Search
Close this search box.

كوتا نسائية غير مسبوقة  في الحكومة اللبنانية!

كوتا نسائية غير مسبوقة  في الحكومة اللبنانية!

غالية الريش

في خضم الانتفاضة الشعبية التي يشهدها لبنان، والأزمة الاقتصادية – المالية الخانقة التي يتمرغ فيها، بآثارها الوخيمة على حياة ومصير المواطنين اللبنانيين، -كما على كل المقيمين على الأرض اللبنانية من نازحين ولاجئين وعمال وعاملات أجانب يفوق ال400 ألف-، حيث  طالت قطاعات عريضة من الشعب اللبناني، جاء التشكيل الحكومي الجديد مرصعاً بانضمام ست وزيرات في حكومة عشرينية القوام، أي بنسبة 30% في خطوة غير مسبوقة تعكس تقدماً في الشكل والصورة وحسب، أمام تراجع حجم التوقعات “بإنتاجية” التشكيل الوزاري الجديد، وما يمكن أن يقدمه للتخفيف على الأقل من أعباء الكارثة الاقتصادية التي يعيشها لبنان،  فضلاً عن تلبية مطالب المحتجين في الشارع بعد 100 يوم على انتفاضته.

حكومة اللون الواحد – كما يتهمها خصومها في أحزاب 14 آذار، والمحتجين في الشارع تبدو مع تلك الكوتا الطافحة بالسيدات المستوزرات، حكومة بألوان متعددة ضمن المعسكر الواحد، الذي تبين أنه ليس على قدر التماسك والوحدة، إلا بالقدر الذي يمايزه عن قوى المعسكر الآخر، الذي انتزع مطلب حكومة مستقلين واختصاصيين دون مشاركته في الحكومة، بغض النظر عن طبيعة الوزراء المستقلين ودرجة استقلاليتهم عن المراكز الحزبية النافذة، التي لابد أن تلقي بظلالها الشاحبة على قراراتهم وتوجهاتهم.

البداية من هنا

بالرغم من التسريبات التي واكبت عملية التفاوض حول الحكومة في الاسابيع الماضية، فإنّ أكثرَ من إسمٍ شكَّلَ علامة فارقة مقارنةً بمراسيم تأليفِ الحكومات السابقة. تعيين إمرأة نائب رئيسِ الحكومة ووزيرة الدفاع. مفاجأة من العيار الثقيل تجاوزت بصداها تلك التي فاجأ بها الرئيس سعد الحريري اللبنانيين في حكومة العهد الثانية حين ترك حتى اللحظة الاخيرة إسم وزيرة الداخلية ريا الحسن في جيبهِ.
خيارٌ نوعيٌّ تعود براءة الاختراع فيه حصرًا الى الرئيسِ المُكَلَّف حسان دياب الذي جَنحَ نحو كوتا نسائيّة طافحة في الحكومة، وإن كان من طرحَ الإسم بدايةً هو الوزير جبران باسيل.
الوافدة الى اليرزة “مقر وزارة الدفاع”، ستكون أوَّل وزيرة دفاعٍ في عالمنا العربي. وبالتأكيد، فإنّ وَقعَ وصولها الى مكتبها في وزارة الدفاع لا يشبه، بالنسبة الى الضباطِ والعسكريين، قدوم أيِّ وزير دفاع آخر! خيارٌ انقلابيٌّ سيكون قيد التجربةِ طوال الولايةِ الحكوميّةِ.
دياب المندفع لتشكيل حكومة تشكِّل صدمةً ايجابيّةً لدى الرأي العام، “زكّى” خيار تعيين إمرأة نائب رئيسِ الحكومة ووزيرة دفاع في الوقتِ نفسه. وتجزم مصادره، أنّ إسمَ زينة عكر عدرا، زوجة الباحث والمُلمّ في علم الآثار ومدير عام شركة “الدولية للمعلومات” جواد عدرا، قد طرح بعد فترة على انطلاق عملية التشاور حول الاسماء، مع العلم، أنّ الاسم أتى نتاج توافقٍ مشتركٍ بين الرئيسِ المُكَلَّف ورئيسِ الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل في الساعات الاخيرة.
وتفيد المعطيات، بأنّ إسمَ زينة عكر الذي طُرِحَ بداية من جانب باسيل بموافقةٍ تامةٍ من الرئيس المُكَلَّف المُتحمِّس لخيار تعيين إمرأة في هذَيْن الموقعين، قوبلَ في أول مرحلة برفضِ رئيس الجمهورية الذي لم يكن ميّالًا لتعيين إمرأة في وزارة الدفاع بل ضابط سابق. وفي فترةٍ لاحقة طرح إسم العميد المتقاعد ميشال منسى الذي لم يلقَ القبول لدى قوى سياسية مؤثرة، كما جرى التفاوض حول دمجِ الموقعين أو فصلهما. وكان لافتًا، أنّه قبل صدور مراسيم الحكومة بوقتٍ قصيرٍ، جرى التداول بإسم بترا خوري (36 عامًا) الدكتورة والباحثة في مجال الطب، وهي قريبةٌ من التيار الوطني الحر، لكن رئيس الجمهورية رفض المقترح بسبب صغر سنها، كما كان الاختيار قد وقع أصلاُ على زينة عكر عدرا.
وزيرة الدفاع ونائب رئيس الحكومة هي من كفرحزير- الكورة في الشمال. تشغل موقع المديرة التنفيذيّة لـ “الدولية للمعلومات”، وتشرف على مجلة “الشهرية”. وقد أسّست مع زوجها جواد عدرا متحف نابو في الهري في أيلول 2018.
كما أنها ناشطة في لجنة الأهل في مدرسة “IC”. تعرف بعلاقاتها القوية جدًا مع الأميركيين، كما أنّ عمّها غابي عكر كان يشغل منصب مستشار في السفارة الاميركية في عوكر حتى العام 2005.
وبخلاف ما تمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ زينة عدرا ليست حزبية ولا قوميّة سوريّة، ولا صلة تربطها بالحزب، بل إنّ زوجها جواد عدرا تربّى في “بيتٍ قوميٍّ”، حيث أنّ والده نديم عدرا كان ينتمي الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، لكن خلال الحرب غادرَ الى أبو ظبي وأنشأ “صحيفة الخليج”، فيما تابع جواد عدرا دروسه في الولايات المتحدة الأميركية.
وزينة عدرا هي جارةُ الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط. المربّع الامني لرئيسِ الحكومة السابق. وهي وزوجها صديقان للرئيس الحريري وإبن عمته نادر الحريري. تطلّ شقتهما على “بيت الوسط”، ويخضع دخولهما وخروجهما الى المربّع الأمني للاجراءات نفسها التي تطاول سكان المنطقة المعزولة أمنيًا.
وبالتأكيد مع تعيين عدرا وزيرة للدفاع، فإنّ محيطَ بيت الوسط سيخضع لترتيباتٍ أمنيّةٍ جديدةٍ. وهي إجراءات اعتيادية تطاول عادة بعض منازل الوزراء من أصحاب المواقع الحسّاسة كالداخلية والدفاع!

