينتابني شعور بالسخط، بالاختناق، ويبدأ رأسي بجمع صور مئات اللاجئين السوريين الغارقين على شواطئ اللجوء، صورعن ملايين السوريين المشتتين في أرجاء العالم والباحثين عن سماء أمنة. وكانت صورة الشاب السوري الذي تعرض للضرب المبرح من قبل السلطات اليونانية في شهر أذار 2020، أكثر الصور ضرراً على حالتي النفسية، ليس لأنها الأقسى، بل لأننا ندخل عام ثورتنا التاسع ومازلنا ننشد اللجوء ونبحث عن الأرض والسماء الأمنة بعيداً عن الوطن.
سأخبر الله بكل شيء
تعود عبارة الطفل السوري ” سأخبر الله بكل شيء” لتجتاح مواقع التواصل الاجتماعي من جديد تزامناً مع دخول الثورة عامها التاسع، وهي عبارة قالها طفل سوري قبل وفاته منذ ست سنوات. ويعلق بعض السورين ممن ينشرون هذه العبارة على صفحاتهم على “الفيس” أو يضعونها كحالة لهم على “الواتس أب “، بأن الله أرسل “فيروس كورونا” ليعاقب كل العالم على صمته المخجل إزاء ما عاناه الشعب السوري من قتل ودمار وتهجير طيلة السنوات التسع الماضية.
ومن باب السخرية الحزينة تجزم صديقتي رنا، بأنها معقمة أساساً، و فيروس كورونا لن يصيبها بأذى، فهي استنشقت الرصاص والبارود والكلور أيضاً عندما كانت في دوما.
الشيخ إمام
“شيد قصورك على المزارع، وافلت كلابك في الشوارع، واقفل زنازينك علينا… عمال وفلاحين وطلبة دقت ساعتينا وابتدينا، نسلك طريق مالهوش راجع والنصر قرب من عينينا” مقطع أغنية للشيخ إمام، هو المقطع الذي سأضعه على حالتي في “الواتس أب” بمناسبة دخول الثورة السورية عامها التاسع.