Search
Close this search box.

لا للتنمر اللفظي ضد النساء

لا للتنمر اللفظي ضد النساء

كم من الوقت استغرقنا اليوم ونحن نقلّب في هاتفنا الذكي صفحات الأصدقاء على وسائل التواصل الاجتماعي؟ جوابنا على هذا السؤال يختلف من شخص لآخر، ولكنه يثبت من دون أدني شك أن التواصل عبر الإنترنت بات جزءًا هامًا من حياتنا. ولا أبالغ حين أقول أن الكثير من الآفات والمشاكل المتجذرة في الحياة الواقعية انتقلت إلى الحياة الافتراضية، من بينها ظاهرة التنمر اللفظي. وبما أننا نعيش في حقبة تتميز بالحروب والانحدارات التاريخية، طفا العنف على السطح أكثر من أي وقت مضى.

التواصل عبر الإنترنت لغوي بالدرجة الأولى، مما يجعل التنمر اللفظي يستفحل. العنف على وسائل التواصل الاجتماعي عام ويصيب الجميع، ما عليك سوى أن تكتب خبرًا غاضبًا حتى تنقل شحنة سلبية إلى جميع أصدقائك. ولكن التنمر يكون أحيانًا موجهًا إلى شخص بعينه، وهذا ما يجعل الإنترنت عالمًا لا يُحتمل. جميعنا عرضة للتنمر، رجالًا ونساء، صغارًا وكبارًا. كما أن شريحة المتنمرين تضم النساء والرجال على حد سواء. ولكن من دون أن أجري استبيانًا أو دراسة، ألاحظ أن هناك فئات اجتماعية تتعرض للعنف أكثر من غيرها، وعلى رأسها النساء.

معلوم أن العنف اللفظي ضد النساء سرعان ما يتخذ منحى جنسيًا، ولا داع لضرب أمثلة عما يقال عن امرأة صدف أن وقعت فريسة لأحدهم. ولا داع أيضًا أن أؤكد على أن هذا النوع من العنف مؤلم للغاية، مع أنه لا يكلف الفاعل سوى بضع ضربات على الكيبورد. ربما هذا الفرق بين الجهد المبذول والألم المحقق هو ما يجعل العنف اللفظي ينتشر ويتمدد. برأيي ينبغي علينا كسوريين وسوريات أن نعيد النظر في قواعد التواصل الالكتروني وأخلاقياته، ونطلق حملة تكافح العنف اللفظي بكافة أشكاله وألوانه، ولا بأس أن نبدأ بما تتعرض له النساء.  

حاولت طرح هذه الفكرة على المتواجدات على أرشيف الحراك النِسوي السوري، وهناك ولدت فكرة إصدار بيان توقعه النساء السوريات. وهناك أيضًا وضِعت اللبنة الأولى للنص الذي سيتطور لاحقًا ليصبح بيانًا توقع عليه 153 امرأة سورية. قد لا يكون البيان الحل الأمثل لمشكلة العنف اللفظي تجاه المرأة، وربما يولّد أثرًا سلبيًا في البداية، كأن يتذكر البعض فجأة مواهبهم الكامنة بالمجاكرة والسخرية. ولكن في الوقت نفسه، وتحت السطح، أتوقع أن الناس ستنتبه للقوة التي تستعرضها النساء، ويكتشفون فجأة أنهم ليسوا أمام امرأة واحدة يسهل اتهامها بالعقد النفسية والتعصب والقبح، وإنما أمام لفيف من النساء الواعيات.

وقد يتساءل البعض: ماذا يقدم البيان وماذا يؤخر؟ وهو تساؤل مشروع، لأن أي تغيير أوتصليح للأعطاب سيكون في غاية الصعوبة، ولن يكون بياننا سوى قطرة ماء على صفيحة ساخنة. ولكن بإمكاني أن أسحب هذا التساؤل على كثير مما نقوم به في الواقع أو على الفيس بوك، فما جدوى كل هذه البوستات والردود مثلًا، وما جدوى اللايكات، ما جدوى الصراخ، ما جدوى الاحتجاج بكل أشكاله؟ رغم أن سؤال الجدوى مشروع، إلا أنه لا ينسحب على البيانات فقط، بل على وجودنا بأكمله، وبرأيي يعبر عن سلبية واستسلامية. فضلًا عن أن البيان لا يمنع ظهور أشكال أخرى من الاحتجاج، كالمقالة، أو الاستبيان، أو الدراسة أو أي شيء آخر، بل ربما هو يحفز على ذلك. في الحقيقة سقف طموحي ليس عاليًا، وأدرك تمامًا أن التنمر على النساء لن يختفي بين ليلة وضحاها، وربما لن يختفي أبدًا. كل ما أطمح إليه هو إثارة النقاش حول المشكلة، وإبرازها للنور، وإخراجها من خانة المقبول والعادي والطبيعي والحتمي.

وبعدما طرحت البيان للتوقيع وردني أربعة تواقيع من رجال، مع أن خطتي كانت أن يكون نسائيًا حصرًا. فكرت مليًا وقررت ألا أغير خطتي. طبيعي أن تتشارك النِسويات مع النسويين الطموح في بناء عالم أفضل نعيش فيه متساوين فيما بيننا. ولكن ثمة فرق، برأيي، بين المرأة النِسوية والرجل النِسوي، والفرق ليس من ناحية التطلعات، وإنما من ناحية تجارب الحياة. نسبة تعرض النساء للعنف الذكوري أكبر بما لا يقاس من الرجال. ولم أسمع كثيرًا عن رجال تعرضوا للتنمر من النوع الذي تتعرض له النساء. من المهم التأكيد على هذه التفصيلة وألا نعوّمها من خلال أربعة رجال يوقعون معنا. كما أني أعتقد أن دور الرجل يختلف عن دور المرأة في الحركة النِسوية. النِسوي داعم بالدرجة الأولى، والنِسوية فاعلة. كما أنه بإمكان الرجال دعم البيان والتوقيع عليه من خلال مشاركته على صفحاتهم وإطلاق نقاش إيجابي بعد صدوره. وبهذا نكون شاركنا جميعنا بنجاح هذه الحملة. وهذا لا يمنع طبعًا أن يطلق أحدهم في المستقبل مبادرة بيان جماعي مشترك بين الرجال والنساء يؤكدون فيه على التعاون والإخاء، وسأكون من أول الموقعات.

ولكن إلى ذلك الحين ما زال أمام النسويات شغل كثير على تطوير العمل الجماعي، فنحن عالقات فيما بيننا بخلافات فكرية وشخصية. أتمنى أن يكون هذا البيان بشارة خير لذوبان بعض الثلوج العالقة في القلوب، ورافعة صغيرة للحملات النِسوية في المستقبل، وتعويضًا آنيًا عن تقصيرنا بمواكبة الموجات النسوية العالمية. كما أتمنى أن يكون مفيدًا لمن تتعرض منا للعنف اللفظي على وسائل التواصل الاجتماعي، فتلصقه على حائط المتنمرين، دون أن تتعب نفسها بالشرح والصد والرد، ونكون بذلك مددنا يد العون لبعضنا كما يليق بالنسويات.

ويهمني القول أن البيان كتبته امرأتان أخريان، واقتصر دوري على التنقيح وبعض الحذف والإضافة. لا شك أن النص ليس مثاليًا، وقد نختلف على التفاصيل، وعلى أمور كثيرة أخرى، ولكن مما لا شك فيه أن جميع الموقعات اتفقن على البيان التالي:

نتابع كنساء سوريات بكثير من الأسف والحزن المواقف العنصرية المتكررة تجاهنا واللغة المنحدرة والأسلوب المسيء في لغة الخطابة، وردود الفعل المهينة علينا، والمنتشرة في كل مكان، وبالأخص وسائل التواصل الاجتماعي التي تمثل المساحة الأوسع للتعبير لجميع الفئات والشرائح الاجتماعية والعمرية. ونعبر من خلال هذا النداء عن رفضنا واستيائنا الشديدين من هذه الأساليب واللغة الذكورية.

وإن أكثر ما يؤسفنا أن تصدر مثل تلك التصرفات ممن صُنّفوا بأنهم من النخب الثقافية، في حين كنا ننتظر منهم أن يكونوا حملة وعي وفكر ولغة خطابة تليق بهم كنخب منوط بها مهمة تغيير المجتمعات وأن يرتقوا بالوعي المجتمعي فيما يخص شريكاتهن في الإنسانية، وخاصة لما لهم من أثر كبير على تلك المجتمعات.

نؤكد على أننا كنساء نعتبر انحدار مستوى اللغة مقياساً معيارياً للثقافة وصدق ما يدّعيه الإنسان، وهذا الانحدار في مستوى الخطابة مع النساء الصادر من قبل الكثيرين يمثل سقوطاً ثقافياً وأخلاقياً لم نكن نرتجيه بعد سنوات طويلة من المعارك ضد الظلم والاضطهاد والجهل ويعطي مثالاً سيئاً للسوريين ويشجع على استخدام تلك اللغة وذلك الاسلوب المبتذل وتبني ردود الفعل المسيئة مع النساء.

الارتقاء بالأوطان وحمل قضايا أخلاقية وإنسانية يتطلب حملة لتلك الأخلاق يكونوا مثلاً يحتذى به في مجتمعاتنا لا مثالاً سيئاً يقوم بالإمعان بتخريب ماهو بالأصل يحتاج لإصلاح خرابه، ونناشد الشرائح السياسية والثقافية خصوصاً أن يكونوا على مستوى أخلاق قضايانا وعدالتها ويراعوا أساليب خطابتهم مع النساء ومواقفهم منهن كخطوة أولى في طريق بناء مجتمع سليم ومحترم.