لمحة عن الوزيرات المستجدات في حكومة رئيس مجلس الوزراء الجديد حسان دياب:

وزيرة الاعلام منال عبد الصمد:

شغلت رئيسة دائرة التشريع والسياسات الضريبية في مديرية الضريبة على القيمة المضافة في وزارة المال. أستاذة محاضرة في جامعة القديس يوسف في بيروت.

نالت دكتوراة دولة في القانون من جامعة باريس السوربون1 بتقدير ممتاز

وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه اوهانيان:

مواليد 1984، تحمل إجازة في العلوم الاجتماعية من الجامعة اللبنانية ودبلوم إدارة المشاريع من جامعة هايكازيان، وهي مديرة مركز زوار تنوشس التربوي والتأهيل لذوي الاحتياجات الخاصة التابع لجمعية العاملين الاجتماعيين للطائفة الأرمنية.

وزيرة العمل لميا يمين الدويهي:

مهندسة معمارية استشارية وأستاذة جامعية من مواليد زغرتا 1974، عضوة في مجلس إدارة شركة الدويهي لصناعة الخشب.

وزيرة المهجرين غادة شريم:

حائزة على دكتوراة ادب فرنسي تشرف على مجلة فيروز الصادرة عن دار الصياد 2008 ومديرة كلية الاداب والعلوم الاجتماعية بالجامعة اللبنانية 2016 وأستاذة بالجامعة اللبنانية وصاحبة صفحة “السياسة كلمة مؤنث” وتنشط  لتحصيل حقوق المراة اللبنانية السياسية.

وزيرة العدل ماري كلود نجم:

مواليد بيروت 1971 حائزة على اجازة في الحقوق ودبلوم دراسات عليا في القانون الخاص من كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف ببيروت وعلى شهادة الدكتوراة في القانون الدولي الخاص، بروفيسورة في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، ومديرة مركز الدراسات الحقوقية  للعالم العربي.

بالإضافة إلى كونها محامية بالاستئناف وعضوة في نقابة المحامين.

صدمة إيجابية لكن العبرة بالمحتوى:

مع أهمية كل التحفظات المحيطة بوصول السيدات الست وتبوأهن مواقع وزارية مهمة فهو يعكس بالمجمل مدى ماوصل إليه نضال المرأة اللبنانية في نيل حقوقها وتحسين مواقعها على كل الصعد على طريق دحر كل المورثات الاجتماعية والسياسية التمييزية، ووعي اللبنانيات الأهم اليوم، ان لا يُمسين واجهات أنثوية لسياسات وإيديولوجيات ذكورية وهو ما يحتاج لكثير من الجهد والوقت والصراع في آن معاً.

خاص “شبكة المرأة السورية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »