Search
Close this search box.

نافذة على” تجارة ” الأعضاء والأشخاص في سورية: الجريمة المنظمة بلباس المتاجرة  

نافذة على” تجارة ” الأعضاء والأشخاص في سورية: الجريمة المنظمة بلباس المتاجرة  

ناصر حدة

كشف رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق حسين نوفل أن هناك عصابات طبية تتعامل مع عصابات عربية ودولية للمتاجرة بالأعضاء وخاصة  بقرنية العين ، مشيرا إلى أن هناك آلاف الحالات ولاسيما في بعض المناطق الحدودية وفي مراكز اللجوء . أشار نوفل إلى أن العصابات المتاجرة بالأعضاء  تستغل حاجة المواطن السوري إلى المال وخاصة في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة حيث أن المواطن السوري أصبح يبحث عن أي وسيلة لتأمين قوت يومه. هذا الكشف  لا يعكس إلا قمة جبل الجليد لتلك الجريمة المنظمة وشبكتها العنكبوتية ،وأعمالها التي  لا تقتصر، في حدود بلد واحد في هذا المتسع المعولم  كما لا تقتصر على الأعضاء النبيلة بل تتعدى سرقة الأطفال الرضع من عائلاتهم ضحايا الحروب، الذين لا حول لهم ولا قوة. في هذا الإيغال بالوحشية صارت أعضاء الإنسان تباع وتشترى وتوزع  مثل أي سلعة  في انتهاك فظيع لكل القوانين الأخلاقية والإنسانية  الوضعية.

مافيا دولية

   تعتبر جريمة الاتجار في الأعضاء البشرية في الترتيب الثالث بعد تجارة السلاح والمخدرات، وفرعٌ من فروع  تجارة الأشخاص البالغة القدم، التي  تعود أصولها إلى تجارة العبيد والنخاسة الدولية. ودعونا نلاحظ أن تلك الجريمة بحد ذاتها، تميل إلى أن تسمى”الاتجار”، ولا تسمى باسمها الحقيقي. وكما هو معروف تزدهر تلك التجارة الأكثر خطورة  ووحشية وتتنقل تبعا لخط الأزمات الدولية ومناطق النزاع العسكري والبيئات غير الآمنة والفقيرة، بدءاً مما كشف عنه في الخمسينات أعقاب  حرب الكوريتين، وبإشراف منظم في السجون التي كانت تشرف عليها الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية، الذي حولته بالتعاون مع  مؤسساتها العلمية كحقل تجارب على السجناء والجرحى، وصولاً إلى حرب أفغانستان وكوسوفو والعراق وسورية.

تتضافر في تشكيل جريمة تجارة الأعضاء  مافيات  دولية منظمة، في ظل تواطؤ الدول ومؤسساتها الطبية. هذه المافيات  تعمل على توفير قطع تبديل لحاجة  بنوك الأعضاء البشرية، وتندرج شبكة واسعة من  الأطباء والأخصائيين والعملاء في توفير كل ما يلزم مع التنويه إلى خطورة ما توفره وسائل تكنولوجيا الاتصالات اليوم من عروض تسويقية وإعلانية للوصول إلى الأهداف وأماكن استبدال الأعضاء، التي يحتاجها على الغالب أشخاص ميسورون وذوي قدرة عالية على الدفع بمبالغ عالية.

قطار بطيء إلى البربرية

اللافت في سياق الحرب  السورية الجارية، أن الأطراف المتنازعة ذات الشأن والنفوذ العسكري، تتراشق الاتهامات المتبادلة بتلك الجريمة المركبة، وترمي كل منها  بالكرة في مرمى الطرف الآخر، ولكل منهم أدلته ووثائقه مما يشير إلى تورط الجميع في مستنقع هذه  الجريمة.  يسوق الإعلام العالمي والمحلي ما ترتكبه داعش على هذا الصعيد، و داعش في واقع الحال  تروض العقل الإنساني على توقع كل ما هو غير معقول وتجيز ارتكاب ما لا يتخيله عقل من الطبيعي في مساعي تعدد موارد تمويل دولتها الانخراط  في تجارة الأعضاء البشرية من تلك التجارة السوداء.