وفيما يلي أسماء الموقعات حسب التسلسل الأبجدي. سوف يتم ذكر الأسماء فقط، دون الإحالة إلى المناصب، رغم أن ضمن الموقعات أستاذات جامعيات، ومديرات تنفيذيات، ومحاميات وصحفيات وفنانات ومترجمات وناشطات مدنيات. إلا أننا اخترنا أن تعرف كل واحدة عن نفسها بكونها (امرأة سورية)، لِما لهذه الصفة من قدرة على توحيدنا، بغية العمل على المشاكل والآفات التي تواجهنا في المجتمع والحياة، ولِما لذلك من تعبير عن اعتزاز بالأنوثة

 تمت هذه الحملة بمبادرة من رحاب منى شاكر.

(عدد الموقعات 153)

أحلام النزال

أسمهان شيخ طالب

إلهام عاشور

أليس مفرج

أليسار حسن

أمل العلي

أمل محمد

أمينة صوان

أناهيد درويش

إيمان الحمصي

باسمة عقباني

بيان حقي

بيان ريحان

تهامة درويش

تينا أبزاخ

دانا أتشمز

دانية يعقوب

دلال البش

دولت درباس

ديما السيد

ديما بري

ديما دهني

ديمة نشاوي

ديمة ضيف الله

دينا أبو الحسن

جمانة سيف

جمانة يوسف

حسنا السامح

حسناء بركات

حنان أحمد

خولة يوسف

خولة دنيا

راغدة الحريري

رانية حمور

راوية حرب

رباح صالح

ربيعة الخطيب

رجا سليم

رحاب حسون

رحاب منى شاكر

رزان غزاوي

ركان ملص

رندة مصطفى

رهف الدغلي

روعة عصفور

رولا أسد

رويدة كنعان

رؤى الطويل

ريم الحافظ

ريم تركماني

ريم شيا

ريم عبد الستار

ريما القاق

زهور محمود

  زين الجبيلي

زينة الكيالي

زينة بري

زينة قنواتي

سعاد خبية

سعاد عجان

سلافة عويشق

سلام مارديني

سلام محمد

سلام مصطفى الغدير

سلمى الهنيدي

سماح شاكر

سمر المير أحمد

سمر العبد الله

سميرة البهو

سميرة زعير

سهاد شتيوي

سوسن مارديني

سوزان خواتمي

سيما نصار

سيوف عارف

شمس جعبري

صبا الشويكي

صبا حكيم

صباح الحلاق

صباح ضميراوي

صباح نجار

صبيحة خليل

عالية أحمد

عزة زلوخ

علا الحوراني

علا حيدر

علا ملص

عندليب خليفة

غالية مردم بك

غدير نوفل

غنى محمد

فاتن حمود

فاتن عبارة

فادية أبو زيد

فاطمة بكور

فاطمة الحجي

فاطمة الحريري

فريال حسن

فضيلة الشامي

فيحاء الشواش

كريمة السعيد

كندة عامود

كندة عمرين

لبنى القنواتي

لمى راجح

لمى قنوت

لميس الرحبي

ليلى برهو

لويز عبد الكريم

لينا الجبولي

ماجدة خوري

مارسيل شحوارو

ماري تيريز كرياكي

مارية العبدة

مريم بكري

ملاك سيد محمود

منار شعبوق

منار شاكر

منى فريج

منى كتوب

منى خيتي

مي الحمصي

مي سعيفان

ميس قات

ميرفت خليل

مها جربوع

ناديا مهتدي

نبال زيتونة

نبوغ فاروسي

نيلوفر حمصي

نجاح سرحان

نغم غادري

نبال النبواني

نسرين حبيب

نهلة أبو رشيد

نهى الكمشة

نهى سلوم

نور سلامة

نور عباس

نيروز الزعبي

هبة بريص

هبة عز الدين

هديل القاسم

هديل قداد

هزار شاكر

هنا ابراهيم

هنادي السمان

هناء الخضر

هيام الباروكي

هيام الشيروط

واحة الراهب

ولاء صالح

ولاء عواد

يولا حنا

مشاركة

One Response

  1. نحييكن ونشد على ايادكن ونتضامن معكن والتنمر ظاهرة اجتماعية متجذرة في ثقافتنا أيضا من ذكور ضد ذكور آخرين و من نساء ضد نساء أيضا و من طفلات وأطفال ضد اطفال وطفلات أخريات في المدارس واماكن اللعب والتوعية بأخطارها و وضع حد لها مهمة الجميع كأفراد ومؤسسات وقوانين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »