صباح الحلاق
نحن نرى أن “لا ديمقراطية من دون المساواة التامة في الحقوق المدنية بين النساء والرجال“هذا ماطالبت به معظم نساء سورية منذ انطلاق الحراك الديمقراطي، لذلك تنادين وتآلفن للمشاركة الفاعلة في انتفاضة شعبنا عبر تشكيل مجموعات نسوية ” نساء سوريات لدعم الانتفاضة” وعدد من التنسيقيات النسائية ، كما شاركن في تأسيس تيارات ثقافية وسياسية وفنية وحملات تضامنية للمدن المحاصرة وللأسر المنكوبة وقدمن أقصى مايمكنهن من الدعم المادي والمعنوي توجت بتقديمجثامين الشهيدات قرابين للانتفاضة.
كيف تجلت إبداعات النساء السوريات في الانتفاضة السورية:
ساهمت الانتفاضة السورية في إيقاظ الحس الفني والإبداعي المتحرر، وأفرزت تعبيرات فنية وجمالية متنوعة واكبت نضالات الشعب السوري بالدعم والتشجيع، وبرزت مبدعات في مختلف المجالات. ومنذ انطلاق الحراك الشعبي في سورية بادرت النساء للمشاركة عبر آليات الدعم المختلفة وصدر بيان “الحليب لأطفال درعا ” بمبادرة من عدد من الممثلات وكاتبات السيناريو وناشطات نسوية ومنهن ” ريما فليحان ويارا صبري ومنى واصف وغيرهن وصدح صوت الفنانة فدوى سليمان في حمص وتم اعتقال مي سكاف وعدد من النساء والشباب إثر تظاهرة في حي الميدان العريق ، كما شارك عدد من الممثلات في مؤتمرات المعارضة ومنهن لويز عبدالكريم وفيلدا سمور وبرزت أسماء عدد من الفنانات السوريات الداعمات للانتفاضة السورية عبر صفحاتهن على الفيسبوك ومنهن ” ناندا محمد- زينا الحلاق – ليلى عوض- سلاف عويشق- ريم علي- نسرين طرابلسي- أمل حويجة وهلا عمران. كما قدمت ممثلات أعمالا فنية درامية نشروها عبر موقع يوتيوب، من بينها مسلسل يحمل اسم “حرية وبس”،
وبرزت أعمال السيناريست والكاتبة كوليت بهنا المنخرطة في الانتفاضة في أعمال درامية ” عرضت على قنوات التلفزيون السوري في شهر رمضان.إضافة لمقالاتها في الصحف العربية وصفحتها المميزة على الفيسبوك.
أما إبداعات الأديبات السورية فقد تجلى بعدد هائل من المقالات التحليلية والداعمة للانتفاضة وبرزت أسماء نسوية كبيرة ومنهن سمر يزبك التي توجت مواقفها بكتاب تحت عنوان كلام الشهود- تقاطع نيران:من يوميات الانتفاضة السورية” واحتلت مقالات الكاتبة روزا ياسين وقصائد الشاعرة هالة محمد،ورشاعمران مكانا هاما في أدبيات الانتفاضة، كما برزت أفكار ومواقف الصحفية خولة دنيا في العديد من المقالات الأسبوعية وكذلك في المشاركة الفعالة في الانتفاضة السورية،أما سعاد جروس الصحفية المتميزة التي كتبت عدداً هاماً من المقالات بينت موقفها المنحاز كليا للانتفاضة , ونقرأ لسمية طيارة مقالتها ” أين الحقيقة فيما يجري في سوريا؟” وغيرها من المقالات وكذلك سمر يزبك في صحيفة الحياة، والكاتبة السناريست دلع الرحبي والصحفيات ميس كريدي وهنادي زحلوط وندى الخشو وايمان ونوس و كمالا عتمة وغيرهن الكثير اللواتي لم نذكرهن من الأديبات والصحفيات اللواتي شاركن بأقلامهن وهذا لن يبخس حقهن فعذرا منهن. كما تم اعتقال العديد من الصحفيات والمدونات خلال عام الانتفاضة ومازالت الكثيرات منهن قيد الاعتقال ومنهن الصحفيات العاملات في المركز الاعلامي” يارا بدر ورزان غزاوي وسناء وهنادي وميادة والصحفية السورية الحمصية المعتقلة منذ يومين عتاب لباد
كما برزت مواقف النساء العاملات في الوسط السينمائي ومنهن المخرجة المناضلة هالة عبدالله وغيرها ومع تزامن مهرجان أيام سينما الواقع “المحتجب هذا العام” تقام تظاهرة عروض لأفلام تسجيلية تبدأ من السبعينات وحتى هذه اللحظة…حول العالم لعرض أفلام حول سورية
ومن الفنانات اللواتي أعلن وقوفهن إلى جانب انتفاضة الشعب السوري أصالة نصري التي تساءلت بكل أصالة: “كيف لي ألا أشعر بأهلي ولا أرى ما يحدث ولا أسمع صراخهم الذي زلزل قلبي وعقلي وكاد يخترق روحي”؟ كيف لإنسان كريم أن ينسى أهله ويصم أذنيه ويعمي عينيه عن حقيقة ما يعيش.. كيف له بعد ذلك أن يعيش وهو بيمثّل وبيشتغل نفسه أولا قبل أي أحد آخر، ويتخلى عن المنطق والمصداقية وحقوق جمهوره؛ من أجل حفنة نقود أو رضا من حاكم ظالم أو حتى من أجل إيثار السلامة[1].” كما وجهت الفنانة لينا شامشيان رسالة إلى الأب الياس زحلاوي تقول فيها أن ماعلمها إياه في جوقة الفرح قد تناساه في تأييده للنظام.
ونجد على اليوتيوب الروائع من الأغاني والاسكتشات لمجموعات شبابية من صبايا وشباب البلد ومنها : بكاء السماء[2] و لمات وأداء: فرقة بنوتات. إضافة إلى فرق غنائية مثل “الدب السوري” و”جين” و”القاظان السوري” و فرقة فنية لمدينة السلمية شاركت الشابات السوريات في معظمها.ووضعت صور مناضلات سوريات على طوابع الثورة ومنهن” يارا صبري وفدوى سليمان”.
ولجأت بعض النسوة لابتكار طرق أبدعن بها للتعبير عن انضمامهن للانتفاضة ودعمهن لها ومنها: الاعتصامات المنزلية وخياطة الاعلام والأقنعة وتأمين الغذاء ورش الماء والبصل والكولا للمتظاهرين ونظمن المظاهرات النسائية في جميع مناطق سورية المنتفضة وأستشهد عدد كبير نسبيا منهن تجاوز ال400 إمرأة .
وتشكلت مجموعات الدعم الاجتماعي والتعزية لأهالي الشهداء وزيارات تضامنية للأحياء المنتفضة والصفحات النسوية لدعم الانتفاضة، والمشاركة بتأهيل الشباب/ات المعرفي بالمفاهيم والآليات السلمية والحملات التوعوية وعقد الورش والندوات النقاشية حول مفاهيم المواطنة والدولة والتيارات السياسية…
المشاركة في تأسيس التيارات السياسية والثقافية والفكرية:
ضمن الحراك السياسي السوري برز عدد من الأسماء النسائية كقائدات سياسيات على الرغم من قلة عددهن وذلك نتيجة لترسخ الفكر الذكوري المجتمعي إلا أن تأثيرهن بدا جلياً ولم يكن زينة التورتة على حد تعبير الصديقة مية الرحبي ومنهن وبسمة القضماني في المجلس الوطني ومنى غانم في تيار بناء الدولة وروز ياسين في هيئة التنسيق وعزة البحرة في حركة معاً وغيرهن من النساء اللواتي يعملن في الحراك السياسي ما قبل الانتفاضة فداء حوراني و رزان زيتونة وسيرين خوري ومية الرحبي ونوال يازجي وناهد بدوية وسهير أتاسي وفردوس البحرة وحنان اللحام وفرح أتاسي وسوسن زكزك وغيرهن الكثيرات ممن حرمن من حريتهن في السجون ومن السفر، والمتتبع للحركة النسوية خلال عامها الأول يلحظ نشاطا بارزا للنساء السوريات في التجمعات المدنية مثل الرابطة السورية للمواطنة ومواطنة ونبض وشمس ورؤية للتغيير وغيرها وعملت الشابات على صفحات داعمة للانتفاضة منها” المندسة وروزنامة الحرية كلنا سوا وغيرها الكثير.
المشاركة النسائية في التجمعات الفنية والثقافية:
ضمت رابطة الكتاب السوريين ” تحت التأسيس” أسماء أديبات وكاتبات وصحفيات ومنهن” ندى منزلجي، سماح هدايا، رشا عمران، ريما فليحان، غالية قباني، مهجة قحف، هالا محمد، أثير محمد علي، مرام مصري، رزان زيتونة، هدى زين، نوال السباعي، سمر علوش، عائشة أرناؤوط، كوليت بهنا، رغدة حسن، روزا ياسين حسن، مها حسن، ليلى حوراني، سوزان خواتمي، راغدة خوري، منهل السراج ، ديما الشكر، لينا الطيبي، فاطمة النظامي، سلوى النعيمي، أميرة أبو الحسن، إيمان ابراهيم، ابتسام ابراهيم تريسي، ريما الجباعي،
وضم تجمع مستقل للتشكيليين السوريين أسماء الفنانات التشكيليات السوريات، كما برزت أعمال الفنانات التشكيليات المبدعات في صفحة “الفن والحرية[3]” ومن الأعمال الفنية على هذه الصفحة يمكننا رؤية إبداعات فنية بريشة نسائية ومنها الطوفان – للفنانة عتاب حريب من ضمن مجموعة الحفر(دفتر سوري). نساء من بانياس حفر للفنانة عزه أبو ربعية وماجدة الحلبي من الجولان السوري المحتل – اسم العمل : ديكتاتور التقنية : زيت وزفتة على قماش 2012، عرس المزّة – تصوير ضوئي – ريما بدوي،طفل من درعا – فرح ابو عسلي،وسالي حمدان – الى أطفال كرم الزيتون،كرم الزيتون – شذى الصفدي الجولان السوري المحتل، نيروز أبو جمرة – العمل بعنوان: ديكتاتور ديك – تا – تور،مواد مختلفة – للفنانة سحر برهان – على أمل التحرير- لفنانة رندا مداح – بدون عنوان – نوال السعدون، ولوحة الفنانة روشان عمريكو بعنوان غياث قطرة مطر، العمل بالزيتي على قماش باسم: فتاة نازحة – سمر دحدوح، لوحة الصرخة ….إيمان سرحان – السويداء – اللوحة زيتية على القماش مكونة من 8 لوحات سكتشات إضافة لأعمال الفنانات” هند حسين و سوريا مجروحة إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر للفنانة ليلى ” Laila AIT BOUCHTBA ” وعمل ريم يسوف – قبلة وداع طفلتي، ، و لحد – اكريليك على كرتون لنورا درويش، . ودعمت السيدة رفيا قضماني الأعمال الفنية في صالتها الفنية التي سرعان ما تم اغلاقها من قبل السلطة.
وأطلق مشروع فني بعنوان “نساء الربيع العربي” كرسالة شكر لكل النساء في المنطقة اللاتي شاركن و ساهمن في الربيع العربي. الرسومات تتضمن الفنانة فدوى سليمان, سهير الأتاسي, الطالبة التي اعتقلت يمان القادري و أيضاً منتهى الرمحي. للفنانة نورا مسوح.
ومع تنامي دور الحركة الفنية وزيادة مشاركة المثقفين في الثورة السورية، أعلنت مجموعة من الصحافيين السوريين المنضوين في إطار مؤسسة أطلقت على نفسها “مؤسسة الشارع” عزمها على تنظيم “احتفالية الشارع” في “عدة أماكن وساحات” داخل سوريا وخارجها في ذكرى مرور عام على انطلاق الثورة السورية.وستمتد الاحتفالية من 15 مارس/آذار الجاري وحتى 22 منه، وستتوزع على عدة أماكن وساحات داخل سوريا، وساحات في عواصم عالمية.
وتضم الاحتفالية فعاليات عديدة من بينها “موسيقى الثورة”، و”الفن التشكيلي في تظاهرة الفن والحرية”، و”مسرح الثورة التفاعلي”، و”التجهيز بالفراغ”، وشهادات لشخصيات عالمية وموقفها من الثورة ومعرضا لـ”رسومات أطفال الحرية”. كما من من المقرر أن يصدر عن الاحتفالية ألبوم لأغاني الثورة بعد إعادة توزيعها.
ووفقا لمجموعة الصحفيين في “مؤسسة الشارع”، أجرى فريق العمل أكثر من خمسين مقابلة تلفزيونية مع أهم الشخصيات المؤثرة في الساحة السورية. كما تم إنجاز مجموعة من الأفلام، من بينها “تهريب 23 دقيقة ثورة” و”حماة 1982 حماة 2011″ وتم تصويرهما في مدينة حماة، وفيلم “آزادي” الذي يتناول علاقة الأكراد بالثورة، ومجموعة من الأفلام صورت في حمص والرستن ودرعا.
وأخيرا نقول إن سورية القادمة على أنقاض الماضي، والمنبعثة من المخاض العنيف الذي تعيشه اليوم ستكون بحاجة إلى مواطنين ومواطنات متسلحين/ات بثقافة المواطنة، قادرين/ات على العمل على رأب الصدوع الاجتماعية وعلى اجتراح الحلول المناسبة للمشاكل الطارئة. مواطنون ومواطنات عارفون/ات بحقوقهم/ن وواجباتهم/ن ومستعدون/ات للمشاركة في بناء سورية الجديدة المدنية، الديمقراطية.
تحية إلى كل نساء بلادي، لكل يد خاطت علما أو رسمت بريشتها لوحة أو اخرجت فلما اوصدحت بصوتها اوكتبت حرفا وتحية أكبر للشهيدات اللواتي عمدن طريقنا للحرية بدمائهن.
13/3/2012
[1] – تصريح لمجلة الشباب ” تجمع المثقفين السوريين لدعم انتفاضة 12-15 آذار
[2] – إنتاج : فريق شباب لأجل سوريا إخراج : غالب الأمين العمليات الفنية: استديولايف شكر خاص : براء كرزون – أحمد عمقية – مبين الامين – انس حريري
[3] – أطلقها فنانون/ات تشكيليون سوريون لمؤازرة الثورة