استنادا للديلي ميل البريطانية، فإن  داعش تستعين  بأطباء أجانب لإدارة شبكة واسعة للاتجار بالأعضاء البشرية في العراق وسورية. ذكرت الصحيفة أن التنظيم أنشأ بنكاً لحصر مسؤوليته بيع قطع التبديل: كلى بشرية ، قلوب ، أكباد في السوق السوداء الدولية المختصة بهذه التجارة ، وأوضح التقرير أن معظم الأعضاء البشرية تهرب من سورية والعراق إلى عدة بلدان مجاورة من بينها تركيا، فيما لا يوفر إعلام المعارضة السورية، توجيه الاتهام الصريح للنظام السوري، على إدارة تلك التجارة ومافياتها، وبما يملكه من “مواد أولية” من جثث القتلى والجرحى بشهادات أهاليهم. ومهما تكن  مساحة تطابق  تلك  المعطيات مع الواقع ومدى دقتها، ثمة ظاهرة خطيرة  تشير لمدى تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي والإنساني في سورية وتدل من جهة أخرى إلى حجم تورط المشاركين في تلك الجريمة المنظمة وتنوع مرجعياتهم الجهوية .

مؤشر التفاقم … وشبكة في قلب شبكات

هذه الشبكة مع غيرها من الشبكات  كما- تفيد تقارير موثوقة – صلاتها وثيقة مع بعضها، وتعمل داخل  سورية وتؤمن مناطق عبورها، وبالنسبة   لشبكة الاتجار بالأعضاء البشرية هناك خط “ساخن” بين حلب والقاهرة، وشبكة تقوم بإرسال الفتيات السوريات والعراقيات إلى دول الخليج ولبنان للعمل بالدعارة، وشبكات للاتجار بالأشخاص عن طريق استغلال العمالة المنزلية واستغلال دعارة الغير، إضافة إلى حالات الاتجار بالأشخاص كاستغلال الفتيات القصّر للعمل ضمن الملاهي الليلية – بيع وشراء أطفال التسول– بيع فتيات قصّر إلى تركيا- استقدام فنانات من جنسيات أجنبية للعمل كفنانات استعراض وتشغيلهن بالدعارة السرية.

ويفيد مصدر قضائي سوري ،أن عدد الضبوط المتعلقة بجرائم الاتجار بالأشخاص بلغ  295 ضبطاً، وعدد الموقوفين  724 وعدد الموقوفين من النساء 271 ومن الأطفال 352 خلال السنوات الثلاث السابقة. وخلال الـ2014  مثلا تم تنظيم 46 ضبطا تتعلق بجرائم الاتجار بالأشخاص وتوقيف 165 موقوفا منهم  43 امرأة و36 طفلاً . الرئيس الأول لمحاكم الجنايات بدمشق ماجد الأيوبي يعترف بتفاقم الظاهرة من خلال استقبال دعاوى بخصوص الاتجار بالأعضاء البشرية، لافتاً إلى أن نسبتها وصلت إلى 7% من مجمل دعاوى الجنايات  مع 100 ضحية سورية و125 سمساراً عربياً يحاكمون أمام القضاء السوري. أفصح الأيوبي أن هناك عدداً من القضايا المنظورة أمام محكمة الجنايات في دمشق والتي دلت على وجود عصابات لتهريب الأشخاص للاتجار بأعضائهم، حيث شهدت هذه التجارة، بحسب قوله،  نشاطاً ملحوظاً لبيع الأعضاء البشرية في بلدان عربية كمصر على سبيل المثال، وهي الأكثر شيوعاً.

 الكارثة الوطنية في سورية هي التربة الخصبة لتنامي الجريمة المنظمة، ومعافاة البلد ستتيح مدخلا بالتضافر مع الجهود الدولية المخلصة حقاً والمنظمات الأممية ذات الصلة بالحد من هذه  الظاهرة الإجرامية ، وتطويق أدواتها وتجفيف ينابيع تمويلها وأسبابها. السلام الحقيقي في سورية هو بداية الحل والمدخل الضروري لتطويقها وتجفيف أسبابها ومموليها ومجرميها،  ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا بإقامة نظام وطني وديموقراطي حقيقي في سورية.

خاص “شبكة المرأة السورية”

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Translate »